مؤتمر باريس.. تتويج لنهاية "عزلة" السودان
من برلين إلى باريس وواشنطن وطوكيو والرياض تفتح عواصم العالم أذرعها لاستقبال السودان، العائد إلى الحضن الدولي، بعد عقود من الإبعاد.
فقادة ومسؤولون كبار من دول العالم يتداعون، اليوم الإثنين، إلى باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدعم الانتقال الديمقراطي بالسودان.
مرحلة جديدة يدخلها السودان في علاقاته بالمجتمع الدولي، بعد عقود من العزلة السياسية عن العالم.
عزلة فرضها تلاحم نظام الرئيس المعزول عمر البشير مع منظمات الإسلام السياسي، ما أدخل السودان في أزمة اقتصادية، أثقلت كاهل البلاد بالديون، وزادت التدهور الاقتصادي، وأثّرت على الوضع المعيشي للمواطنين.
تبدّل الحال
قبل سنتين ونصف السنة ما كان العالم ليُجمع على إنقاذ السودان اقتصاديا، ودعمه ديمقراطيا، فقد كان رئيسه ملاحقا من الجنائية الدولية، وتتخذ طائرته معبرا محدودا في الأجواء خوفا من الاعتقال، والمثول أمام القضاة في لاهاي، بتهم جرائم الحرب ودعم الإرهاب.
مؤتمر باريس الذي ينعقد اليوم يتوج خطوات كبرى لعودة السودان إلى حضن المجتمع الدولي، أولها ترتيب البيت الداخلي باتفاق سلام تاريخي مع الحركات المسلحة، ورفع واشنطن اسم الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإبرام الحكومة الانتقالية اتفاقا مع صندوق النقد الدولي لإصلاحات هيكلية في اقتصاد البلاد.
وتوافد إلى الخرطوم في الأشهر الماضية قادة ومسؤولو دول كبرى، يعرضون يد العون لتجاوز السودان عهد العزلة، وتركة حكم الإخوان الثقيلة.
مؤتمر اقتصادي بنفس سياسي
مؤتمر باريس وإن كان ذا طبيعة اقتصادية؛ غير أن السلطات في السودان تنظر إليه عنوانا فارقا لعهد العودة إلى حضن المجتمع الدولي، بعد سنوات القطيعة ونبذ الخرطوم في المحافل الدولية.
هذا البعد السياسي عبر عنه بيان المجلس السيادي عشية المؤتمر بالقول إن المؤتمر يهدف إلى "التطبيع الكامل للسودان في المجتمع الدولي" وتسليط الضوء أمام المستثمرين الأجانب والقطاع الخاص والمصرفيين، بالإصلاحات الاقتصادية التي تجريها الحكومة السودانية، وإبراز فرص الاستثمار في القطاعين العام والخاص.
وعلى لسان رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، بينت الحكومة أيضا أن هدفها من مؤتمر باريس هو عودة البلاد إلى الحاضنة الدولية، وهي تحاول ألا ترفع سقف توقعاتها من المؤتمر.
وتعتزم الخرطوم خلال أعمال المؤتمر، تقديم خطة اقتصادية تنموية بقيمة 15 مليار دولار، تهدف لإعادة البلاد على مسار النمو، وخفض نسب التضخم وزيادة قيمة العملة المحلية أمام النقد الأجنبي، وخفض نسب الفقر والتضخم وإقامة مشاريع استثمارية في البلاد.
مرافقة المرحلة الانتقالية
جدير بالذكر أن مؤتمر باريس سبقه مؤتمر مماثل في برلين استضافته ألمانيا خلال شهر يونيو من العام الماضي، وحصل فيه السودان على تعهدات بنحو ملياري دولار مساعدات، من ممولين عرب وغربيين. وقدمت ألمانيا للسودان في هذا المؤتمر 150 مليون يورو.
وتعد فرنسا من أوائل الدول التي دعمت مسار الانتقال في السودان، وعبرت عن مساندتها لهياكل السلطة الانتقالية ممثلة في مجلسي السيادة والوزراء.
ومنذ الإطاحة بالبشير واتفاق القوى السياسية والعسكرية بالسودان على سلطات انتقالية يتكثف الدعم الدولي، الذي بدأ في يونيو 2019 بتشكيل مجموعة أصدقاء السودان للدعم الاقتصادي والسياسي للحكومة الانتقالية، من دول عربية وغربية بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والنرويج وبريطانيا والسعودية والإمارات ومصر.
وفي برلين وواشنطن والرياض ولندن عقدت عدة مؤتمرات لمجموعة أصدقاء السودان، لحشد التمويل لمساعدة الحكومة الانتقالية على عبور المرحلة.
وينتظر أن يعقد مؤتمر جديد العام المقبل في واشنطن، وآخر بالعاصمة اليابانية طوكيو لتشجيع الاستثمار في السودان؛ وفق ما أعلن أمس الأحد عمر قمر الدين مستشار رئيس الوزراء عبدالله حمدوك.