الانقسام والتخبط يضرب البيت الكردي منذ الاستفتاء
اتهامات بـ"الخيانة" قابلها بافيل طالباني نجل الرئيس العراقي السابق عقب انسحاب الأكراد من كركوك، تظهر تخبطا وانقساما بالقيادة الكردية
ما بين "الخيانة" و"حقن الدماء"، تنوعت ردود الأفعال الكردية إزاء تصريحات بافيل طالباني، نجل الرئيس العراقي السابق جلال طالباني بشأن أزمة إقليم كردستان عقب سيطرة الحكومة العراقية على كركوك دون مقاومة تذكر من الأكراد.
آراء بافيل حول القضايا التي صعدتها أربيل الشهر الماضي مثل الاستفتاء، ومصير المناطق المتنازع عليها بين العراق وإقليم كردستان، والنفط، كانت سببا في توجيه الاتهام له بـ "الخيانة"، في حين رآها البعض تصب في وحدة العراق.
وعن الاستفتاء الذي نظمته أربيل في الـ 25 من الشهر الماضي، قال بافيل إن إجراء استفتاء في كردستان العراق في الوقت الحالي هو "خطأ فادح". مضيفا أنه كان من الأفضل قبول المقترح الأمريكي بتأجيل الاستفتاء لعامين.
واعتبر بافيل طالباني أن "المناطق المتنازع عليها بحاجة إلي إدارة مشتركة لنزع فتيل الأزمة، وكركوك بحاجة إلى إدارة مشتركة بموجب آخر نتائج الانتخابات وتشكيل مجلس جديد للمحافظة وتعيين محافظ جديد إن لزم الأمر، لأن مدينة كركوك أكبر من أي شخصية أو حزب سياسي".
وبين أنه "يجب على حكومة إقليم كردستان والمركز تسوية الخلافات القائمة بينهما بشأن النفط والغاز والإيرادات بشفافية وبشكل يصب في مصلحة أهالي كردستان والشعب العراقي".
وتتنازع أربيل وبغداد السيطرة على عدد من المناطق، يأتي على رأسها منطقة كركوك، التي دخلتها القوات العراقية الأسبوع الماضي دون مقاومة تذكر من قوات البشمركة المتمركزة بها.
طالباني وسليماني
أنباء متداولة تشير إلى أن رمضان ديكوني، القيادي في قوات البشمركه التابعة لحزب الاتحاد، هو الذي أصدر أوامر الانسحاب من كركوك بطلب من نجل الرئيس العرقي السابق بافيل طالباني.
وتحدثت تقارير إعلامية أن الانسحاب من كركوك تم نتيجة تنسيق بين بافيل طالباني وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، دون تأكيد رسمي لتلك المعلومات.
وفي السياق ذاته، أرجع النائب عن كتلة التغيير في البرلمان العراقي، مسعود حيدر، انسحاب قوات البشمركة التابعة لحزب الاتحاد من كركوك إلى اتفاق أُبرم بين بافيل طالباني ورئيس منظمة بدر التابعة لميلشيا الحشد الشعبي، هادي العامري، بشأن تسليم مدينة كركوك.
وتابع مسعود أن الاتفاق بين بافيل والعامري أبرم نهاية سبتمبر الماضي، بإشراف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ويتكون من 9 نقاط.
وأوضح مسعود أن أول تلك النقاط: تمركز القوات العراقية في المناطق الكردستانية الواقعة خارج إدارة إقليم كردستان، وسحب قوات البيشمركة من تلك المناطق.
وعن ثانيها، يتم تسليم 17 وحدة إدارية من أقضية ونواحي كركوك للسلطة الاتحادية التي تديرها حكومة إقليم كردستان منذ عام 2014، وإذا لم يتم تسليمها فستطالب بغداد بـ 11 وحدة إدارية أخرى من التي تديرها حكومة الإقليم منذ عام 2003، ليصبح عدد الوحدات الإدارية 28 وحدة إدارية.
فيما يأتي ثالث نقاط الاتفاق ورابعها حول: تشكيل إدارة مشتركة لمركز محافظة كركوك، بحيث يُخصص 15 حيًا للكرد، و25 حيًا للمكونات الأخرى، وذلك لمدة 6 أشهر، وخضوع المناطق الاستراتيجية في كركوك لإدارة الحكومة العراقية، مثل قاعدة كيوان، والمطار، وآبار النفط.
وباقي النقاط تتمركز حول إعادة حركة الملاحة الجوية إلى مطار السليمانية، ودفع بغداد رواتب موظفي السليمانية وكركوك، ودفع رواتب قوات البيشمركة داخل السليمانية وفقًا للقائمة التي أعدها بافل الطالباني، وإنشاء إقليم (السليمانية - كركوك – حلب)، وأخيرا تشكيل حكومة جديدة للإقليم الجديد.
انتقادات وإشادات
في ظل الانسحاب من كركوك والحديث عن اتفاق بافيل والعامري، تصاعدت الانتقادات ضد نجل طالباني ووصفه البعض بـ "الخائن"، في حين نظر البعض إلى أن ذلك الانسحاب حقن دماء العراقيين وجنب كركوك معركة طاحنة.
القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، وقائد القوة 70 في قوات البيشمركة، جعفر شيخ مصطفى، قال إن بافيل طالباني، "خائن ليس معه سوي زمرة صغيرة"، في إشارة إلى دوره في انسحاب البيشمركة امام القوات العراقية في كركوك.
وأدان بيان القيادة العامة لقوات البشمركة الكردية انسحاب مسؤولي الاتحاد الوطني ووصفوه بـ "الخيانة الكبرى لكردستان".
واتهم البيان، مسؤولي الاتحاد بإخلاء "بعض المواقع الحساسة لقوات الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني بدون مواجهة وتركوا الأخ كوسرت رسول لوحده"، ورغم انتماء كوسرت رسول للاتحاد الوطني، لكنه ليس مواليا لجناح بافيل طالباني، بل يوصف بالمقرب من بارزاني.
من جانبه، رد بافيل على تلك الاتهامات قائلا: "اتهامي بالخيانة اتهام عار عن الصحة ولا أساس له". مضيفا أن "أولئك الذين يتهمونني بخيانة كردستان من قيادات الاتحاد الوطني هم الخونة".
وأشار نجل الرئيس الراحل إلى أن "قوات البشمركة قاتلت إلا أنها لم تتمكن من الصمود بوجه القوات العراقية المدججة بالأسلحة".
انقسام كردي
يذكر أن استفتاء الانفصال عن بغداد الذي نظمته أربيل، أواخر الشهر الماضي لم يلق قبولا من كل الأحزاب والشخصيات الكردية، ففي حين يؤيده الرئيس مسعود بارزاني وقيادات من الحزب الديمقراطي الكردستاني، كان الأمر مختلفا لدي قيادات من حزب الاتحاد.
وأصدرت رئيسة كتلة الاتحاد الوطني في البرلمان العراقي، آلاء طالباني، بيانا أكد دعم حزبها للحكومة العراقية، ولخطوة الانسحاب من كركوك.
وقالت "لا يمكن أن نضحي بقطرة دم واحدة من أجل الحفاظ على آبار نفط مسروقة في كركوك ذهبت أموالها إلى جيوب أحزاب وأشخاص"، في إشارة لحزب خصمها بارزاني.
في حين أطلق لاهور طالبان، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان، وابن أخ الراحل جلال طالباني، تصريحات وصفت بـ "العنيفة" ضد بارزاني؛ حيث قال: "إذا كانت لبارزاني ذرة غيرة لأعلن استقالته من رئاسة الإقليم وأنا لا أعتبره رئيسا لي".
وأضاف "بارزاني يحارب من أجل النفط ونحن من أجل الوطن، والاستفتاء كان لمجرد إخراج كركوك من تحت يد الاتحاد الوطني"، الذي ينتمي له لاهور.