اللؤلؤ في الإمارات.. فخر الماضي وجماله
اعتمد أهل الإمارات قديما على صيد اللؤلؤ اعتمادا كبيرا إذ كانت تعتبر هذه التجارة هي عصب الحياة بالنسبة لهم كما عمل في هذه التجارة الآلاف من سكان الدولة
عرف الخليجيون اللؤلؤ زينة وحرفة وصناعة منذ أمد بعيد، إذ اشتهرت منطقة الخليج العربي بحرفة الغوص التي عرفت في تلك المنطقة منذ أكثر من أربعة آلاف سنة تم خلالها استخراج اللؤلؤ من أعماق البحر، وأصبحت صنعة اكتسبت أهمية بالغة في الاقتصاد المحلي وشكلت بجانب التجارة وصيد الأسماك مصدراً للرزق، وهذا ما تؤكده دراسات عربية وأوروبية .
وقد اعتمد أهل الإمارات على صيد اللؤلؤ اعتمادا كبيرا، إذ كانت تعتبر هذه التجارة هي عصب الحياة بالنسبة لهم، كما عمل في هذه التجارة الآلاف من سكان الدولة في جميع إماراتها، ولكن مع ظهور النفط تضاءلت صناعة اللؤلؤ في البداية إلى أن انتهت كليا بعد ذلك حيث توقفت منذ قرابة الثلاثين عاما، وأصبح كل ما يتعلق بها من الذكريات التي عاشها الجيل السابق.
وتشير التقارير والوثائق التي تحتفظ بها سجلات الدوائر المختصة بالمنطقة إلى أن القيمة السنوية في المتوسط للؤلؤ المصدّر من الخليج العربي في بداية القرن الماضي كانت تقدر بنحو مليون ونصف مليون جنيه إسترليني، فيما بلغ مجموع دخل الساحل الخليجي من صادرات اللؤلؤ في سنة 1925 عشرة ملايين روبية هندية في الوقت الذي كان يبلغ عدد سفن الغوص لاستخراج اللؤلؤ التابعة لساحل عمان في بداية القرن العشرين 1200 سفينة تقل كل سفينة فريقاً يضم في المتوسط 18 رجلاً.
وقد دأب الخليجيون على إحياء تراث الآباء والأجداد ويواصلون إحياءه بمهرجانات وفعاليات سنوية، ومن بين أهم هذه المهرجانات تلك المتخصصة بالغوص والبحارة وصيد اللؤلؤ، كما أن بيوت الخليجيين لا تخلو من إشارة إلى هذا التراث فلا بد أن تحتوي منازلهم على مجسمات صغيرة للسفن وأدوات الصيد، وهو نوع من الزينة، بالإضافة إلى كونه دلالة تعبر عن ماضي البلاد الذي يفخرون به.
وازداد الطلب العالمي على اللؤلؤ قبل عصر النفط، الأمر الذي جعل منه عماد الاقتصاد في بلاد الجزيرة العربية، كما أصبح رافدا من أهم روافد الاقتصاد الإقليمي.
ومنذ القدم اشتهر اللؤلؤ الطبيعي الخليجي الذي يعتبر الأكثر جودة وصفاء وبريقا في العالم بأسره، ويمتد تاريخ تجارة اللؤلؤ على خمسة آلاف سنة على الأقل، وقد ازداد ازدهار هذه التجارة مع تكاثر الخطوط التجارة البحرية.
ورغم الظروف الصعبة والمعانة الكبيرة التي كان يعيشها العمال في هذا القطاع الحيوي، فقد تمكنت الدول الخليجية من الاستفادة من تلك الثروة الطبيعية الهامة في تلك الحقبة، واستطاعت أن تضع اللبنات الأولى التي تقوم عليها الدولة الحديثة.
تحضيرات الصيد
وتبدأ التحضيرات في أول يوم يخرج فيه أسطول السفن نحو "الهيرات" لصيد محار اللؤلؤ يسمى بـ"الشلة " أو "الركبة" حيث يكون فيه الاستعداد من قبل جميع البحارة للتوجه إلى الصعود على السفن، ويقف على الجانب الآخر وعلى الشواطئ كافة الناس وأهالي البحارة لتوديعهم ثم تتحرك القافلة متجهة إلى الأماكن المقصودة.
وفي اليوم الأخير للبحارة حين يعلن السردال أمير أسطول السفن ببدء رحلة العودة ويسمى "القفال" حيث كانت تطلق طلقة مدفع إعلانا من السردال ببدء العودة إلى الديار، ويبدأ الأهالي وهم على علم بعودة الأسطول في إعداد أنفسهم لاستقبال أبطال البحر بالأحضان .
ولطاقم الأسطول أسماء خاصة ومسؤوليات محددة وهم : "السردال" وهو قائد أسطول السفن وبيده أمر بداية الأسطول وعودته والذي يتميز بخبرته الواسعة بالبحر، و"النوخذة" وهو قائد السفينة التي يعد كل شئ لها من بداية رحلتها وحتى نهايتها وهو المطاع فيها دون اعتراض من أحد، و"المجدمي (لمقدمي)" وهو الذي يجلس في أمام السفينة ويحل محل النوخذة في بعض الأحيان، و"الغواص" وهو الشخص الذي ينزل إلى البحر ويغوص لاستخراج المحار والأصداف من البحر" و"السيب" وهو المعين المباشر للغواص وتقع عليه مسؤولية سلامة الغواص فهذا الرجل يمسك بحبل متصل بينه وبين الغواص فإذا حرك الغواص الحبل سحبه السيب بسرعة، و"السكوني" وهو الرجل الذي يمسك السكان أي "دفة" السفينة، و"الرضيف" وهم الصبية وأعمارهم بين الـ 10 و14 عاما يقومون ببعض الأعمال ومنها مساعدة السيب في سحب الغواص كما أن بعضهم يتدرب على الغوص .
ومن بين الأسماء أيضا "التباب" وهو الولد الصغير الحدث السن والذي يقوم بمساعدة من على ظهر السفينة بسكب الشاي وفلق المحار وغيرها من الأمور الخفيفة، و"الجلاسة (اليلاسة)" وهم الرجال الاحتياطيون الذين يحلون في أي طارئ يحدث لأحد الغواصين، ولكنهم يقومون بأعمال مثل فلق المحار، و"النهام" وهو المنشد في السفينة الذي ينشد الأشعار بصوت شجي من خلال عباراته ويدعو للبحارة بالخير والسلام، و"الطباخ" الذي يطبخ المأكولات ويعد الشاي، و"الكيتوب" وهو الشخص الذي يقوم بكتابة كل ما يحتاج إلى كتابة وأهمها ما يصيده الغواص ثم يتلوه آخر النهار، و"المطوّع" في بعض السفن ولا سيما الكبيرة منها كان بعض النواخذة - مفرد نوخذة - يأخذ معه المطوّع من أجل الصلاة وأحكام الدين.
الاستعداد للرحلة
وللاستعادات للرحلة يجب توفير عدد من الأدوات التي يستخدمها البحارة وهي: "الديين" وهو إناء مصنوع من خيوط متشابكة يعلقه الغواص في رقبته أثناء جمع المحار والأصداف ليضعه فيه، و"الحجر" وهي حجر يعلقها الغواص في إصبع إحدى رجليه لينزل سريعا إلى البحر ويتصل بهذه الحجرة حبل متصل بالسفينة ليرفعها السيب، و"الزبيل" وهو الحبل المتصل بالحجر الذي ينزل به الغواص إلى قاع البحر، و" اليدا" الحبل الذي يستخدمه الغواص للرجوع إلى السفينة ليرتاح قليلا ويأخذ نفسا إذ يحرك الغواص هذا الحبل بقوة فيقوم السيب بسحبه بسرعة ويستلم منه الديين ليفرغه ثم يعود الغواص إلى عمق البحر مرة أخرى، و"الفطام" مشبك يضعه الغواص على أنفه ليقيه دخول الماء من خلال أنفه، و"السكين" يحمل الغواص معه سكينا لكي يحتمي بها من المخاطر التي تحيط به .
وحول طريقة العمل في البحر خلال يوم كامل، فيبدأ بوصول السفينة إلى موقع اللؤلؤ والتي تسمى "الهيرات" فتقف هناك، ومنذ اللحظة التي تصل فيها السفينة يرفع النهام صوته منشدا وتبدأ الاستعدادات التي لاتتوقف إلا بانتهاء العمل.
ويحمل الغواص معه أدواته ثم ينزل إلى قاع البحر، وبمجرد وصوله يبدأ بجمع المحار والأصداف ويضعها في الديين وبعد دقائق معدودة يحرك اليدا فيقوم السيب بسحبه إلى سطح البحر، وبعدها ينزل مرة أخرى وهكذا لمدة زمنية أو بعدد التبات وقد يستغرق العمل ساعتين أو أكثر خصوصا بالنسبة للغيص أما بالنسبة لبقية ركاب السفينة فالعمل يستمر.
وبعد أن ينتهي هذا العمل يصعد الغواص "الغيص" على ظهر السفينة عند وقت صلاة الظهر خصوصا للصلاة بعدها يتناول الجميع طعام الغداء، وبعد ذلك تبدأ فترة الاستراحة فينام الجميع في هذا الوقت.
أما بعد الاستيقاظ، فإن الغواص قد ينزل مرة أخرى إلى قاع البحر أو قد يبقى على ظهر السفينة وتبدأ مرحلة أخرى من العمل يقوم بها السيب والجلاسة "اليلاسة" وهي مرحلة فلق المحار، ويتعاون الجميع على ذلك وفي أثناء الغروب يتوقف الجميع عن العمل لتبدأ صلاة المغرب والعشاء وبعدها يتهيأ الجميع لتناول طعام العشاء وبعد العشاء النوم.
ثم يستيقظ الجميع في الصباح الباكر جدا للصلاة والريوق "تناول طعام الإفطار" حتى يحين وقت العمل مرة أخرى.
تحدي البحر
العمل في البحر عمل شاق جدا ومع ذلك فإن الآباء والأجداد قد تحدوا البحر تحديا كبيرا مع قلة التكنولوجيا آنذاك، وكان العزم يدفعهم للعمل ليل نهار من أجل لقمة العيش، وكان العمل في البحر بالنسبة لهم يعتبر بطوليا خصوصا بالنسبة للغواص حيث إنه هو الذي يتعرض لأكثر المخاطر.
وحول أنواع اللؤلؤ فهناك ميزات ومواصفات اللؤلؤ يختلف فيها عن بعضه البعض ويعرف اللؤلؤ الجيد من غيره بالشكل والحجم واللون والملمس وتأتي أسعاره مختلفة تبعا لهذه المواصفات وأفضل أنواعه من حيث كافة المواصفات هي : "الجيوان" وهي لؤلؤة معروفة باستدارتها الكاملة وكبر حجمها وجمال لونها حيث إن لونها أبيض مشبع بالحمرة، و"اليكة" وتأتي في المرتبة الثانية من حيث المواصفات ماعدا الاستدارة فهذه اللؤلؤة أقل استدارة من الجيوان، و"القولوه" وتأتي في المرحلة الثالثة من حيث المواصفات إلا أن لونها وردي غامق ويميل شكلها إلى الشكل الكمثري، و"البدلة" وهي اللؤلؤة الرابعة من حيث المواصفات ويميل لونها إلى اللون الأزرق قليلا.
أشكال وألوان
ويتميز اللؤلؤ بعدة ألوان، منها "الأبيض" المشرب بالحمرة وهو أفضل الألوان على الإطلاق والأكثر رغبة عند الناس والتجار ، و"النباتي" ويشبه لون نبات السكر، و"الوردي" يأخذ لون الورد، وهو أيضا محبب عند الناس، و"الأسود" ويعتبر من الألوان النادرة ولذلك كان غالي الثمن، و"الأخضر" وهو أردأ الألوان.
كما يتميز اللؤلؤ بأشكال مختلفة منها .. "الشكل الدائري" ويأخذ شكلا مستديرا كاملا ويبدو بسبب هذا الوصف جميلا و"الشكل نصف الدائري " ويأخذ شكلا غير مستدير حيث يكون كأنه نصف دائرة على قاعدة له و" تنمبولي " ويشبه الشكل الكمثري و" جالس" و"يالس" وله قاعدة يجلس عليها و"الفص" وهو أصغر الأنواع التي تستخدم في أغراض الفصوص للخاتم وغيرها.
وتصنف اللآلئ بأحجام متعددة منها .. " الرأس" وهي اللآلئ الكبيرة التي لاتسقط من الطاسة الكبيرة و"البطن" وهي اللؤلؤة التي تأتي بعد الرأس حيث إنها لاتسقط من الطاسة الثانية و "الذيل" وهي التي لا تسقط من الطاسة الثالثة ويعتبر من الأنواع المتوفرة أكثر من غيره والرابعة: وهي اللؤلؤة التي لاتسقط من الطاسة الرابعة.
أما أوزان اللؤلؤ .. فإن لوزن اللؤلؤ طريقة خاصة كان يعرفها النواخذة والطواشون الذين كانوا يتعاملون في هذا الشأن كما أن الهنود والإنجليز والفرنسيين لهم خبرتهم في هذا المجال أيضا حيث عاش الكثير من الهنود في الخليج للاتجار باللؤلؤ.
ويعتمد الوزن على فرز اللؤلؤ أولا من حيث حجمه بواسطة عدة طاسات تصل إلى سبع يوجد فيها ثقوب ومن ثم تبدأ مرحلة الوزن بأدوات خاصة يمتلكها الطواش الذي قد يشتري اللؤلؤ من البحر بسفينته الخاصة أو قد يشتريه من السوق.
وهناك أوزان ومثاقيل وموازين خاصة باللؤلؤ يستخدمها الطواش في الوزن كما أنه يحتاج غالبا إلى مكان لا هواء فيه لأن الميزان الذي يستخدم حساس للغاية ويحمل الطواش معه دفتر حسابات خاص بجداول حساب الأوزان والوحدات.
الطواش.. تاجر رحال
وقد اشتهرت دولة الإمارات العربية المتحدة باستخراج اللؤلؤ من "الهيرات" وعرفت بداية في الشارقة حيث كانت تحتوي على العديد من السفن ثم بعد ذلك احتلت أبوظبي الصدارة في هذا الشأن وكانت تحتوي على عدد كبير من سفن الصيد بل كان يرتادها بعض البحارة من خارج الإمارات للإشتراك في رحلات صيد اللؤلؤ.
وكان اللؤلؤ يستخرج من مختلف المناطق في البحر بالتعاون الكبير بين جميع إمارات الدولة وبعد استخراجه يتم بيعه على الطواويش - جمع طواش - الذين يقومون بدورهم إما ببيعه مباشرة في الإمارات على التجار الهنود والإنجليز أو قد يسافر الطواش أو التاجر ببضاعته إلى الهند ليبيعها مباشرة هناك بل أن بعض التجار لم يكتف بالذهاب إلى الهند وإنما سافر إلى باريس وإلى لندن.
ولتجارة صيد اللؤلؤ العديد من السفن والتي لها مسميات مختلفة تبعا لحجمها او الحمولة من البحارة منها، " الجالبوت" وهي سفينة كبيرة إلى حد ما تحمل 30 بحارا أو أكثر و" البتيل" وهذه السفينة تحمل عددا كبيرا من البحارة و " السنبوك " يصنع محليا في الإمارات وحمولته وطوله 60 قدما و" الشوعي " ويتراوح طولها بين 40 ـ 60 قدما .
ومواسم الغوص ليس كل الأوقات في أيام السنة هي موسم للصيد خصوصا في أيام الشتاء فإن الغوص يكون صعبا على الغواصين والبحارة عموما ولذلك يكون هناك غوص في الشتاء عند السواحل بدلا من أن يكون في أعماق البحار .
وبعض مواسم الغوص هي: " الغوص الكبير " وهو الغوص الرئيسي الذي تخرج فيه كافة السفن ويصل عدد البحارة فيه إلى عدة آلاف وعدد السفن إلى عدة مئات ويتواجد الجميع في مكان واحد على صورة أسطول من السفن التي تخرج معا وفترته يبدأ من مطلع يونيو وحتى نهاية شهر سبتمبر خصوصا أن المحار والأصداف في هذه المرحلة يكون متكاثرا و" " غوص الردة " ويبدأ هذا بعد الغوص الكبير أي في بداية شهر أكتوبر ويستمر لمدة شهر كامل و " غوص الرديدة " وبدايته مع بداية شهر نوفمبر ولمدة شهر كامل وهو غوص آخر الموسم.
صيادون ماهرون
تحمل أعماق البحار الكثير من المخاطر التي يتعرض لها البحار ولذلك يعتبر البحار الماهر مفخرة من المفاخر ومن أهم المخاطر التي يتعرض لها البحار هي وجود بعض الأسماك المفترسة وعلى رأسها ما يعرف بالجرجو في الخليج وهو " سمك القرش " القاتل ولهذا السبب يحمل الغواص معه سكينا يدافع بها عن نفسه أثناء الهجوم.
كما أن هناك أنواعا أخرى من الأسماك تسبب أوجاعا وآلاما حين تعض الغواص ومنها سمكة الدجاجة وسميت بهذا الإسم لأنها تشبه الدجاج وفيها أشواك فإذا ما أصابت الغواص آذته .. وهناك أيضا اللخمة وهي حيوان بحري مسطح له ذيل طويل واللخمة تضرب الغواص بذيلها فإما أن تقتله لأنها تبث من خلاله سما وإما أن يصاب بجرح يمكن علاجه .. وهناك أنواع أخرى عديدة من الحيوانات البحرية ولكن المخاطر الأخرى التي يتعرض لها الغواص عبارة عن أوجاع في الأذن والأنف بسبب النزول عدة مرات إلى قاع البحر طوال أشهر عديدة.
آثار فريدة
وقد سجلت الآثار الأركيولوجية العثور على لؤلؤة مثقوبة في منطقة أثرية في الكويت تعود للألف الخامس قبل الميلاد أي قبل 7000 سنة كما تم العثور على لآلئ أخرى في قبور ومناطق أثرية في البحرين وشرق الجزيرة العربية تعود لفترات تاريخية قديمة تبدأ من الألف الثالث قبل الميلاد حتى القرن السادس عشر الميلادي .
أما التوثيق المكتوب عن صيد اللؤلؤ على سواحل الخليج العربي فبدأ من القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن العشرين هذا الكم الكثير من المعلومات والآثار كلها تؤكد على قدم صناعة الغوص .. وتكثر الهيرات في الإمارات وحول البحرين وفي الأحساء والكويت وقطر .
وعند الحديث عن بداية الغوص في البحر وتطوره يتوجب الحديث عن محورين منفصلين الأول وهو يخص نشأة طرق الغوص تحت الماء وكيف تطورت أما المحور الثاني فهو تطور القوانين والتشريعات التي تنظم عملية الغوص فعملية الغوص سواء بحثا عن اللؤلؤ أو الإسفنج أو غيرها غدت عملية تجارية مربحة وبتوسع تلك التجارة أصبح لزوما تنظيم العملية بحزمة من القوانين والتشريعات.
وعملية استخراج اللؤلؤ واستعماله بدأت منذ أكثر من سبعة آلاف سنة على سواحل الخليج العربي إلا أن المحللين يرون أنه لم تكن هناك عملية غوص بل كانت هناك عملية جمع للمحار من على السواحل والتي تسمى مرحلة ما قبل الغوص وبعد ذلك بسنين طويلة بدأت عملية الغوص بحثا عن محار اللؤلؤ في المناطق الأكثر عمقا.
ويرى المحللون أن عملية استخراج اللؤلؤ التي بدأت قبل الألف الخامس قبل الميلاد على سواحل الخليج لم تكن تتضمن أي عمليات غوص بل كان محار اللؤلؤ يجمع من على السواحل حيث لم تكن السواحل كما هي اليوم فلم يكن هناك دفان ولم تكن مسورة بأسوار ولم يكن الساحل من ضمن الأملاك الخاصة بل كانت سواحل بكر وفي مثل هذه السواحل يكثر محار اللؤلؤ بصورة كبيرة بحيث يمكن أن يجمع على أعماق بسيطة فهو قريب جدا من سطح الماء ويرى بالعين .
هذه الظاهرة ليست بالغريبة فحتى فترات قريبة كانت هناك مناطق على سواحل البحرين يكثر فيها محار اللؤلؤ وعلى سواحل أخرى في الخليج العربي يوجد العديد من المناطق التي لا يزال يكثر بها وطريقة جمع محار اللؤلؤ باليد ليست بالغريبة في الخليج العربي فهناك نوع من الغوص يعرف بغوص المجانة "أو لمينة" وهو عبارة عن الذهاب لسواحل إحدى الجزر وجمع المحار باليد دون غوص وذلك لكثرة تواجد محار اللؤلؤ فيها وقد تم العثور على لآلئ ثمينة في مثل هذه المناطق.
أما عملية الغوص العميق لاستخراج محار اللؤلؤ من قاع البحر تم وصفها في العديد من الوثائق على مر العصور منذ نهاية الألف الثالث قبل الميلاد حتى القرن العشرين، ومن خلال تلك التوصيفات العديدة لعملية الغوص هناك خمس أفكار محورية في عملية الغوص تم نقاشها هي .. الغوص الفردي باستخدام الحجر واستخدام الزيت لإضاءة قاع البحر ونزع الأسنان الأمامية للغواص وابتكار آلات مختلفة للتنفس تحت الماء وأخيرا طريقة الغوص بوجود الغواص "الغيص" ومساعده "السيب".