الإمارات تكافح غسل الأموال وتمويل الإرهاب.. عقوبات ومصادرات بالمليارات
بلغت قيمة عمليات وإجراءات مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب خلال 2021، نحو 1.048 مليار دولار "3.848 مليار درهم".
وذلك حسب بيانات المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
توزعت هذه المبالغ بين مصادرة أصول بقيمة 625 مليون دولار "2.3 مليار درهم" و64 مليون دولار "235 مليون درهم" غرامات عدم الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مرورًا بـ5.3 مليون دولار "19.5 مليون درهم" عقوبة على مؤسسات مالية كبرى في دولة الإمارات وعقوبات بقيمة 10.8 مليون دولار "39.6 مليون درهم" على العديد من الأفراد الذين ثبتت إدانتهم بارتكاب التهرب الضريبي وغسل الأموال، ومصادرة 109 ملايين دولار "400 مليون درهم"، كإجراءات وقائية لمكافحة تمويل الإرهاب.
وغرامة جماعية تقدر بـ234 مليون دولار "892.3 مليون درهم" على 48 مدعى عليهم وشركات أدينت في قضية واحدة من قبل محاكم أبوظبي بتهمة غسل الأموال والاحتيال.
وقال حامد الزعابي مدير عام المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في حوار مع وكالة أنباء الإمارات "وام": "تدلل تلك البيانات على تقدم كبير في تعزيز نهج الإمارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع المعايير العالمية والتزامها بمكافحة الجريمة المالية كأولوية وطنية.
منجزات المكتب التنفيذي
وحول أبرز المنجزات التي حققها المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب منذ تأسيسه، أوضح "الزعابي" أن المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عمل وبالتعاون الوثيق مع كافة الشركاء من القطاع العام والخاص خلال الفترة الماضية على تعزيز منظومة مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب من كافة النواحي: المؤسسية والتشريعية وكذلك من حيث الفعالية.
وأضاف أنه على المستوى المؤسسي فإن المكتب التنفيذي يلعب دورا محوريا في تنسيق الجهود الوطنية من خلال نظام لمتابعة المؤشرات وإنجازات الجهات المختلفة مثل الجهات الرقابية، جهات إنفاذ القانون ووحدة المعلومات المالية، ويقوم المكتب التنفيذي بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح ومختلف اللجان الفرعية على تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية والمعتمدة من قبل اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال إنه على المستوى التشريعي، تم إجراء عدد من التعديلات القانونية الرئيسية خلال الفترة الماضية مثل التعديل الخاص بقانون غسل الأموال ليتضمن صلاحيات أوسع بشأن المصادرات بالإضافة إلى وضع ضوابط للأصول الافتراضية والتي تعد من أهم التعديلات على مستوى المنطقة، مشيرا إلى أنه يتم حاليا العمل على إصدار تعديل للائحة التنفيذية لقانون مواجهة غسل الأموال، علاوة على التعديلات الخاصة بنظام الإدراج في قوائم مجلس الأمن وذلك لمكافحة تمويل الإرهاب وتعزيز منظومة العقوبات المالية المستهدفة.
وأنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير من العام 2021، المكتب التنفيذي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتنسيق الجهود على الصعيد الوطني، ويتمتع المكتب بصلاحيات واسعة النطاق لضمان التنسيق بين جميع الجهات الإماراتية في تنفيذ خطة العمل الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل لإرهاب، وبدأت الإمارات بـ8 تقييمات في المخاطر القطاعية والموضوعية، في إطار التقييم الوطني للمخاطر.
المصادرات والغرامات
وعلى صعيد الفعالية، أوضح الزعابي أن المكتب التنفيذي ركز على أن تكون جهود الدولة ذات أثر ملموس في مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وبلغ إجمالي قيمة الأصول المصادرة في عام 2021 نحو 625 مليون دولار "2.29 مليار درهم" بما في ذلك جرائم غسل الأموال والجرائم الأجنبية والقطاعات الأخرى مثل الذهب والمعادن الثمينة.
وفي بند الإشراف والتنفيذ، بلغت قيمة غرامات عدم الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في عام 2021 نحو 64 مليون دولار "235 مليون درهم". كما حقق المكتب زيادة في عمليات التفتيش الإشرافي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بنحو 6300 عملية مقارنة بـ2812 عملية تفتيش إشرافية في عام 2019.. وبلغت قيمة العقوبة المفروضة على مؤسسة مالية كبرى في دولة الإمارات نحو 5.3 مليون دولار أمريكي "19.46 مليون درهم"، بالإضافة إلى مراقبة أوجه القصور المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ونفذ المكتب 5529 عملية تفتيش مكتبي بما في ذلك المراجعات الموضوعية باستخدام مجموعة واسعة من بيانات قطاع الصناعة حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي جمعها من خلال التقييمات الإشرافية والنماذج.
وحقق المكتب 794 عملية تفتيش ميداني، واسعة النطاق ومركزة أجرتها السلطات الإشرافية في الإمارات بما في ذلك زيارات المتابعة.
وفي مجال مكافحة الجرائم الضريبية، تم فرض عقوبات بقيمة 10.8 مليون دولار "39.65 مليون درهم" على العديد من الأفراد الذين ثبتت إدانتهم بارتكاب التهرب الضريبي ونظام غسل الأموال، بالإضافة إلى سبع سنوات في السجن.. واعتبارا من 2021 بلغ عدد اتفاقيات الازدواج الضريبي نحو 137 اتفاقية.
وفي مجال التعاون الدولي، بلغت نسبة زيادة الموظفين في قسم التعاون الدولي التابع لوحدة المعلومات المالية 200 في المائة منذ عام 2019، وفي سبتمبر من العام الماضي وقعت الإمارات والمملكة المتحدة شراكة تاريخية لمعالجة التدفقات المالية غير المشروعة.
وفي مجال التوظيف، تم زيادة 150 في المائة في عدد الموظفين بدوام كامل في دائرة الإنفاذ في مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ونحو 85 في المائة زيادة في الموارد داخل وحدة المعلومات المالية، كما زاد عدد الموظفين ذوي الخبرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في كل سلطة مختصة في دولة الإمارات، وحوالي 34 في المائة زيادة في عدد موظفي قسم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمتخصصين في مجموعة من القطاعات والمجالات التنظيمية والقانونية من 25 موظفا بدوام كامل في عام 2019 إلى 34 موظفا بدوام كامل في عام 2021.
وفي مجال منع تمويل الإرهاب تمت مصادرة 109 ملايين دولار "400 مليون درهم" كإجراءات وقائية لمكافحة تمويل الإرهاب في عام 2021.. وبلغ معدل الإدانة لغسل الأموال 98.3 في المائة خلال الفترة من 2019-2021، إضافة إلى إدانة 48 مدعى عليهم وشركات أدينوا في قضية واحدة من قبل محاكم أبو ظبي بتهمة غسل الأموال بالاحتيال وذلك بغرامة جماعية قدرها 234 مليون دولار "892.3 مليون درهم".
الأثر الإيجابي
واستعرض الزعابي أثر جهود المكتب التنفيذي على تعزيز جهود الدولة في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وقال : " بفضل دعم القيادة الرشيدة وكافة الشركاء تمكن المكتب التنفيذي من قيادة الجهود الوطنية وضمان اتساق الإجراءات المتخذة بين مختلف الجهات المعنية، ما كان له أثر إيجابي على تعزيز فعالية المنظومة الوطنية للتصدي لجرائم ومخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث باتت كل فرق العمل الاتحادية والمحلية تعمل وفق استراتيجية وطنية وبطريقة منظمة.
كما كان محور التواصل الخارجي من الأولويات التي عمل عليها المكتب بدعم مباشر من وزارة الخارجية والتعاون الدولي، حيث تم تشكيل فريق عمل الخبراء بقيادة الوزارة والمكتب التنفيذي ومشاركة كافة الجهات المعنية، وعمل الفريق على التواصل مع العديد من دول العالم وعقد العديد من الاجتماعات خلال الأشهر الماضية وذلك لاطلاع الشركاء الخارجيين على جهود الدولة في هذا الشأن..كما قام المكتب بالعديد من الزيارات وذلك لتعزيز سمعة الدولة كعضو فاعل في المجتمع الدولي في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، علاوة على المشاركة في العديد من الفعاليات الإقليمية والدولية.
وحول أبرز المبادرات التي تم تنفيذها لتعزيز الوعي بمكافحة الجريمة المالية، أشار الزعابي إلى مشاركة أكثر من 12 ألف شخص من دولة الإمارات في مختلف الدورات التدريبية والتوعوية في عدد من القطاعات العام الماضي، كما أطلقت الإمارات نظام "فوري تك" الذكي - وهو نظام موحد يدمج ويجمع مختلف قضايا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر السلطات الاتحادية والمحلية ويسهل التواصل بين جميع الهيئات ذات الصلة مما يسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة للرد على الجرائم المالية في غضون عدد قليل فقط من الساعات.
كما اعتمدت دولة الإمارات نظام الربط الإلكتروني"ICAS" لتلبية طلبات التعاون القضائي الدولي لضمان المتابعة والوفاء الأمثل لطلبات التعاون القضائي الدولي مع الحفاظ على المؤشرات الاستراتيجية، فيما يعد "IEMS" النظام الذي أدخلته وحدة المعلومات المالية لتعزيز التواصل مع وزارة الداخلية، و"pp" والسلطات المحلية المختصة الأخرى وتحسين الوصول إلى المعلومات المالية واستخدامها من قبل وزارة الداخلية وشركاء "PP".
بالإضافة إلى عدد من المبادرات الاستراتيجية ومنها العمل على ورقة مخاطر جرائم الاتجار غير المشروع بالحياة البرية "IWT" لتعزيز الوعي بهذه المخاطر والتوصية بتدابير للحد منها، والعمل على وضع سياسة لتخفيف مخاطر غسل الأموال عبر مؤثري التواصل الاجتماعي "SMI".
فضلا عن تشكيل لجنة الشراكة بين القطاع العام والخاص في العام 2021 تضم أكثر من 35 عضوا من القطاعين، وتأهيل أكثر من 1000 متخصص في مجال مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال السنوات الخمس القادمة، وبرنامج "ACAMS" لتأهيل 120 موظفا من القطاع الخاص ليكونوا أخصائيين مواجهة غسل أموال معتمدين وغيرها من المبادرات.
نتائج التعاون الدولي
وأشار الزعابي إلى أن أهم نتائج التعاون مع المؤسسات المحلية والدولية في تحقيق مستهدفات المكتب تتضمن تحقيق متطلبات الإستراتيجية وخطة العمل الوطنية بفعالية وكفاءة، وتعزيز سمعة الدولة على المستوى الدولي من خلال عقد العديد من الشراكات مثل الشراكة مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة والمرفق العالمي للاتحاد الأوروبي، وتعزيز ملف التقييم المتبادل للدولة من قبل مجموعة العمل المالي.
ونوه إلى أن الأجندة الوطنية تزخر بالعديد من المبادرات الاستراتيجية والمستهدفات التشغيلية، حيث سيتم الاستمرار في تعزيز فعالية منظومة مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال الاستمرار في وضع السياسات الوطنية الهادفة لتخفيف المخاطر، والقيام بعمليات الرقابة المكتبية والتفتيش الميداني وفقا للنهج القائم على المخاطر، والاستمرار في التحقيقات الخاصة بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتكثيف برامج التدريب والتوعية والعمل مع القطاع الخاص.
كما تشمل المبادرات الاستراتيجية البدء في الدورة الثانية من التقييم الوطني للمخاطر، وتقييم مخاطر تمويل انتشار التسلح، وتطوير أنظمة إلكترونية ذكية في المكتب التنفيذي لمتابعة المخاطر الوطنية وجمع وتحليل الإحصائيات الوطنية المتعلقة بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى تعزيز تواجد الدولة على الساحة الدولية من خلال العمل مع عدد من المؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث المرموقة.
وبشأن مستجدات الدورة الجديدة من التقييم الوطني للمخاطر، أوضح الزعابي أن المكتب التنفيذي وبالتعاون مع لجنة تقييم المخاطر بدأ في التواصل مع إحدى المؤسسات العالمية المرموقة وذلك لتبني نهجها المعترف به دوليا لتقييم المخاطر، حيث يجري الإعداد لإطلاق الدورة بشكل رسمي خلال هذا العام.
الأصول الافتراضية
وحول التعامل مع الأصول الافتراضية، قال مدير عام المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: " تعد الأدوات المالية الحديثة والابتكار المالي أو التكنولوجيا المالية من القطاعات الواعدة والتي تتعرض لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولذلك نعمل على أن تكون استراتيجيتنا متوازنة بحيث تضمن نمو هذه القطاعات بما يخدم الاقتصاد الوطني مع ضمان تخفيف هذه المخاطر بحيث لا تشكل مصدرا للتهديد وآلية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحول الآلية القانونية المتبعة التي يتم التعامل معها بحق مرتكبي الجرائم المالية، أفاد الزعابي بأنه يتم تنظيم كافة الآليات القانونية من خلال القوانين واللوائح المرعية في الدولة، وتتبع الجهات الرقابية وجهات إنفاذ القانون إجراءات واضحة وشفافة ضمن الإطار التشريعي والقانوني للدولة، حيث تقوم الجهات الرقابية بعمليات الإشراف والرقابة، في حين تقوم جهات إنفاذ القانون بعمليات التحقيق والتقصي، منوها إلى أنه في حال ثبوت القيام بأية مخالفات إدارية أو جرائم لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، يتم اتخاذ الجزاءات والعقوبات وفقا للإطار القانوني في الدولة، خاصة في ظل وجود جهات متخصصة في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب مثل محاكم قضايا غسل الأموال التي تم انشاؤها في العام 2021.
وبشأن التوظيف السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي في جمع الأموال بطريقة غير مشروعة، ذكر الزعابي أن المكتب التنفيذي عمل مع عدد من الجهات ذات العلاقة، على إصدار ورقة بخصوص مخاطر إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي لأغراض غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكأي تقنية حديثة فإن منصات التواصل الاجتماعي تمثل فرصة للعديد من القطاعات، وفي ذات الوقت، فهي عرضة لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويهدف المكتب التنفيذي من خلال هذه الورقة إلى رفع الوعي بهذه المخاطر واقتراح عدد من السياسات التي تضمن وجود ضوابط لعدم جمع الأموال بصورة غسر مشروعة.
كما قام مكتب تنظيم الإعلام في الدولة بوضع اشتراطات لتسجيل الإعلانات التي تتم في هذه المنصات.. و من الضروري أن يكون الجمهور على دراية بأهمية التعامل مع المنصات المرخصة وكذلك في حال التبرعات أن تكون من خلال القنوات الرسمية للدولة مثل الجمعيات الخيرية المرخصة.
وحول التدابير والإجراءات المتوقع اتخاذها خلال الفترة المقبلة لتعزيز جهود الدولة في الحد من الجرائم المالية نوه الزعابي إلى أن مواجهة جرائم ومخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب هي أجندة وطنية نسعى من خلالها إلى دعم النمو الاقتصادي للدولة من خلال حماية الاقتصاد من الآثار السلبية لهذه الجرائم.
وقال: "سيستمر المكتب التنفيذي بالتعاون مع كافة الشركاء في العمل على تطوير الإطار المؤسسي والتشريعي والفعالية باستمرار وفق أفضل الممارسات العالمية، وبما يتوافق مع سياق المخاطر وطبيعة الاقتصاد في الدولة لضمان أن تكون البيئة الاقتصادية في الدولة جاذبة وآمنة للاستثمارات".