في السباق إلى البيت الأبيض.. بنسلفانيا مفتاح «الانتصار»
مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، باتت أعين المرشحين للمنصب الرفيع تتجه للولاية التي قد تحسم السباق.
وبالنسبة لخبراء استطلاعات الرأي والمحللين السياسيين، فإن بنسلفانيا ستقرر أكثر من أي ولاية أخرى الفائز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
رؤية المحللين انعكست على أرض الواقع، فالرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس أنفقا المزيد من الوقت والمال والجهد في بنسلفانيا بصورة تفوق أي ولاية متأرجحة أخرى، بحسب موقع «ذا هيل» الأمريكي.
وكتب سكوت ترانتر، مدير علوم البيانات في مكتب تحديد القرار أن «من يفوز بأصوات بنسلفانيا لديه فرصة بنسبة 85% ليكون الرئيس القادم»، معتبرا أن هاريس لديها فرصة بنسبة 52% للفوز بالولاية وبالتالي بالرئاسة.
ما السر في بنسلفانيا؟
قال ترانتر إن بنسلفانيا هي الولاية الحاسمة بسبب تركيبتها السياسية، والتي تنقسم بالتساوي بين الناخبين ذوي الميول الجمهورية والديمقراطية الموزعين عبر المناطق الحضرية والضواحي والريفية.
واستشهد ترانتر بحجم الولاية التي يمثلها 19 صوتًا انتخابيًا في المجمع الانتخابي، إضافة إلى تاريخها الذي يشير إلى أنها تصوت عادة لنفس المرشح الذي تصوت له ولايتا ميشيغان وويسكونسن.
ومنذ عام 1972، عندما فاز ريتشارد نيكسون في بنسلفانيا، وفي الانتخابات الرئاسية، صوتت الولاية للفائز بالرئاسة في جميع الانتخابات باستثناء عام 2000، عندما فاز نائب الرئيس آل جور بالولاية، لكنه خسر البيت الأبيض وهو ما تكرر في 2004، مع السيناتور جون كيري.
وعلى مدار تلك الفترة التي امتدت لـ50 عاماً، صوتت ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن بنفس الطريقة في كل انتخابات رئاسية باستثناء اثنتين؛ الأولى عام 1976 عندما فاز جيمي كارتر بولايتي بنسلفانيا وويسكونسن، لكن الرئيس فورد فاز في مسقط رأسه بولاية ميشيغان، والثانية عام 1988 عندما فاز جورج بوش الأب في ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا لكنه خسر ويسكونسن.
ولقد أخذ نموذج مقر مكتب القرار في الاعتبار التركيبة السكانية وجمع التبرعات واستطلاعات الرأي وشغل المناصب وأنماط التصويت التاريخية بين 500 متغير استخدمها لحساب النتيجة المحتملة والتي انتهت في 85% إلى أن الفائز بالانتخابات هو من يفوز في بنسلفانيا، وفقا لترانتر.
وقال ترانتر: إنها «ولاية ساحة معركة بمعنى أن الجمهوريين والديمقراطيين منقسمون بالتساوي تقريبًا والمستقلون يتأرجحون ذهابًا وإيابًا»، مضيفًا: «لقد حصلت على قدر كبير من الأصوات الانتخابية وهي مرتبطة بشكل كبير بولايات أخرى مثل ويسكونسن وميشيغان».
واستشهد بالتشابه في مستويات التعليم ومستويات الدخل بين السكان والتقسيمات العرقية بين الناخبين في الولايات الثلاث.
ووفقا لمكتب القرار، تتعادل هاريس وترامب في احتمالية الفوز بولاية بنسلفانيا، رغم أن المرشحة الديمقراطية تتقدم بنقطة واحدة في متوسط استطلاعات الرأي في الولاية.
وأشار التحليل إلى أن «عجز هاريس عن التحسن في استطلاعات الرأي قد تعزز بشكل خاص من خلال استطلاع رأي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول أظهر تقدم ترامب بأربع نقاط في الولاية».
ومع ذلك، تحتفظ هاريس بميزة احتمالية طفيفة على ترامب في ميشيغان وويسكونسن لكنها فقدت مؤخرا بعض الأصوات في متوسطات استطلاعات الرأي في تلك الولايات.
وترتكز قاعدة هاريس في شرق بنسلفانيا على فيلادلفيا الديمقراطية بشكل كبير والضواحي المحيطة بها، في حين تقع قاعدة ترامب في الأجزاء الريفية من الولاية، والتي تنتشر على 54 مقاطعة.
وفي 2020، فاز بايدن بـ13 مقاطعة فقط من أصل 67 مقاطعة في بنسلفانيا، لكن هذه المقاطعات شكلت حصة أكبر من سكان الولاية.
وقال ديفيد باليولوجوس، مدير مركز الأبحاث السياسية في جامعة سوفولك، إن هاريس بحاجة إلى الفوز في بنسلفانيا للفوز بالبيت الأبيض.
وأضاف: "وفقًا للبيانات التي لدينا الآن على الأقل، يبدو أن هاريس متقدمة قليلاً في ويسكونسن وميشيغان، لكنها لا تزال بحاجة إلى بنسلفانيا" مشيرا إلى تراجعها في أريزونا وجورجيا وكارولينا الشمالية كما أنها لا تمتلك ما يكفي من الأصوات لتكون ولاية نيفادا نقطة تحول.
وإذا خسرت هاريس ولاية بنسلفانيا، فستحتاج إلى الفوز إما بولاية كارولينا الشمالية أو جورجيا حيث تمتلك كل منهما 16 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي لكن خبراء استطلاعات الرأي يقللون من احتمالات فوز المرشحة الديمقراطية بها.
ويشير مكتب القرار إلى أن هاريس تخلفت عن ترامب في متوسطات استطلاعات الرأي في كارولينا الشمالية وجورجيا وهو ما يمنحها فرصة بنسبة 40% فقط للفوز بأي من الولايتين.
وقال جيه جيه أبوت، الاستراتيجي الديمقراطي المقيم في بنسلفانيا، إن هناك إجماعًا متزايدًا على أن الولاية ستقرر الفائز في الانتخابات الرئاسية. وأضاف "كانت بنسلفانيا أول ولاية بدأ فيها الإنفاق حقًا، وهي الولاية التي نرى فيها المرشحين الأكثر نشاطًا وفي كثير من النواحي إنها ولاية تتطلب معظم العمل".
وتابع إنها "كبيرة جدًا ومتنوعة حقًا، جغرافيًا وديموغرافيًا.. عليك أن تدير حملات معقدة ومتعددة الطبقات لتتمكن من الوصول إلى جميع أنواع الناخبين والتحدث إليهم".
وفي بنسلفانيا، أعلنت هاريس اسم مرشحها لمنصب نائب الرئيس حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز (ديمقراطي) وكشفت عن أجندتها الاقتصادية وقضت خمسة أيام في الولاية تستعد لمناظرتها الوحيدة ضد ترامب التي أقيمت هناك أيضا.
أما ترامب فعقد تجمعات في بنسلفانيا أكثر من أي ولاية أخرى وأنفق على الإعلانات في الولاية أكثر من أي ساحة معركة أخرى.
وأنفق الديمقراطيون والجمهوريون 350 مليون دولار في الإعلانات في بنسلفانيا، وهو أكثر من ضعف 142 مليون دولار أنفقوها في ميشيغان، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".