ببرنامج قيمته مليار دولار.. «البنتاغون» يسعى للحاق بسباق المسيرات
في خطوة تعكس إدراكا متزايدا لتحولات ساحات القتال الحديثة، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إطلاق برنامج جديد بقيمة مليار دولار يمتد لعامين، يهدف إلى شراء مئات الآلاف من المسيّرات الهجومية ذات الاستخدام الواحد لصالح الجيش الأمريكي.
البرنامج، الذي يحمل اسم "برنامج الهيمنة المسيرات، يُعدّ التطبيق العملي لمذكرة أصدرها وزير الحرب بيـت هيغسِيث في يوليو/تموز الماضي، وأجازت إعادة تشكيل جذرية لسياسات شراء واستخدام هذه الأنظمة، بحسب موقع "تايم وور زون".
ورغم الدروس الواضحة المستفادة من حرب أوكرانيا وغيرها من المواجهات الحديثة، ظلّ الجيش الأمريكي متردداً في تعميم استخدام المسيّرات منخفضة التكلفة مقارنة بخصومه.
برغم ذلك، يعدّ برنامج الهيمنة بالمسيرات محاولة جديدة لكسر هذا البطء، وإن كان الطموح الأمريكي لا يزال محدوداً نسبياً مقارنة بالأعداد الهائلة التي تنشرها روسيا وأوكرانيا في الميدان.
وبحسب الموقع الرسمي للبرنامج، تعتزم وزارة الحرب طلب 30 ألف مسيّرة تُسلّم بحلول يوليو/تموز 2026، ثم أكثر من 200 ألف مسيّرة إضافية بحلول عام 2027، على أن يتجاوز العدد الإجمالي 300 ألف مسيّرة بحلول مطلع 2028.

وتشير وثائق البنتاغون إلى أن البرنامج سيُموّل تصنيع نحو 340 ألف طائرة صغيرة بدون طيار خلال عامين، بتمويل من قانون الإنفاق الدفاعي الجديد المعروف باسم "مشروع القانون الكبير والجميل".
ويهدف البرنامج، إلى بناء قاعدة صناعية قادرة على إنتاج مسيّرات صغيرة منخفضة التكلفة وبسلسلة توريد آمنة، وبكميات ضخمة تُلبّي الاحتياجات العملياتية العاجلة، وسيُنفّذ البرنامج على 4 مراحل، تبدأ كل منها بفعالية اختبارية تُعرف بـ التحدّي الصعب، تليها عملية تسليم نماذج كاملة الجاهزية.
ويسعى البنتاغون إلى زيادة عدد المسيّرات المشتراة في كل مرحلة مع خفض التكلفة من 5000 دولار للوحدة إلى نحو 2300 دولار. كما سيجري تقليص عدد الشركات المشاركة تدريجياً، ليصل إلى خمس شركات فقط في المرحلة الأخيرة بين أغسطس/آب 2027 ويناير/كانون الثاني 2028.
ورغم عدم تحديد الأنواع المطلوبة، تُظهر التقديرات أن التركيز ينصبّ على مسيّرات منظور الشخص الأول والمروحيات الرباعية الصغيرة، المنتشرة بكثافة في الحرب الأوكرانية.
وتضفي مذكرة هيغسِيث لمحة عن التوجه الجديد، حيث تُعامل بعض الفئات الصغيرة من المسيّرات كـ مواد استهلاكية شبيهة بالذخيرة، ما يسمح لقادة الوحدات الميدانية بشرائها وتشغيلها بشكل مباشر دون الإجراءات التقليدية المعقدة.
ومن المقرر أن تنطلق أول منافسة ضمن برنامج الهيمنة بالمسيرات في 16 فبراير/شباط 2026 بمشاركة 25 شركة يتم اختيارها بناءً على "طلب الحلول" الذي سيُنشر في 17 ديسمبر/ كانون الأول.
وسيجري تقييم المسيّرات المشاركة عبر تنفيذ مهمتين أساسيتين: ضربة لمسافة 10 كيلومترات في أرض مفتوحة، وضربة لمسافة كيلومتر واحد في بيئة حضرية، باستخدام حمولة تجريبية وزنها 2 كغ.
وبعد المرحلة الأولى، ستتضاعف التحديات من حيث التعقيد والواقعية، لتشمل اختبارات متقدمة لمكافحة المسيّرات. كما سيُنشر "لوح صدارة" للنتائج بشكل علني، في خطوة غير معتادة في برامج المشتريات العسكرية الأمريكية.
ويتوقع أن تحصل ما يصل إلى 12 شركة على أوامر شراء ثابتة السعر لما لا يقل عن 1000 مسيّرة بعد كل مرحلة، مع دفع المبالغ عند التسليم فقط. وتؤكد الوثيقة أن الشركات ستتحمل كامل المخاطر المرتبطة بالبحث والتطوير والتصنيع، فيما تدفع الحكومة فقط مقابل الوحدات المقبولة بعد الفحص.

اللافت أن البرنامج لن يعتمد أسلوب الإقصاء التقليدي بين المراحل، إذ سيُسمح للشركات غير المختارة بالعودة للمنافسة في المراحل اللاحقة، في محاولة لتوسيع القاعدة الصناعية الأمريكية في هذا القطاع المتنامي.
ورغم أن عقود البرنامج تُعدّ صغيرة نسبياً مقارنة ببرامج التسلّح الضخمة، إلا أن تأثيره الاستراتيجي يبدو بعيد المدى، بالنظر إلى الدور الحاسم للمسيّرات في الحروب الحديثة، وقدرة الشركات الفائزة على تشكيل مستقبل الصناعات الدفاعية الأمريكية.
وبشكل عام، يُعد برنامج الهيمنة بالمسيرات خطوة طال انتظارها لمعالجة الفجوة المتزايدة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى في مجال المسيّرات منخفضة التكلفة، ويمثل بداية تحول واضح في فلسفة البنتاغون تجاه الحرب الحديثة وتكتيكاتها.