منعطف جديد تدخله الحرب في أوكرانيا بالاعتماد على هجمات طائرات "كاميكازي" المسيرة المنحدرة من فئة أسلحة تعرف بـ"الذخيرة المتسكعة".
وهذا الأسبوع، ضربت روسيا عمق أوكرانيا واستهدفت العاصمة كييف بطائرات "كاميكازي" المسيرة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وجرى تصميم هذه الأجهزة المحمولة جوا الصغيرة لتوجيه ضربات على مسافة بعيدة، ويمكنها تجنب العديد من أنظمة الدفاع الجوي.
وعلى عكس العديد من المسيرات الهجومية الأخرى، لا تستخدم السلاح لتدمير أهدافها، بل هي نفسها السلاح، وفق الصحيفة نفسها.
ويعتقد أن مسيرات كاميكازي التي تستخدمها روسيا مستوردة من إيران، وقال عنها صمويل بينديت، المحلل العسكري الروسي بمجموعة "سي إن إيه" للأبحاث ومقرها فيرجينيا، إنها "أسلحة عسكرية ونفسية في آن واحد."
وأوضح أن "الهجمات على المدن الرئيسية التي يفترض أنها محصنة جيدا ضد الهجمات الجوية توضح أن روسيا لازال لديها القدرة على إلحاق الضرر، سواء تم ضرب الأهداف العسكرية أو المدنية."
لكن أصبحت هجمات الطائرات المسيرة سمة معتادة بالحرب في أوكرانيا، مع استخدام كلا الجانبين للمسيرة الفتاكة بطرق مختلفة.
كاميكازي في سطور
مسؤولون أوكرانيون وأمريكيون قالوا إن المسيرات التي كانت تنشرها روسيا مصنعة في إيران، حيث تعرف بـ"شاهد-136". وجرى تصميمها لاستهداف أهداف محددة بالمتفجرات التي يمكن إطلاقها على مسافات تصل إلى 1500 ميل.
وأعادت روسيا تسمية مسيرات "شاهد-136" لتطلق عليها "جيران-2"، فيما أنكرت إيران تزويد روسيا بطائرات مسيرة من أجل الحرب ضد أوكرانيا.
وتعتبر المسيرات جزءا من فئة من الأسلحة تعرف باسم "الذخيرة المتسكعة" – مما يعني أنها "مصممة للتسكع فوق ساحات المعركة"، لتبحث عن أهداف مثل الرادارات.
وبحسب ما إنجفيلد بود، وهي أستاذة مساعدة للعلاقات الدولية بمركز دراسات الحرب التابع لجامعة جنوب الدنمارك، فإنه "عندما تجد (الطائرات) هدفا، تطلق نفسها عليه".
وغالبا ما يطلق اسم "كاميكازي" على هذه المسيرات والأسلحة مثل مسيرات "سويتش بليد" الأمريكية الصنع في إشارة إلى الطيارين العسكريين الذين شنوا هجمات انتحارية للإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. وعلى عكس تلك الطائرات، لا يوجد طيارون على متن تلك الأسلحة الجديدة.
استخدام "فريد"
وقالت أولريك إستر فرانك الزميلة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن مسيرات كاميكازي استخدمت بانتظام في نزاعات أخرى، بما في ذلك الحروب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا. وفي تلك الصراعات، استخدام قوات أذربيجان مسيرات "هاروب" الإسرائيلية، والتي تشبه مسيرات "شاهد-136" في الحجم والقدرات.
ومع ذلك، بحسب فرانك، فإن حجم استخدام روسيا والتقارير التي تفيد بأنها اشترت ترسانة من الآلاف، "تجعل هذا الأمر فريد نسبيا."
وبسبب الأصوات الطنانة التي تصدرها عند اقترابها، عادة ما تكون صواريخ "شاهد-136" أقل تدميرا من الصواريخ الدقيقة – حيث يمكن للمدنيين رؤيتها وسماع صوتها عند اقترابها، وبالتالي يكون لديهم مزيد من الوقت للاحتماء قبل أي انفجار.
وعلى عكس الصواريخ الكبيرة، تتمتع المسيرات بنصف قطر انفجار أصغر، ولا تخلف بالضرورة شظايا تتطاير بكل اتجاه. لكن يمكنها تجاوز الدفاعات الجوية الأوكرانية – أو إجبار الجيش على استخدام موارده الدفاعية الجوية المحدودة لتحييدهم قبل ضرب أهدافهم.
الاستخدام الروسي
تستخدم القوات الروسية التي تبحث عن الأفضلية بساحة المعركة تلك المسيرات على نحو متزايد.
وقال مسؤولون أمريكيون وحلفاء، تحدثوا للصحيفة شريطة عدم كشف هويتهم، إن إيران بدأت مؤخرًا إرسال المسيرات وأسلحة أخرى إلى روسيا، وإرسال مستشارين فنيين لتدريب القوات الروسية على كيفية تشغيلها.
وأكد مسؤولون بالبنتاجون صراحة استخدام المسيرات الإيرانية في الغارات الجوية الروسية.
وتعتقد أوكرانيا أن روسيا طلبت ما يصل إلى 2400 مسيرة كاميكازي من إيران. وردا على ذلك، حثت كييف حلفاءها على إرسال منظومات دفاع جوي متطورة. وتمتلك روسيا صناعة أسلحة خاصة بها، وبالنسبة لبعض الخبراء من الملاحظ أنه يتعين على موسكو الاعتماد على طهران في المسيرات.
وكتب دوغلاس باري من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في تحليل نشر مؤخرًا، يقول إن "الاتجاه إلى إيران في 2022 يرجح أن موسكو لاتزال لديها قدرة محلية غير مناسبة في الطائرات المسيرة."
لكن أظهرت الهجمات في كييف قيمة مسيرات كاميكازي، حتى ولو تم شراؤها من الخارج. واستخدمت روسيا مسيرات كاميكازي على نطاق واسع لمهاجمة الأهداف العسكرية والبنية التحتية في شمال أوكرانيا. ونشرت قواتها للمرة الأولى "شاهد-136" في شمال أوكرانيا في سبتمبر/أيلول، بحسب وزارة الدفاع البريطانية.
ومنذ منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، زعمت القوات الأوكرانية أنها أسقطت مسيرات إيرانية الصنع في عدة أجزاء من أوكرانيا.
الاستخدام الأوكراني
تعهدت الولايات المتحدة بإرسال أكثر من 700 من طائرات كاميكازي الخاصة بها إلى أوكرانيا، والتي تسمى "سويتش بليد"، ودربت بعض الجنود الأوكرانيين في أبريل/نيسان الماضي على استخدامها.
وتختلف مسيرات سويتش بليد عن شاهد-136 من حيث الشكل، حيث تبدو مثل طائرة مقاتلة صغيرة ذات جناح دلتا. لكن الفكرة وراء السلاحين واحدة: تمكين مشغل عن بعد بضرب هدف بكفاءة مميتة وتفادي الرصد والدفاع الجوي.
ويتمثل الاختلاف الرئيسي بين "شاهد-136" و"سويتش بليد" في النطاق، حيث يبلغ الحد الأقصى للطائرات الأمريكية 25 ميلا.
وكانت أوكرانيا تستخدم أيضًا مسيرات كاميكازي المصنعة محليا "رام 2"، والتي تتمتع بنطاق أقصر، يصل إلى 18 ميلا، وأعاقت مشاكل الإمداد الإنتاج.