لبيك اللهم لبيك.. هتاف الحجّ منذ زمن النبي إبراهيم
لبيك اللهم لبيك، الجملة التي لبت بها الخليقة نداء الخالق منذ زمن يسبق بعثة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم..
لبيك اللهم لبيك.. الجملة التي لبت بها الخليقة نداء الخالق منذ زمن يسبق بعثة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فتلبية الحجيج تعود لزمن النبي إبراهيم عليه السلام، وأكدها نبي الإسلام محمد بصيغتها الحالية في حجته الوحيدة في العام العاشر من الهجرة.
ويقول الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، إن الله وجّه أمرًا للنبي إبراهيم بأن يؤذن في الناس بالحجّ، بعد أن فرغ و ابنه النبي إسماعيل من بناء البيت الحرام في أول هيئةٍ له، وتلخصه الآية 27 من سورة الحَجّ: "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"، ورجالًا تعني على أرجلهم ودوابهم.
ويواصل الأطرش: فكانت التلبية من قِبل العباد: لبيك اللهمّ لبيك، وفي حجة الوداع للنبي محمد توثّقت التلبية بمفرداتها الحالية (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، و النعمة، لك والملك، لا شريك لك)، وتقال كما هي لا تبديل فيها ولا تغيير عليها.
والروايات التاريخية توثق قول الأطرش، فقد ثبت عن ابن عباس– رضى الله عنه- قوله: (لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له َأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، فقام إبراهيم على الحِجر، يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فأسمعَ من في أصلاب الرجال، وأرحام النساء؛ فأجابه من آمن ومن كان سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك)، و هذه الرواية صحيحة الإسناد.
ومعنى التلبية، كما يقول الأطرش في تصريحات خاصة لبوابة "العين" الإخبارية: إجابةً لك يا ربي بعد إجابة، فإذا ما قالها الحاجّ وكانت نفقته من الحلال، يقول له الله: (لبيك عبدي وسعديك)، أي قد أجبت تلبيتك ودعوتك يا عبدي، و السعد كله بين يديك، حجك مقبول مبرور وذنبك مغفور وارجع مأجورًا إلى أهلك، وإذا كان مال الحاج حرامًا، يجيبه الله: (لا لبيك عبدي ولا سعديك)؛ أي لا إجابة لك، ولا سعد لك، وارجع مأزورًا إلى أهلك.
ووفقًا للمراجع اللغوية، لبيك كلمة يقولها العرب إجابة في النداء، فإذا ناداك إنسان وقال لك: يا فلان، فأنت تجيبه ملتفتًا إلى هذا النداء فتقول: لبيك، وهذه اللفظة في إجابة النداء أعظم وأكثر أدبا من قول: (نعم)، أو من مجرد الالتفات للمنادي لتقول له: ماذا تريد؟، ولبيك تحمل معنى الأدب والخضوع في إجابه النداء، ولهذا يقولها الولد لوالديه إجابة لندائهما، وتقول العرب: (لبيك) احتراما للوالدين وإجلالا لهما، كما يقولها العبد لسيده إذا ناداه: (يا فلان)، فيقول له في الإجابة من باب الأدب والاحترام (لبيك).