الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية
مشعر منى يعد من أكبر المشاعر المقدسة احتضانا للدوائر الحكومية والجهات الخدمية العاملة على تيسير أداء مناسك حجاج بيت الله الحرام.
بدأ حجاج بيت الله الحرام يتوافدون، صباح الجمعة، إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية تقربا لله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير في صورة روحانية وإيمانية.
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس 9 ذي الحجة، ويتوجهون بعدها للوقوف بعرفة "الوقفة الكبرى"، ثم يعودون إليها بعد "النفرة" من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام 10، 11، 12، 13 ورمي الجمرات الـ3؛ جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجل.
وتبلغ مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية 16.8 كيلومتر مربع، ويقع بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي "محسر".
ويعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، فبه رمى نبي الله إبراهيم الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الـ3 التي ترمى، وبه مسجد "الخيف"، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، والقريب من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي سنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله -صلى الله عليه وسلم.
تلتها الثانية في حج العام الـ13 من الهجرة وبايعه فيها 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور مسجد البيعة عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل "ثبير" والقريب من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة.
ونزلت بها سورة "المرسلات"، لما رواه البخاري عن عبدالله رضي الله عنه، قال: "بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها".
وجاء اهتمام الحكومة السعودية بمشعر منى استشعارا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانا من قيادتها بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.
ويعد مشعر منى من أكبر المشاعر المقدسة احتضانا للدوائر الحكومية والجهات الخدمية العاملة على تيسير أداء مناسك حجاج بيت الله الحرام، بمساحة تقدر بـ15% من مساحة السفوح الجبلية للمشعر.
فيما المساحة المتبقية مستخدمة لنصب الخيام، الذي يعد أحد أكبر المشروعات التي نفذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لإيواء الحجاج بمساحة مقدرة بـ2.5 مليون متر مربع وفق مواصفات تحقق المزيد من الأمن والسلامة باستيعاب 2.6 مليون حاج، وبهذا يكون المشعر أكبر مدينة خيام في العالم.