زراعة الأشجار لتبريد الكوكب.. «حل ضروري» لا يكفي لوقف تدهور المناخ

يبحث البشر اليوم عن طرائق فعّالة لحل تلك الأزمة المناخية والحد من الانبعاثات الدفيئة، وتأتي زراعة الأشجار كأحد أبرز الحلول المطروحة.
وتقوم الأشجار بعملية البناء الضوئي، وتمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، محولة إياه إلى غذاء وكربون عضوي تخزنه؛ ما يقلل من نسبة الغاز الدفيء الأشهر في الغلاف الجوي.
وبالفعل ظهرت العديد من المبادرات التي تدعو لزراعة الأشجار على نطاقات واسعة. لكن السؤال الأهم، هل زراعة الأشجار كافية لتبريد الكوكب والحد من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري؟
هذا بالضبط ما عكف على دراسته مجموعة بحثية من جامعة كاليفورنيا (ريفرسايد) في الولايات المتحدة الأمريكية، ووجدوا أنّ إعادة زراعة الأشجار والغابات من شأنه أن يساعد في تبريد الكوكب نعم، لكن هذا ليس كافيًا للحد من الاحترار الناتج عن الأنشطة البشرية.
ونشر الباحثون دراستهم في دورية "كوميونيكاشنز إيرث آند إنفيرونمنت" (Communications Earth & Environment) في 13 مايو/أيار 2025.
فقد
يعود تاريخ تفاقم الاحتباس الحراري إلى عصر الثورة الصناعية، ويرجع هذا إلى الأنشطة البشرية التي اعتمدت بصورة أساسية على مصادر الطاقة غير المتجددة، مثل الوقود الأحفوري، لكن بالتزامن مع ذلك، تعرضت الأشجار والغابات إلى قطع جائر من أجل خدمة الأنشطة البشرية أيضًا، ما تسبب في فقدان نحو 3 تريليونات شجرة حتى الآن منذ الثورة الصناعية، وهذا يعني أنّ الكوكب فقد ما يقرب من نصف أشجاره.
تفاعلات كيميائية
ركزت الدراسات السابقة في هذا الصدد على قدرة الأشجار على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، لكن هذه الدراسة ركزت بصورة أعمق على تأثير الأشجار على التفاعلات الكيميائية المؤثرة على التركيب الكيميائي للغلاف الجوي ما يعزز عملية التبريد؛ إذ تُطلق الأشجار بصورة طبيعية مركبات تُعرف باسم "المركبات العضوية المتطايرة الحيوية" (BVOCs)، وتتفاعل تلك المركبات مع غازات أخرى؛ فتكون جزيئات قادرة على عكس ضوء الشمس وفي نفس الوقت تساهم في تكوين السحب، ما يساعد في النهاية على تبريد الغلاف الجوي.
فوائد غير متساوية
وجدت الدراسة أنّ أشجار الغابات الاستوائية تعمل بكفاءة أعلى في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وتنتج كميات أكبر من المركبات العضوية المتطايرة، ما يعني أنها تنتج تأثيرات تبريد أقوى. أما في نصف الكرة الشمالي؛ فهناك انخفاض بنسبة 2.5% في غبار الغلاف الجوي. وهذا يعني أنّ جودة الهواء متدهورة.
وخلص الباحثون إلى أنّ استعادة الغابات إلى مستواها في عصر ما قبل الصناعة، من شأنها أن تخفض متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.34 درجة مئوية، وهذا يُعادل ربع الاحترار الذي شهده كوكب الأرض حتى الآن.
لكن هذا لا يعني أنّ عملية زراعة الأشجار لا جدوى منها، بل إنها خطة مهمة، لكنها ليست كافية، وهناك العديد من الإجراءات اللازمة لإعادة زراعة الأشجار في المناطق التي كانت فيها سابقًا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTEzIA== جزيرة ام اند امز