تاريخ النبات مع كوارث المناخ.. النجاة من «الموت العظيم» قبل 250 مليون عام

تخبرنا الحفريات والرواسب بقصة ممتدة عبر ملايين السنين، تُظهر تعافي النظام البيئي حيث تتنفس الحياة على سطح الأرض بسبب عملية البناء الضوئي التي تُحول فيها النباتات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين وغذاء.
ومن بين الحلول المطروحة بقوة لحل أزمة المناخ هي زراعة أشجار وإعادة الغطاء النباتي بحيث تزداد فاعلية عملية امتصاص وعزل الكربون.
لذلك، يسعى العلماء جاهدين لفهم طبيعة النباتات والتفتيش في الماضي للحصول على إجابات كافية ووافية من شأنها أن تساهم في الاستعداد للتغيرات البيئية والمناخية المستقبلية.
هذا الأمر دفع مجموعة بحثية دولية متعددة التخصصات للخوض في دراسة بحثًا عن كيفية استجابة النباتات للتغيرات المناخية الكارثية قبل 250 مليون سنة مضت في نهاية العصر البرمي، والتي تسببت في واحدة من أشد فترات الاحترار تطرفًا في تاريخ الأرض. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "جيولوجيكال سوسايتي أوف أمريكا بوليتين" (Geological Society of America Bulletin) في 6 مارس/آذار 2025.
بداية الحكاية
بالعودة مع تاريخ الأرض لملايين السنين للوراء، نمر على العصر البرمي (الذي امتد بين 298.9 و252.2 مليون سنة مضت)، ويليه العصر الثلاثي (وقد امتد بين 252 إلى 201 مليون سنة مضت). خلال الفترة بين نهاية العصر البرمي وبداية العصر الثلاثي، كان هناك حدث مروع، وهو الانقراض الجماعي الثالث، المعروف باسم "الموت العظيم"؛ إذ تسبب في موت ما يزيد على 90% من أشكال الحياة على سطح الأرض. وتُسمى تلك الحقبة "حدث نهاية العصر البرمي" (EPE)؛ فقد وقعت عند نهاية ذلك العصر الجيولوجي الشهير.
عاريات البذور
ركز الباحثون في دراستهم على عاريات البذور، وهي نباتات تنتج بذورًا غير مغطاة، مثل أشجار الصنوبر. وتلك النباتات قد تأثرت أيضًا بحدث نهاية العصر البرمي، حتى إنها قلت أو اختفت في بداية العصر الثلاثي، وصارت مهيمنة عالميًا خلال حقبة الحياة الوسطى. وبذلك، استطاعت تلك الأنواع أن تعود من جديد بعد كارثة مناخية كبرى أوت بأغلب أشكال الحياة على الأرض. الأمر الذي أثار فضول الباحثين لدراسة الأسباب وراء تلك الظاهرة؛ فهذا يساعدهم على طبيعة النباتات وقدراتها على الصمود والبقاء.
بيانات محدودة ولكن..
واجه الباحثون بعض التحديات المتعلقة بمحدودية البيانات لتلك النباتات، لكنهم في نهاية الأمر، استطاعوا الاستفادة من البيانات الرسوبية والطبقية الحيوية ونسب نظائر الكربون المستقرة للمواد العضوية.
قصة ملايين السنين
وجد الباحثون من خلال فحص النباتات والصخور الأحفورية أنّ الصنوبريات مثل أشجار الصنوبر الحديثة كانت من أوائل النباتات التي استوطنت الأرض بعد الكارثة. لكن استعادة الغابات المزدهرة لم تكن سهلة. اكتشف الباحثون أيضًا أنّ فترة ارتفاع درجات الحرارة (التي استمرت نحو 700 ألف سنة) قد تسببت في انقراض الصنوبريات الناجية، وحلت محلها بعض النباتات التي تشبه الطحالب الحديثة. ورويدًا رويدًا، بدأت الغابات في الازدهار من جديد وتعافت. وهكذا حصل الباحثون على قصة ملايين السنين لتطور النظام البيئي.
تلك المعلومات والبيانات تُعطي صورة عن كيفية صمود النباتات خلال الفترات المناخية القاسية، واستعادة النظم البيئية لعافيتها بعد تلك الكوارث.
aXA6IDMuMTQxLjMwLjEzIA== جزيرة ام اند امز