لأول مرة يتم وضع هدفًا عالميًا محددًا ويقدم نموذجًا عالميًا جديدًا يوضح كيف ستحتاج صناعات البلاستيك والبتروكيماويات إلى التغيير.
أصدرت منظمة المحيط الهادئ للبيئة تقريرًا يكشف عن التهديدات الخطيرة للتلوث البلاستيكي على المناخ العالمي، وقدمته للأطراف في مفاوضات باريس، التي انتهت الجمعة الماضية، من أجل النظر فيه والأخذ بتوصياته أثناء صياغة أول معاهدة عالمية بشأن التلوث البلاستيكي.
يضع التقرير لأول مرة هدفًا عالميًا محددًا بشأن البلاستيك، ويقدم نموذجًا عالميًا جديدًا يوضح كيف ستحتاج صناعات البلاستيك والبتروكيماويات إلى التغيير، بالترتيب، للبقاء ضمن هدف اتفاقية باريس للمناخ من أجل الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية لتأمين مستقبل قابل للعيش ومستدام.
دق ناقوس الخطر
خلال الجولة الثانية من المفاوضات بشأن معاهدة بلاستيك عالمية في باريس، الأسبوع الماضي، اشتبك الدبلوماسيون حول الأولويات بشأن التعامل مع التلوث البلاستيكي، بما في ذلك دور إعادة التدوير وكيفية معالجة المواد الكيميائية السامة.
لكن منظمة المحيط الهادئ للبيئة تؤكد أن هناك قضية واحدة على وجه الخصوص كان يجب أن ترتكز عليها مفاوضات باريس بشكل رئيس، لكن ذلك لم يحدث، وهي: تغير المناخ.
يحث تقرير جديد صادر عن المنظمة على ضرورة التركيز على العلاقة بين التلوث البلاستيكي وتغير المناخ، أثناء تصميمهم لمعاهدة ملزمة قانونًا بشأن البلاستيك، بحلول نهاية عام 2024، إذا سارت الأمور وفقًا للجدول الزمني.
قالت كريستين ماكدونالد، مديرة برنامج الصين لمنظمة المحيط الهادئ البيئية غير الربحية: "إنها ليست مجرد أزمة بلاستيك؛ إنها أزمة مناخ، يجب على الجميع الخروج من مفاوضات معاهدة البلاستيك العالمية وهم مدركين ذلك.".
صدر التقرير، الذي حمل عنوان "وقف أزمة البلاستيك والمناخ: تنسيق باريس للبلاستيك يتطلب خفضًا بنسبة 75٪ على الأقل"، بهدف دق ناقوس الخطر بشأن البلاستيك، وبدء نقاش عالمي بشأنه في الدورة الثانية للجنة التفاوض الحكومية الدولية (INC-2) في مايو 2023، والتأكيد على الحاجة إلى معاهدة عالمية للبلاستيك تقلل من استخدامه بالفعل.
قدمت المنظمة تقريرها لمفاوضات باريس الأسبوع الماضي، كجزء من لجنة جانبية حول إنتاج البلاستيك، وهي واحدة من عدة جلسات تم عقدها بالتوازي مع جلسات التفاوض.
قال جوين دوبس، مدير اتصالات حملات المحيط الهادئ للبيئة، في بيان صادر عن المنظمة: "اتفق العديد من أعضاء اللجنة مع النتائج التي توصلنا إليها".
وأضاف: "تكررت رسالة التخفيض ولم يعترض أحد عليها خلال جزء جلسة الأسئلة والأجوبة من البرنامج، وهي علامة جيدة على أننا نحقق تقدمًا في الجوهر.".
البلاستيك وتغير المناخ
تُصنع المواد البلاستيكية من الوقود الأحفوري وتسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل مرحلة من مراحل دورة حياتها.
بلغت البصمة الكربونية العالمية لصناعة البلاستيك في عام 2020 1.3 مليار طن متري- أي ضعف حجم انبعاثات كندا- ومن المتوقع أن تنمو بصمة الصناعة مع سعي شركات الوقود الأحفوري لتعويض انخفاض الطلب على النفط والغاز المستخدم في قطاعي الطاقة والنقل.
يدعو التقرير الدبلوماسيين المشاركين في المحادثات البلاستيكية إلى اعتماد هدف على غرار اتفاقية باريس، التي تلزم بالحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، ويقترح التقرير هدفًا محددًا لمعاهدة البلاستيك، يتمثل في خفض إنتاج البلاستيك العالمي بحلول عام 2050 بنسبة 75 في المائة.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تسلط فيها مجموعة بيئية الضوء على الصلة بين البلاستيك وتغير المناخ.
في عام 2019، نشر مركز القانون البيئي الدولي غير الربحي تحليلاً بارزًا يقدر أن الانبعاثات السنوية للبلاستيك يمكن أن تنمو إلى 2.75 مليار طن متري سنويًا بحلول عام 2050.
في الآونة الأخيرة، حسبت مجموعة المناصرة غير الربحية Beyond Plastics أن صناعة البلاستيك في الولايات المتحدة في طريقها لإنتاج تلوث مناخي يتجاوز ما تنتجه محطات الطاقة المحلية التي تعمل بالفحم سنويًا، بحلول عام 2030.
مع ذلك، فإن تقرير منظمة المحيط الهادئ للبيئة هو من أوائل التقارير التي رسمت مسارًا نحو التخفيف من تأثير البلاستيك على المناخ بما يتماشى مع أهداف درجات الحرارة الدولية.
يبدأ التقرير بفكرة أن هناك ميزانية عالمية للكربون تبلغ 400 مليار طن متري، وهي الكمية التراكمية من غازات الاحتباس الحراري المكافئة لثاني أكسيد الكربون التي يمكن أن تنبعث من العالم، كحد أقصى- من الآن وحتى عام 2050- إذا كنا نريد تحقيق هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة، بنسبة 70%، وإذا زادت الانبعاثات عن هذا الرقم، سنفقد الهدف.
بالاعتماد على تقرير أخر صدر في نوفمبر 2022 بتكليف من منظمة Zero Waste Europe غير الربحية، يخصص تقرير منظمة المحيط الهادي لصناعة البلاستيك العالمية حصة من حجم الانبعاثات المطلوب للحفاظ على الهدف، تبلغ 4 في المائة من ميزانية الكربون العالمية، تقريبا نفس نسبة الانبعاثات العالمية التي تولدها الصناعة حاليا.
يصل إجمالي الإنتاج إلى ما مجموعه 16 مليار طن متري، مع الأخذ في الاعتبار البلاستيك الذي لا مفر من إنتاجه، لأشياء مثل الأدوية والسيارات والمباني.
يمكن أن تتسبب خطط الصناعة الحالية لتوسيع إنتاج البلاستيك في انبعاثات تراكمية تبلغ حوالي 65 مليار طن متري بحلول عام 2050.
ووفقًا لتقرير Zero Waste Europe، فإن الحلول التكنولوجية مثل زيادة معدلات إعادة التدوير والتحول إلى المواد البلاستيكية المصنوعة من النباتات لن تؤدي إلا إلى خفض هذا الرقم إلى حوالي 50 مليار طن متري فقط، بما يتجاوز ميزانية الكربون الخاصة بالبلاستيك بأكثر من 200 في المائة.
خفض الإنتاج
تؤكد المجموعات البيئية بأن هناك حاجة إلى خفض كبير في إنتاج البلاستيك للحد من تأثيره على المناخ.
قدرت شركة Zero Waste Europe هذا الخفض في الانتاج بنسبة 75٪ بحلول عام 2050، وتكررت هذه التوصية في تقرير منظمة المحيط الهادي للبيئة الجديد.
مع ذلك، يدعو تقرير المحيط الهادئ إلى التخلص التدريجي التام من المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام، والتي تمثل 44 في المائة من إجمالي إنتاج البلاستيك، بحلول عام 2040، ووضع حد لإنتاج البلاستيك الخام بحلول عام 2030.
يمكن أن يقلل هذان الإجراءان وحدهما من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في قطاع البلاستيك بنسبة 71 في المائة بحلول عام 2050.
كما يمكن تحقيق باقي نسبة الخفض المتبقية كي نصل إلى 75 في المائة، من خلال تنفيذ تقنيات الإنتاج الأخضر والقضاء على حرق البلاستيك.
كما يقترح التقرير خمسة مجالات رئيسية لترتكز عليها معاهدة البلاستيك المتوقعة، (1) تحديد أهداف علمية للحد من البلاستيك داخل حدود الكوكب، (2) قياس جميع انبعاثات البلاستيك ومساءلة الصناعة، (3) تعزيز وتشجيع حلول تقليل إعادة الاستخدام، (4) وضع حد للحلول الزائفة، مثل تحويل النفايات إلى طاقة وحرق البلاستيك (بما في ذلك أفران الإسمنت)، و(5) توفير انتقال عادل لعمال النفايات بما في ذلك ملتقطو النفايات.
جدير بالذكر أن مفاوضات باريس انتهت باتفاق مبدئي بين نحو 170 دولة على وضع مسودة أولى، بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري، لأول معاهدة عالمية للحد من التلوث البلاستيكي والتي من المحتمل أن تخرج للنور بحلول نهاية العام المقبل.
وأعلنت لجنة التفاوض الحكومية الدولية بشأن التلوث البلاستيكي أن الجولة التالية من المحادثات ستعقد في نيروبي، بكينيا، في نوفمبر/ نشرين الثاني.
aXA6IDMuMTQ3LjI4LjExMSA=
جزيرة ام اند امز