في ذكرى رحيله.. هل كان «زويل» مزاجنجي؟
لم يستطع أصدقائي أن يفهموا كيف أدخن الشيشة ولا أحب رائحة السجائر، إلى أن عثرت على تصريح لشقيقة العالم المصري "أحمد زويل"، بأنه أيضا كان يكره السجائر رغم تدخينه للشيشة.
وهنا رجعت بظهري متكئا على كرسي القهوة، نظرت للسماء بنظرة فلسفية عميقة وقلت لهم "ربما قدر العظماء أن يدخنوا الشيشة".
لم تكن هذه اللمحة تمر عليّ دون أن أتذكر حديث العالم الراحل لجريدة "أخبار اليوم" في عام 1999، حينما قال إنه ليس متجهمًا رغم المسؤولية العلمية ويعتني بأناقته، مؤكداً أن في حياة العلماء "مكانا للرومانسية"، لأنّهم بشر لهم قلوب وعقول ومشاعر أيضا.
وحين رأيت التشابه بين صورة نجيب محفوظ -وهو صاحب نوبل أيضا- على القهوة وصورة زويل الشهيرة، وأنهما يحبان نفس نوع الموسيقى، أو أنّهما يحبان التسكع في الشوارع وسط الناس، راودني السؤال الملح هل للمبدعين دائما طقوس مزاجية متشابهة؟
وفي ذكرى رحيل العالم "أحمد زويل" الثامنة، الذي حصل على جائزة نوبل عام 1991، ونشر ما يقارب من 350 بحثا و600 مقال علمي، و16 مؤلفًا وحل في المرتبة التاسعة من بين أهم علماء الليزر بالولايات المتحدة. رأينا أن نرصد بعضا من طقوسه الخاصة وأن نفتش في "مزاجه" لكي نتساءل هل كان زويل مزاجنجي؟
مزاجه في أم كلثوم
عشق زويل أم كلثوم، فكانت مكافأة تفوقه في الدراسة وهو صغير تذكرة الذهاب لحفل أم كلثوم، ويقف أسفل أحد الأعمدة خارج مسجد العارف بالله إبراهيم الدسوقي يدندن بأغنياتها، وكانت الاختيار الأول لمزاجه الموسيقي في أمريكا أغنيه "يا مسهرني"، حيث يضع على مكتبه أشرطتها وعلى الجدران صورتها وحتى عندما كانت عندما تستدعيه وزارة الثقافة لإلقاء محاضرة ينهيها بتقديم أصوات غنائية كلثومية الطابع
مزاجه في الملوخية
أحبّ زويل تذوق الطعام خصوصا المصري مثل الفول والطعمية والكنافة والقطايف، ولكن الملوخية كان لها وقع خاص في مزاجه، وكان من وقت لآخر يحب دخول المطبخ لعمل أطباق خاصة به، ورغم أنه كان يحرص على الدعوة للأكل باتزان ورشاقة الجسم، فإنّه كان حريصا على تجربة الطعام المختلف.
مزاجه في المسرح
رغم أنّه كان يحب الرسم ويلعب كرة السلة، إلا أنّ المسرح كان له مكانا مميزا في مزاجه الخاص فكان عضوًا في فريق المسرح المدرسي، وروى ذات مرة ذكرياته مع فريق التمثيل، والإمكانات الضعيفة للأنشطة، قائلا: "ماكانش عندنا فلوس، لدرجة ماكانش فيه ستارة للمسرح، كنا بنعمل ستارة بأجسادنا، يقف 20 مننا قبل بدء العرض، وأول ما العرض يبدأ ينزلوا".
مزاجه في التجارب
قرر زويل وهو صغير أن يصعد لسطح بيته لعمل بعض تجارب التفاعلات الكيميائية، وفجأة اشتعلت النار في عشة الدجاج الخاصة بوالدته وتمت السيطرة على النار بصعوبة، واستقبل الطفل "زويل" نظرات الرعب والدهشة من جيرانه وأهله بنظرة هادية وابتسامة بسيطة قائلا: "ماتقلقوش عادي يعني ما أنا لازم أجرب علشان أعرف"، لتصبح التجربة فلسفته الخاصة.
مزاجه في القراءة
كان زويل يفضل القراءة وكتابة الأبحاث والمقالات والمحاضرات العلمية، خاصة في الاقتصاد، والموسيقى، حيث عبر عن ذلك في كتاب "عصر العلم" بقوله "إديني كتاب كويس وسيبني في جنينة البيت بتاعنا، ده بيكون وقت للمعرفة، ووقت استمتع فيه بالرؤية، التفكير، كتاب اقتصاد أو ميوزيك في جو هادي، وأم كلثوم في الباك جروند دي أكتر الأشياء متعة بالنسبة لي".
مزاجه في "حب الوطن"
حينما حصل "زويل" على جائزة نوبل طلب بمنتهى التصميم من اللجنة المنظمة للحفل أن تكون الموسيقى المصاحبة له في أثناء تسلم الجائزة موسيقى شرقية عربية وليست أجنبية على عكس العادة!.. وبالفعل نفذوا له طلبه.
ولا تخلو حياته من تفاصيل تدل على حبه لوطنه واشتراكه في الغمار السياسي للدفاع عن مستقبل البلاد، أو تبرعه بقيمه جائزة نوبل لإقامة صرح للبحث العلمي في مصر، فكان حبه لوطنه هو مزاجه الخاص.