محللون يكشفون لـ"العين" ماذا ربح المغرب من عودته لإفريقيا
محللون تحدثوا مع "العين" أكدوا أن استعادة المغرب مقعده الشاغر في الاتحاد الإفريقي تحقق مكاسب سياسية واقتصادية متنوعة
بعد 33 عاماً من القطيعة، استعاد المغرب مقعده الشاغر في الاتحاد الإفريقي، خلال القمة الإفريقية التي عقدت مؤخراً في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعدما فضل قادة إفريقيا الوصول لتوافق بشأن طلب عودته، بدلاً من اللجوء للتصويت كما تنص على ذلك قوانين الاتحاد الإفريقي.
ورأى محللون تحدثت معهم بوابة العين الإخبارية، أن تلك العودة تؤكد أن المغرب سيواصل التزامه الذي لا رجعة فيه لفائدة السلام والاستقرار والازدهار المشترك إلى جانب الاستثمار في قيم التضامن المستدام، التي تشكل عماد سياسته الإفريقية متعددة الأبعاد، وستسهم في تعزيز مكانة المنظمة الإفريقية في العالم.
من جانبه، اعتبر يوسف العمراني، الوزير المغربي المنتدب السابق، أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تشكل صفحة جديدة من التاريخ الدبلوماسي للمغرب، وتمنح آفاقاً واعدة ليس فقط للمغرب ولكن أيضاً لإفريقيا من خلال منظمتها القارية.
وأضاف العمراني أن المغرب الذي عرف اليوم كيف يطور علاقات الثقة مع مختلف شركائه الأفارقة، سيسهم بكل تأكيد بطريقة واضحة وبناءة في أجندة وأنشطة الاتحاد الإفريقي.
واعتبر أن "المملكة، باعتبارهاً مرجعاً بالقارة الإفريقية، ستسهم أيضاً في تعزيز مكانة هذه المنظمة الإفريقية على المشهد الدولي".
وفي قراءته للدوافع الأساسية التي دعت المغرب إلى العودة إلى الحظيرة الإفريقية، طرح خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، مجموعة من النقاط، من ضمنها، أن العديد من الدول الإفريقية غيرت من موقفها حيال قضية الصحراء.
كما ساهم في عودة المغرب للحضن الإفريقي، بحسب الشرقاوي، الحضور الوازن للمغرب بالقارة الإفريقية والعلاقات القوية التي أصبحت تربطه مع العديد من الدول الإفريقية، رغم غياب المغرب عن منظمة الوحدة الإفريقية.
ولفت إلى أن حضور المملكة داخل المنظمة سيكون ذا أهمية كبرى عبر العمل في إطار مؤسساتي.
ويرى الشرقاوي، أن حضور المغرب داخل المنظمة القارية إيجابي جداً، لأن ذلك سيساعده على الدفاع عن مصالحه وحقوقه المشروعة.
وتابع أن "المغرب في حال بقائه خارج المنظمة الإفريقية، فإن خصومه سيزدادون قوة وتأثيراً، لكن بحضوره سيعمل على منع مناوراتهم المتنافية مع الأسس التي تعتمدها هيئة الأمم المتحدة لحل النزاع حول الصحراء، ما قد يساعد الاتحاد الإفريقي على الاضطلاع بدور بنّاء والإسهام إيجاباً في جهود الأمم المتحدة من أجل حل نهائي لهذا النزاع".
وخلص الشرقاوي إلى أن عودة المغرب إلى الأسرة الإفريقية هي نقطة فارقة في التوجه الجيو-استراتيجي والاقتصادي للمملكة، مشيراً إلى أن هناك حظوظاً وآمالاً كبيرة في تسوية نزاع الصحراء عن طريق الاتحاد الإفريقي كمنظمة إقليمية.
وبحسب الشرقاوي، يمكن للمغرب، كثاني مستثمر بإفريقيا بعد جنوب إفريقيا، الدخول إلى جميع الأسواق الإفريقية وتسريع وتيرة الانتشار الاقتصادي والمالي في ظل سياسة جنوب- جنوب التي يقودها الملك محمد السادس.
وقال "سيعمل المغرب أيضاً بجانب باقي الدول الأعضاء من أجل استتباب السلم والأمن بإفريقيا ومحاربة الإرهاب الذي قد يهدد القارة الإفريقية من خلال تجربته الأمنية الناجحة، وكذا المساهمة في حل النزاعات الإقليمية بين الدول، حسب ما ورد في تحليل ذات المتحدث".
بالموازاة، يرى محللون، أن قرار المغرب العودة للاتحاد الإفريقي يريد إضعاف البوليساريو من داخل الاتحاد، خاصة أن الجبهة كانت تستفيد دبلوماسيا من عضويتها في الاتحاد، لدحض أطروحة المغرب والدفاع عن أطروحتها بشأن نزاع الصحراء.
أما تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، فيرى أن عودة المغرب تحدٍ موضوعي وآخر ذو صبغة شكلية، يكمن في تمكن المغرب من تجميد عضوية جبهة البوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي.
وأضاف الحسيني، أن المغرب استطاع أن يحقق قفزة نوعية نحو تجميد عضوية الكيان، بموافقة 28 دولة، لكن هذا لا يكفي لتعديل ميثاق المنظمة الذي هو شكل أساسي" معتبراً أن المغرب بإقناعه 39 دولة بقبول عضويته، همش الأقلية التي كانت ترفض عودته.
وحول تقييم منهجية عمل المغرب في هذا الباب، أشار الحسيني إلى أن المغرب يتبع إستراتيجية ذكية تقوم على إقامة علاقات قوية حتى مع الدول القريبة من البوليساريو، وهذا شكل سنداً لتطوير العلاقة معها، في أفق تجميد عضوية البوليساريو.
وفي قراءته الاستشرافية لدور المغرب بعد عودته للاتحاد، يرى تاج الدين الحسيني، أن المغرب له دور كبير يمكن أن يلعبه في شمال القارة، بوصفه منصة إستراتيجية في تطوير النموذج الجديد لمنطقة التبادل الحر الإفريقية، وكذلك لمساهمته المرتقبة في صندوق محاربة الإرهاب الذي اتفق على تأسيسه، خاصة في ظل الاهتزاز الأمني وغياب الاستقرار في كثير من الدول الإفريقية.
وأشار إلى أن تجربة المغرب ورصيده في مجال محاربة الإرهاب سيقدمان إضافة نوعية لعمل الاتحاد، وهذا حسب ذات المحلل، سيكون في إطار تعاون جماعي داخل المؤسسة القارية.
من جهته، يرى جواد الكردودي، رئيس المعهد المغربي للدراسات الدولية، أن الخطوة الثانية التي سيخطوها المغرب بعد العودة إلى الاتحاد الإفريقي تتمثل في توحيد كلمة غالبية أعضاء الاتحاد الإفريقي من أجل تصحيح الاختلال المتمثل في قبول كيان وهمي (جبهة البوليساريو) لا تتوفر فيه أدنى شروط السيادة ويفتقد لأبسط شروط الشرعية.
في سياق مختلف، اعتبرت منيب أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لا يجب أن تكون بدافع طرد الجبهة الانفصالية من المؤسسة الإفريقية، كما يدعو إلى ذلك العديد من الباحثين والمتابعين لهذه القضية، موضحة أن رهان المسؤولين المغاربة لحل هذه القضية المستعصية منذ سنوات يجب أن ينصب على حل سياسي قائم على الحوار والتفاوض بعيد كل البعد عن منطق الصدام والحرب.
وأردفت منيب "نحن لا نريد طرد البوليساريو، بل نريد إيجاد حل.. المغرب يجب أن يكون مقنعاً وأن يخوض معارك قضائية لإسقاط القرارات والتوصيات الصادرة عن أجهزة منظمة الاتحاد الإفريقي المبنية على تزوير الحقائق"، مشددة على ضرورة الالتزام ببناء الديمقراطية الداخلية واحترام حقوق الإنسان، لتقوية موقع المملكة التفاوضي.