اتهامات سياسية تربك مشهد «أجمل احتفالات فرنسا»

انسحابات متتالية من فعاليات تحمل وسم "أجمل احتفالات فرنسا" بعد اتهامات بارتباط الجمعية المنظمة بالملياردير اليميني بيار-إدوار ستيرين.
أُطلق وسم "أجمل احتفالات فرنسا" قبل أكثر من عام بقليل، غير أنّه أصبح اليوم في صميم أزمة سياسية أعقبت نشر صحيفة ليمانيتي الفرنسية تحقيقًا حول صلة الجمعية المنظمة برجل الأعمال بيار-إدوار ستيرين. وأدى ذلك إلى إعلان عدة فعاليات في جنوب غرب فرنسا وبريتانيا انسحابها رفضًا لما وصفته بمحاولات "التوظيف السياسي".
الجمعية ردّت ببيان تؤكد فيه أن لا علاقة مباشرة لها بستيرين، موضحة أن "مهمتها الوحيدة هي إبراز هذه الاحتفالات التقليدية ودعمها".
احتفالات متجذرة في التراث
تعيش القرى الفرنسية على إيقاع آلاف الاحتفالات سنويًا، خصوصًا في الصيف، تتنوع بين ولائم ورقصات وأزياء فولكلورية وعروض تاريخية من العصور الوسطى. وقد اعتاد الإعلامي الراحل جان-بيار بيرنو الاحتفاء بها في نشراته، واصفًا إياها بأنها "جزء لا يتجزأ من التراث الوطني".
توماس مسلان، أحد مؤسسي الوسم، عبّر عن شغفه بهذه التظاهرات منذ شبابه، مشيرًا إلى أن "نحو ثلثها اندثر منذ جائحة كوفيد-19". ومن هنا انبثقت فكرته بإنشاء الوسم لإعادة تسليط الضوء عليها وتوفير الدعم المالي والمعنوي لها. وقال في يونيو/حزيران الماضي: "هدفنا بسيط، أن نُعيد للفرنسيين اكتشاف ثراء مناطقهم".
مقالة تشعل الأزمة
حتى مطلع يوليو/تموز، لم يكن ثمة ما يثير الجدل، غير أن مقالة في صحيفة ليمانيتي كشفت أن الجمعية تُدار من وكالة Studio 496 المتخصصة في تنظيم الفعاليات، بقيادة تيبو فارنك، المرشح السابق في الانتخابات التشريعية 2024 عن حزب الجمهوريين/التجمع الوطني، المعروف بقربه من ستيرين، الذي دخل مؤخرًا في رأسمال الشركة.
هذا التحقيق أثار الشكوك حول خلفيات الوسم وعلاقته بستيرين، رجل الأعمال الذي يسعى إلى توظيف ثروته في دعم اتحاد اليمين. الجمعية، من جانبها، وصفت ما ورد في الصحيفة بأنه "اتهامات كاذبة وتحريضية"، مؤكدة أن ستيرين ليس عضوًا فيها ولا تتبعه، لكنها أقرت بأنها طلبت تمويلًا من مؤسسته الخيرية "مؤسسة الخير المشترك".
موقف الجمعية: لا علاقة لنا بالسياسة
قال مسلان لصحيفة 20 مينيت: "المهمة الوحيدة للجمعية هي إبراز ودعم الاحتفالات التقليدية"، مضيفًا: "لم نحاول التأثير في برامجها، والمعركة مع بيار-إدوار ستيرين سياسية بحتة ولا تخصنا".
لكن رغم هذا التوضيح، فإن تحقيق ليمانيتي أحدث صدمة في أوساط المنظمين، خصوصًا أن الجمعية منحت وسمها لنحو 60 تظاهرة، لتبدأ سلسلة انسحابات أولها من الجنوب الغربي.
انسحابات متتالية في الجنوب الغربي وبريتانيا
من أبرز المنسحبين مهرجان Lehengo Hazparne الباسكي في هاسبارين، حيث أعلن رئيس اللجنة المنظمة باتريك كوماي أن "الانسحاب جاء كإجراء احترازي بعد إثارة الشكوك حول الحياد السياسي للوسم"، مؤكدًا أنهم لم يتلقوا أي دعم مالي كان قد وُعدوا به.
وفي بريتانيا، انسحبت فعاليات أخرى مثل Fête des Islandais et des Terre-Neuvas في بيمبول، واحتفالية "البطاطا" في بلُوك-هيرميتاج، حيث اعتبر عمدة المدينة تيبو غينار أن الأمر يمثل "محاولة استغلال واختراق من قبل اليمين المتطرف".
كما دعا اتحاد المهرجانات الثقافية في بريتانيا عبر شبكات التواصل الاجتماعي جميع الفعاليات الحاصلة على الوسم إلى الانسحاب، معتبرًا أن "المكاسب المالية والرؤية الإعلامية لا تعوّض المخاطر المرتبطة بارتباط الوسم باليمين المتطرف".
فعاليات متمسكة بالوسم
ورغم الانسحابات، ما زالت بعض التظاهرات تحتفظ بالوسم، مثل احتفالات جان دارك في أورليان، وLes Historiques de Bidache في جيروند.
الجمعية بدورها شجبت ما سمّته "ضغوطًا أيديولوجية" و"رسائل ترهيب" تعرض لها بعض المنظمين، وأكد مسلان أن الملف أحيل إلى المحامين، معربًا عن ثقته في مستقبل الوسم، قائلاً: "نأسف لانسحاب بعض الفعاليات لأسباب خاطئة، لكن ذلك لا ينتقص من جدوى مشروعنا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز