تراجع التأييد الأمريكي.. غزة تعصف بأسهم نتنياهو وإسرائيل

تشير أحدث استطلاعات الرأي الأمريكية إلى تحوّل متسارع في مواقف الناخبين الأمريكيين تجاه إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
ووفقا لموقع ريسبونسبل ستيت كرافت، لم يعد الدعم الشعبي لإسرائيل يُنظر إليه كقضية ثابتة أو جزء من المصالح الاستراتيجية الأمريكية، بل أصبح محلّ جدل وانقسام حزبي وشعبي واسع.
وأظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك بين 18 و21 سبتمبر/أيلول، أنّ أقل من نصف الأمريكيين (47 بالمائة) يعتقدون أن دعم إسرائيل يخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، في حين يرى 41 بالمائة العكس، بينما فضّل الباقون عدم إبداء رأي.
وتكشف هذه النسبة عن تراجع حاد مقارنة بشهر ديسمبر/كانون الأول 2023، حين اعتبر 69% من المشاركين في الاستطلاع أن دعم إسرائيل يصبّ في مصلحة واشنطن، أي بعد أشهر قليلة من هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الذي فجّر الحرب في غزة.
صورة قاتمة لنتنياهو
لم يقتصر التراجع على الموقف من إسرائيل كدولة، بل امتدّ إلى صورة نتنياهو الشخصية، التي تبدو في أدنى مستوياتها داخل الولايات المتحدة. فوفقًا للاستطلاع، لا يتمتع سوى 21 بالمائة من الأمريكيين بنظرة إيجابية تجاهه، بينما أعرب 49 بالمائة عن رأي سلبي.
أما البقية، فانقسموا بين من رفضوا الإجابة (3 بالمائة) ومن قالوا إنهم لا يملكون معلومات كافية (28 بالمائة).
ويأتي هذا التراجع الشعبي قبيل خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يسلّط الضوء على أزمة صورة دولية تلاحق نتنياهو حتى في أوساط الحليف الأكبر لإسرائيل.
الاستطلاع ألقى الضوء أيضًا على موقف الناخب الأمريكي من سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه حرب غزة. إذ لم يحظَ نهجه - الذي اتسم بدعم شبه مطلق لنتنياهو - سوى بتأييد 31 بالمائة من المشاركين، بينما عبّر 56 بالمائة عن رفضهم القاطع.
هذا الرفض يعكس شعورًا متناميًا داخل المجتمع الأمريكي بأن الانحياز غير المشروط لإسرائيل يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وصورتها العالمية.
أوكرانيا تتفوّق على إسرائيل في الوعي الاستراتيجي الأمريكي
وعلى النقيض من موقفهم من إسرائيل، اعتبر ثلثا الناخبين تقريبًا (64 بالمائة) أن دعم أوكرانيا يخدم المصالح الأمريكية، مقابل 26 بالمائة فقط قالوا إنه لا يخدمها.
واللافت أن نصف الجمهوريين تقريبًا – المعروفين تاريخيًا بميولهم المؤيدة لإسرائيل – أبدوا قناعة بأن دعم كييف يصبّ في مصلحة واشنطن.
أما في ما يتعلق بالحرب الروسية-الأوكرانية، فقد حصل ترامب على تقييم ضعيف أيضًا، حيث لم تتجاوز نسبة من أيّدوا طريقته في التعامل مع الملف 33 بالمائة، بينما رفضها 56 بالمائة، بينهم حتى بعض الجمهوريين.
منحنى متراجع ومتسارع
تتماشى هذه النتائج مع سلسلة استطلاعات أخرى خلال الأشهر الماضية. ففي أغسطس/آب، أظهر استطلاع لجامعة ميريلاند أن نسبة الأمريكيين الذين يتعاطفون مع الفلسطينيين (28 بالمائة) تجاوزت لأول مرة نسبة المتعاطفين مع الإسرائيليين (22 بالمائة). فيما اعتبر 41 بالمائة أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية أو حملة شبيهة بالإبادة في غزة.
كما سجّل استطلاع غالوب في يوليو/تموز تراجعًا في تأييد العمليات العسكرية الإسرائيلية من 50 بالمائة إلى 32 بالمائة خلال 17 شهرًا، مع انخفاض ملحوظ في صفوف الشباب والديمقراطيين والمستقلين.
انقسام حزبي عميق
وأشار التقرير إلى أن الانقسام داخل المجتمع الأمريكي بشأن إسرائيل لم يعد خافيًا. فثلاثة من كل أربعة جمهوريين (75 بالمائة) ما زالوا يرون أن دعم إسرائيل يخدم المصلحة الأمريكية، في حين انخفضت النسبة بين الديمقراطيين إلى 36 بالمائة وبين المستقلين إلى 37 بالمائة.
أما على مستوى الموقف من نتنياهو، فقد حظي بدعم 47 بالمائة من الجمهوريين، مقابل تراجع شديد بين الديمقراطيين (4%) والمستقلين (14%).
في المقابل، صرّح 70 بالمائة من الديمقراطيين و58% من المستقلين، وحتى 20% من الجمهوريين، بأن لديهم نظرة سلبية تجاهه، ما يعكس اتساع الهوة في صورة إسرائيل وقيادتها عبر الطيف السياسي الأمريكي.
وتكشف هذه المؤشرات مجتمعة عن تبدّل جذري في المزاج الشعبي الأمريكي تجاه إسرائيل، وهو تبدّل يتغذى من مشاهد الحرب في غزة، والخسائر الإنسانية الكبيرة، والانقسام الداخلي الأمريكي حول أولويات السياسة الخارجية.