إمام أغلو يقول إن قناة إسطنبول مشروع قتل وبمثابة كارثة ضد وجود 16 مليون شخص بإسطنبول، وأمن 82 مليون تركي.
كشف استطلاع للرأي حول مشروع قناة إسطنبول المائية، الذي يصر نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تنفيذه رغم مخاطره وتهديداته الكبيرة للمدينة، عن رفض غالبية المواطنين للمشروع.
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" المعارضة، أجرت الاستطلاع "شركة إسطنبول للأبحاث الاقتصادية" بمشاركة 1537 شخصاً من 12 ولاية مختلفة بجميع أنحاء البلاد.
ووفق نتائج الاستطلاع التي نشرت، الجمعة، فإن شريحة من المشاركين تقدر نسبتها بـ45% قالت إنه ليس لديها أي معلومات عن المشروع، فيما بلغت نسبة من لديهم معلومات 40.2%، أما نسبة من لديهم كثيراً من المعلومات فبلغت 11.3%.
ولقد كان البعد الاقتصادي للمشروع من النقاط اللافتة للانتباه بالاستطلاع، ورداً على سؤال: "هل أنت مع مقولة "هناك حاجة للمشروع لكن الأوضاع الاقتصادية تحتم عدم إنفاق هذه المبالغ الطائلة في ظل الأزمة الاقتصادية"، أظهر الاستطلاع أن 42.3% من المشاركين مع هذا الرأي.
أما نسبة من قالوا إن "المشروع سيخلق موارد دخل اقتصادية لتركيا" فكانت 35.7%، فيما عارض هذا الرأي 49.2% وهي نسبة تعادل نصف سكان تركيا تقريباً.
فيما بلغت نسبة من ليست لديهم أي معلومات عما إذا كان المشروع سيدر أموالاً أم لا، 15.1%.
المشروع مضر بالبيئة
وبخصوص الأضرار البيئية للمشروع نفسه انقسم المشاركون بالاستطلاع إلى فريقين؛ 42.7% منهم قالوا إن له أضراراً بالفعل، فيما رأى 40.1% عكس ذلك.
كما أن 27.8% من المشاركين بالاستطلاع يرون أن "هناك حاجة للمشروع بسبب انتهاء مدة اتفاقية مونترو" التي وقعت بالمدينة السويسرية عام 1936 لتنظيم الملاحة في المضائق والممرات المائية التركية.
%53.3 منهم قالوا إنهم لا يتفقون مع هذا الرأي.
وتتواصل في تركيا ردود الأفعال الرافضة لإنشاء قناة إسطنبول المائية خلال الفترة الماضية من قبل أحزاب المعارضة كافة، في ظل إصرار من أردوغان على تنفيذ المشروع.
ومؤخراً جدد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو رفضه للمشروع، وحدد عدة أسباب يرى أنها كافية للعدول عن المضي قدماً في تنفيذه، رغم أن أردوغان أعلن أن بلاده ستطرح مناقصة المشروع وتباشر بتنفيذه "في أقرب وقت".
وقال إمام أوغلو، مؤخراً، إن مناقشاته مع الخبراء من ذوي الشأن البيئي قادت إلى أن المشروع يعد مشروع قتل وبمثابة كارثة ضد وجود 16 مليون شخص بإسطنبول، وأمن 82 مليون تركي.
وأضاف أن أحد أسباب معارضته للمشروع هو نقص محتمل في المياه يمكن أن تسببه قناة إسطنبول.
وشرح في هذا السياق: "إذا تحقق المشروع، فستفقد إسطنبول القائمة منذ 8500 عام، مصادر المياه الجوفية وفوق الأرض، وهذا السبب من تلقاء نفسه يشترط تعليق المشروع".
وذكر أن البيانات المتعلقة بذلك متوفرة في تقارير شركة الأعمال الهيدروليكية الحكومية وإدارة المياه والصرف الصحي في إسطنبول.
ونوه استناداً إلى تلك التقارير، بأن قناة إسطنبول ستمهد الطريق لخلط المياه المالحة في بحيرة تيركوس شمالي إسطنبول، مضيفاً أن مصدر المياه الرئيس للجانب الأوروبي للمدينة "سوف يختفي"، بينما سيبقى سد "سادلدير"، وهو أحد الموارد المائية الرئيسية في إسطنبول "بلا وظيفة".
وبينما صرح الرئيس التركي في وقت سابق من الشهر الجاري، أن قناة إسطنبول المائية هي مشروع لحماية مضيق البوسفور من كوارث خطيرة للغاية، رأى إمام أوغلو غير ذلك، إذ أكد أن نقص المياه يمثل أيضاً مشكلة استراتيجية وأمنية، نظراً لأن منطقة البناء المخطط لها هي "منطقة محمية استراتيجية" يمكن استخدام مصادرها أثناء الحروب والكوارث الطبيعية.
وإلى جانب احتمال حدوث مخاوف من الجفاف، فإن قناة إسطنبول ستؤدي إلى خطر حدوث زلزال في المدينة، وفقاً لإمام أوغلو.
وقال: "إذا أخذنا تاريخ وبيانات 120 عاماً، فإن أي بنية على طريق القناة تشكل خطراً كبيراً على حياة الإنسان، لأن الزلازل تمثل حقيقة ثابتة في هذه المنطقة، فهيكل التربة عرضة للانهيارات الأرضية".
كما رأى أن مثل هذا المشروع ستكون له آثار اقتصادية على المواطنين، إذ سيمهد الطريق نحو المزيد من الضرائب، مع رفع تكاليف بلدية إسطنبول.
وأشار أيضاً إلى أن هذا المشروع ينتهك اتفاقية مونترو، لافتاً إلى أن آثار مشروع القناة تنتهك سبع اتفاقيات دولية أخرى.
كان أردوغان أعلن في 2011، رسمياً، عندما كان رئيساً للوزراء حينها، عن مشروع القناة لربط البحر الأسود ببحر مرمرة.
تكلفة باهظة
وتتراوح تكلفة المشروع بين 15 و20 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقاً لما ذكرته بيانات وزارة النقل والبنية التحتية التركية. ومن المخطط أن ينتهي من أعمال حفر المشروع بحلول عام 2023.
وقناة إسطنبول عبارة عن مشروع لممر مائي اصطناعي يربط بحر "مرمرة" بالبحر "الأسود" في الشق الأوروبي من إسطنبول، على امتداد 45 كيلومتراً، بموازاة مضيق البوسفور.
وأبرز منتقدي المشروع، اتحاد الغرف التركية للمهندسين، الذي شكك في الحاجة لحفر القناة، وحذر من أن المشروع سيدمر موقعاً أثرياً قريباً من إسطنبول يعود تاريخه إلى 8500 عام، وسيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق.
حماة البيئة الأتراك كذلك ينتقدون المشروع ويرون أنه سيؤثر بشكل كبير على التركيبة المعقدة للنظم المائية التركية.
احتجاجات
وفي إطار الرفض المجتمعي لتنفيذ القناة، شهدت العديد من الولايات التركية، السبت، قيام المواطنين بتقديم طلبات اعتراض على المشروع، مطالبين بعدم تنفيذه.
جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" المعارضة،في مادة خبرية عنونتها بـ"رفض القناة يتخطى حدود" إسطنبول.
وذكرت الصحيفة أن ولايات أرتفين، وريزه، وسامسون، وجناق قلعه، شهدت اليوم، قيام المواطنين فيها بتقديم طلبات اعتراض على مشروع "قناة إسطنبول" لإدارات البيئة والتخطيط العمراني بها للتعبير عن رفضهم لتنفيذ المشروع المثير للجدل في البلاد.
وبحسب المصدر اصطف المواطنون في طوابير طويلة أمام تلك الإدارات التي تتبع وزارة البيئة والتخطيط العمراني، لتقديم طالباتهم التي ترفض جميعها المشروع، وتطالب باتخاذ اللازم لتفعيل تلك المطالب.
وتتواصل في تركيا ردود الأفعال الرافضة لإنشاء قناة إسطنبول المائية خلال الفترة الماضية من قبل كافة أحزاب المعارضة، في ظل إصرار من أردوغان على تنفيذ المشروع.