"فايننشال تايمز": فقراء إيران يتحملون العبء الأكبر لفشل الملالي
ارتفاع تكلفة المعيشة يشعل غضب الإيرانيين المتزايد من سوء الإدارة الاقتصادية، وفساد الحكومة والأسر محدودة الدخل تكافح لتدبير نفقاتها.
مع بدء سريان الحزمة الأولى من عقوبات واشنطن ضد طهران، يوم الثلاثاء، سيتحمل فقراء إيران العبء الأكبر لسوء الإدارة الاقتصادية وفساد نظام الملالي.
وفي تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، قالت إن أسواق طهران المحلية كانت تشتهر بطوابيرها الطويلة، حيث يصطف المتسوقون لشراء اللحوم والخضروات والفاكهة بالجملة بأسعار مخفضة.
لكن الوقت الراهن، أصبح عدد العملاء أقل بكثير، وأولئك الذين يشترون السلع يختارون بعناية ما يكفي لتلبية احتياجاتهم اليومية في ظل ارتفاع الأسعار، ما يعني أن الأسر محدودة الدخل تكافح من أجل تلبية احتياجاتها.
وأحد هؤلاء الذين التقتهم الصحيفة، سيدة إيرانية في منتصف العمر، كانت تلعن النظام وحكامه بينما تدفع ثمن الخس والملفوف، قائلة: "لعن الله هذا النظام وحكامه الفاسدين.. أرسلوا أطفالهم إلى الولايات المتحدة وكندا بينما يجعلوننا أكثر فقرا كل يوم".
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الشكاوى أصبحت شائعة في إيران، وتسلط الضوء على الضغوط الداخلية الحادة التي تتزايد على القيادة، حيث فرضت الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء، عقوبات جديدة على طهران، تستهدف قطاعات السيارات والذهب والمعادن الأخرى وقدرة الحكومة على شراء الدولار الأمريكي.
ولفتت إلى أن القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو/أيار بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى العالمية في عام 2015 أدى إلى تفاقم تراجع الريال، حيث خسرت العملة أكثر من نصف قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في السوق غير الرسمية هذا العام.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية مثل الفواكه والخضروات إلى 50% منذ بداية عام 2018، وفقا للأرقام الرسمية، ما يزيد من الغضب المتصاعد الذي يشعر به العديد من الإيرانيين تجاه القادة الذين يلقون عليهم باللائمة في سوء الإدارة والفساد الاقتصادي.
ويقول محللون إن الانفصال بين الناس والنظام أوسع نطاقا من أي وقت مضى منذ ثورة عام 1979، لا سيما مع استمرار التظاهرات في أنحاء متفرقة من البلاد منذ مطلع العام ونزول الآلاف إلى الشوارع، احتجاجا على عدة قضايا مثل نقص المياه والبطالة وانقطاع الكهرباء.
وارتأت أن تلك الاحتجاجات التي تتبنى في كثير من الأحيان نبرة مناهضة للنظام، أضافت إلى مخاوف السياسيين الإيرانيين الذين ينظرون إلى العقوبات الأمريكية باعتبارها جزءا من مؤامرة لتصعيد الغضب الشعبي عن طريق الضغط على طهران ماليا إلى درجة يثور عندها الإيرانيون ضد قادتهم.
وأوضحت "تايمز" أن الفساد داخل النظام ونخبة رجال الأعمال المرتبطة بالسياسة، وتبادل الاتهامات بالتزوير وسوء الإدارة بين الإصلاحيين والمتشددين المنهمكون في صراع محتدم على السلطة، هي السبب الرئيسي للاستياء العام.
ولفتت إلى أن أزمة العملة أضافت إلى المخاوف بشأن الفساد، وسط اتهامات بأن بعض رجال الأعمال استفادوا بشكل غير قانوني من سيطرة الحكومة على العملة بعد حصولهم على اليورو بأسعار مدعومة لاستيراد السلع.
وكانت السلطة القضائية أعلنت الشهر الماضي أنها اعتقلت العديد من رجال الأعمال فيما يتعلق بقضايا الكسب غير المشروع، الذي يشمل استيراد السيارات والهواتف الذكية، وفي إحدى القضايا قالت إن أكثر من 10 آلاف هاتف تم استيرادها بأسعار منخفضة من قبل "شخص ميت" ليتم بيعها بسعر أعلى في السوق المفتوحة.
في السياق، قال علي، البالغ من العمر 61 عاماً، عضو سابق في "الحرس الثوري" في مدينة آمل: "الفساد مرتفع جداً لدرجة أنه تغلغل في كل مكان.. لماذا يجب علينا النضال مع القضايا اليومية والمجازفة بحياتنا لملء جيوب الفاسدين؟".
لكن من المتوقع، وفقا للصحيفة، أن يتدهور الوضع الاقتصادي أكثر عندما تفرض الولايات المتحدة عقوبات على صادرات النفط الإيرانية، مصدر الدخل الحيوي للحكومة، والمعاملات المالية مع البنك المركزي في نوفمبر/تشرين الثاني.
في الوقت الراهن يقوم الإيرانيون الأكثر ثراء بالفعل بتخزين السلع الأساسية، وشراء الأصول مثل الذهب والسيارات في محاولة لحماية قيمة مدخراتهم؛ لكن الفقراء لا يملكون الوسائل لكي يحذوا حذوهم، ويعتبرون أنفسهم ضحايا نظام غير عادل.