يحب إطلاق النكات.. زميل دراسة «البابا ليو الرابع عشر» يفتح دفتر ذكرياته

وُلد البابا ليو الرابع عشر، واسمه الأصلي روبرت فرانسيس بريفوست، في مدينة شيكاغو عام 1955، وقضى معظم طفولته في منطقة شيكاغو الكبرى.
لكنه ارتاد المدرسة الثانوية في ولاية ميشيغان الغربية، وتحديدًا في مدرسة القديس أغسطين الإعدادية في مدينة هولاند، وهي مدرسة كاثوليكية أغلقت أبوابها لاحقًا.
التحق بالمدرسة خلال أوائل السبعينيات، وكان أحد طلاب دفعة عام 1973، إذ بدأ في تلك الفترة التمييز بين الدعوة الكهنوتية، واختار الانضمام إلى رهبنة القديس أغسطين.
زميله في الدراسة يروي الذكريات
الأب بيكيت فرانكس، الراهب البندكتيني المقيم حاليًا في دير القديس بروكوبيوس بولاية إلينوي، كان أحد زملائه المقربين خلال تلك السنوات. يقول فرانكس: "كنت هناك بين عامي 1968 و1972، وكان هو يسبقني بعام واحد فقط. المدرسة كانت صغيرة جدًا، لم يتجاوز عدد طلابها 65 طالبًا، وكنا جميعًا نعرف بعضنا جيدًا".
ويتذكر فرانكس أنه شارك "بوب" – كما كان يناديه الجميع – في الكورال المدرسي ومسرح القراءة، مشيرًا إلى أن طبيعة المدرسة جمعت الطلاب في بيئة تعليمية موحدة، رغم اختلاف المراحل الدراسية، مما عمّق الروابط بينهم.
نابغ ومحبوب ومساعد دائم للآخرين
يصف فرانكس زميله السابق بأنه كان ذكيًا للغاية، سريع الفهم، واسع الاطلاع، ومحبوبًا من الجميع. ويضيف: "كان مميزًا بعقله اللامع. كان ملمًا بكل شيء، وساعد الجميع على فهم ما يصعب عليهم". وكان يُعرف في المدرسة بلقب "المُدرّس غير الرسمي"، إذ كان يلجأ إليه الطلاب لحل مشكلاتهم الدراسية، سواء في الإنجليزية أو الرياضيات أو التاريخ.
تشير إحدى القصاصات الصحفية من صحيفة "هولاند سنتينل" بتاريخ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1972 إلى أن بريفوست كُرّم على أدائه العالي في اختبار PSAT/NMSQT عام 1971. كما كان دائم الحضور في قوائم الشرف، وعضوًا في الجمعية الوطنية للشرف، ونشطًا في نادي الإرساليات.
شغل عدة مناصب قيادية في المدرسة، مثل نائب رئيس مجلس الطلبة، ورئيس نادي المكتبة، ورئيس الصف في سنته النهائية، ومندوبًا عن طلاب المدرسة في مؤتمر طلابي في لانسنغ. كذلك، تولى رئاسة تحرير كتاب المدرسة السنوي، الذي وقّع لفرانكس بتوقيع بسيط: "أتمنى لك دائمًا الأفضل، بوب بريفوست".
شخصية متزنة وروح دعابة هادئة
رغم جديته، امتلك بريفوست حس دعابة خفيًا. يقول فرانكس: "كان هادئًا، جادًا، لكنه يمتلك سخرية لطيفة. عندما يبدأ بالابتسام بشكل جانبي، تدرك أنه على وشك إطلاق نكتة، هكذا كان يحب". ويضيف مبتسمًا: "كان صديقًا بسيطًا، لا يضخّم من حضوره، لكنه حاضر دائمًا باحترام وثبات".
لحظة الإعلان التي فاجأت الجميع
في 8 مايو/ أيار 2025، عاش الأب فرانكس لحظة صدمة كبرى عندما أُعلن من شرفة كاتدرائية القديس بطرس أن زميل دراسته أصبح البابا الجديد. "كنت في المطبخ عندما سمعت الاسم، بدأت بالصراخ. هرع الرهبان إلى الداخل معتقدين أن أمرًا خطيرًا وقع، فقلت لهم: زميلي في المدرسة الثانوية أصبح البابا!"
رغم أن الهواتف المحمولة ممنوعة عادة في قاعة الطعام بالدير، سمح الرئيس باستخدامها تلك الليلة، فتجمّع الرهبان حول شاشة هاتف فرانكس الصغيرة لمتابعة لحظة ظهور البابا ليو الرابع عشر.
يقول فرانكس وهو يبتسم: "بدأت أبكي، قالوا لي: هذا رائع، أنت تعرفه! قلت لهم: درست معه. كان يومًا غير عادي بكل المقاييس".
مسيرته الكنسية من البدايات إلى الكرسي الرسولي
بعد تخرجه من المدرسة، انضم بريفوست إلى الابتداء في رهبنة الأغسطينيين عام 1977، ثم نذر النذور الأولى عام 1978، والنهائية في 1981، وسيم كاهنًا في العام التالي. قضى سنوات طويلة في الخدمة كمبشر في البيرو، قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة ليصبح الرئيس الإقليمي لرهبنته، ثم الرئيس العام لها عالميًا، وهو منصب شغله لدورتين متتاليتين.
في سبتمبر/ أيلول 2015، عُيّن أسقفًا لأبرشية تشيكلايو في البيرو، وظل في هذا المنصب حتى يناير/ كانون الثاني 2023، حيث أصبح رئيسًا لمجمع الأساقفة في الفاتيكان، ثم رُقي إلى رتبة كاردينال في سبتمبر/ أيلول 2023.
تواضع لم يتغير رغم المناصب
يؤكد فرانكس أن "بوب بريفوست" كان يوقّع دائمًا باسمه البسيط، حتى بعد أن أصبح كاردينالًا، ويقول: "نفس التوقيع الذي وضعه لي في كتاب المدرسة ظل يضعه على رسائله طوال السنوات".
ويشير إلى أن اختيار اسم "ليو الرابع عشر" ليس عشوائيًا، قائلاً: "من يعرف البابا ليو الثالث عشر يعلم أن هذا البابا الجديد سيتابع النهج الاجتماعي للكنيسة. إنه رجل سيدافع عن العمال، والنقابات، والمهاجرين، والمضطهدين".
صورة بقيت راسخة في الأذهان
في عام 2024، تحدث الكاردينال بريفوست خلال مناسبة في كنيسة القديس جود بولاية إلينوي عن تأثير مدرسته الثانوية عليه، مشيرًا إلى أحد المعلمين الذي وصفه بأنه "مُعلّم حقيقي وراهب أغسطيني مكرّس".
يرى زملاؤه القدامى أن الرجل الذي اعتاد مساعدتهم في الواجبات المدرسية لا يزال يحتفظ بنفس الروح، ويأملون أن يلمس العالم فيه ما لمسه من عرفه منذ أيام المدرسة: عقل متقد، قلب رحيم، وشخصية ثابتة. يختم فرانكس شهادته عنه بجملة بسيطة تلخص كل شيء: "كان دائمًا نفسه. متواضعًا، صريحًا، ومحل احترام الجميع".
aXA6IDE4LjE5MS4yNDUuMjI5IA== جزيرة ام اند امز