100 يوم على مرفأ بيروت.. السياسة طاغية والعدالة غائبة
بعد حوالي مئة يوم على انفجار مرفأ بيروت، لا تزال الحقيقة غير معروفة ولا يزال اللبنانيون وأهالي الضحايا بانتظار العدالة.
لكن هذه العدالة التي يصفها مراقبون بـ"المسيّسة" في لبنان لا يبدو أنها ستكون قريبة نتيجة المصالح السياسية التي تحكم أي تحقيق من شأنه أن يطال أي طرف أو جهة محسوبة على مسؤول معين، فتبقى الحقائق غائبة والمتورطون بعيدون عن المحاسبة.
ورغم توقيف 25 شخصا على ذمة التحقيق، بينهم موظفون بمناصب عليا إضافة إلى مدير عام الجمارك بدري الضاهر، إلا أنه لم يتم الاعلان عن أية نتائج أو حتى حقيقة ما حصل.
وفي هذا الإطار يقول وهبي قاطيشا، العميد المتقاعد والنائب في "حزب القوات اللبنانية" "لا يريدون الوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤولين عن جريمة المرفأ".
مضيفا "يبدو واضحا أنه كالعادة سيتم اتهام عدد من الموظفين وتبرئة المسؤولين الكبار، في وقت لا يستطيع القاضي المسؤول عن القضية، ونتيجة الضغوط المعروفة، الذهاب بعيدا في مهمته ما يؤكد أن الجريمة لا تزال متمادية بحيث لا أحد بإمكانه المسّ بالرؤوس الكبيرة التي لا شك لها علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بما حصل".
"حتى الخطوط الأساسية التي أدت إلى هذه الجريمة"- برأي قاطيشا- لم تكشف، "علما أن مسار الباخرة التي وصلت إلى لبنان قبل سبع سنوات وبقيت في المرفأ من دون أي مراقبة، معروف، لكن من الواضح أنهم لا يريدون كشفها".
من هنا يعتبر النائب في حديثه مع "العين الإخبارية" أنه "لطالما هذه المنظومة السياسية هي الحاكمة لن نصل إلى الحقيقة بالانفجار لا سيما أن المتورطين بالجريمة، بشكل مباشر أو غير مباشر، هم من رموزها أو محسوبين عليها".
ويسأل قاطيشا عن التحقيقات التي أجريت مع وزراء سابقين ومسؤولين سابقين وحاليين، قائلا "إلى ماذا توصلت هذه التحقيقات ولماذا لم يعلن عن نتائجها؟ وكيف يمكن لمدير معين أن يأخذ قرارا دون علم الوزير المسؤول عنه؟".
ولهذا، يؤكد أن "التحقيقات يجب أن تشمل الجميع من رأس الهرم الى أسفله وتوقيف المتورطين"، لاسيما وأن الرئيس اللبناني ميشيل عون "أقرّ بعلمه بوجود المواد المتفجرة في المرفأ، والموقف نفسه صدر عن رئيس الحكومة حسان دياب، وبالتالي تقع عليهما مسؤولية فيما حصل".
"النكتة"
أما الخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو، فيميز بين التحقيق الداخلي المتعلق بالفساد في لبنان والإهمال الذي أدى إلى وقوع كارثة المرفأ والذي هو من مسؤولية الدولة اللبنانية.
وفي حديث مع "العين الإخبارية"، يرى الحلو أنه "كان يفترض أن يصل القضاء إلى نتيجة بعد أكثر من مئة يوم على الانفجار".
وفيما يتعلق بالشق الأول المتعلق بالفساد، فوصف الحلو، الوعد الذي أطلقته السلطة بالكشف عن المسؤولين خلال خمسة أيام، بـ"النكتة".
وقال "لا يمكن لأي عاقل أن يصدق أن التحقيق في انفجار كهذا خلال خمسة أيام، وهذا الوعد يؤكد عدم الجدية في التعاطي مع القضية".
مستطردا "كان من المفترض أن تظهر الحقيقة أو على الأقل الخيوط الأولية، بعد حوالي مئة يوم من الجريمة وهي لا تحتاج إلى أشهر أو سنوات كما يحصل عادة في لبنان وتنتهي الأمور من دون الوصول إلى نتيجة".
أما "الشق الثاني الذي قد يكون مرتبطا بضربة من الخارج جوية أو "شبحية" أي لا يمكن رؤيتها بأم العين، قد لا نستطيع معرفة حقيقتها علما أن فرق التحقيق الغربية قد تكون عرفت بها ولم تعلن عنها.
وحول التوقيفات التي طالت بعض الأشخاص ومنهم مدير عام الجمارك، دون الإعلان عن التحقيقات ونتائجها، عزا الحلو، السبب في ذلك إلى "إهمال في القضاء أو خوف المحققين من أن يطالوا مقدّسات جهة نافذة في البلد هي من مارست الضغوط لوقف التحقيق".
ويتفق الحلو أيضا مع النائب قاطيشا، معتبرا أنه طالما هذه المنظومة هي التي تحكم من الصعب الوصول إلى الحقيقة، في وقت ينشغل اللبنانيون بلقمة عيشهم في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها.
وفي إطار المواكبة القانونية للانفجار، كانت نقابة المحامين عبر "مكتب ادعاء" مؤلف من عدد من المحامين اللبناني، اتخذت صفة الادعاء الشخصي في هذه الجريمة لمواكبة دعاوى أهالي الضحايا والمتضررين.
وأعلنت النقابة قبل أيام عما توصلت إليه بعد انقضاء أكثر من ثلاثة أشهر على هذا التفجير، وطالبت بملاحقة رؤساء حكومات ووزراء ومسؤولين وفق القانون.
وقالت إنها تقدمت بأكثر مِن ٦٨١ شكوى جزائية عن أهالي الضحايا والمتضررين، أمام النائب العام التمييزي-النائب العام لدى المجلس العدلي.