جولات «صمود» الدولية والإقليمية.. حراك مدني يُقلق سلطة بورتسودان

في ظلّ حرب مدمرة طال أمدها بالسودان، برز تحالف «صمود» كأحد أبرز الفاعلين المدنيين الساعين إلى حشد دعم سياسي لإنهاء الأزمة.
هذا التحالف الذي يحاول إعادة الاعتبار للمسار الديمقراطي لوقف النزاع عبر جولات إقليمية ودولية نشطة، أثار حفيظة سلطة بورتسودان، التي رأت فيها تحدّيًا لشرعيتها.
- «سودان بلا إخوان».. هل تمهد رؤية «صمود» الطريق لوقف الحرب؟
- مطالب بتصنيف إخوان السودان «إرهابية».. و«صمود»: 3 عقود من القمع تكفي للقرار
وفي هذا الإطار كشف الناطق الرسمي باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة السودانية «صمود»، بكري الجاك، تفاصيل خارطة الجولات الإقليمية والدولية التي يقوم بها التحالف، بهدف استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي.
وقال الجاك في حديث لـ«العين الإخبارية»: «أكملنا في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة السودانية (صمود)، جولة في جنوب أفريقيا، التقى فيها وفد صمود برئاسة د. عبد الله حمدوك، رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، وقيادة التحالف الحاكم، حيث التقى الوفد المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الشيوعي الجنوب أفريقي».
وأضاف أنهم في تحالف «صمود» تمكنوا أيضًا من عقد لقاءات مع العديد من الفاعلين الإقليميين على هامش أسبوع «مو إبراهيم» للحوكمة، الذي نظمته مؤسسة مو إبراهيم (تجمع قادة وسياسيين ورجال أعمال وممثلين عن المجتمع المدني)، مؤكدًا استمرارية هذه الجولات الخارجية لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوروبا.
وطبقًا لبيان صادر عن «صمود» اطّلعت عليه «العين الإخبارية»، استعرض وفد «صمود» خلال لقائه مع رئيس جنوب أفريقيا تطورات الأزمة السودانية، مشيرًا إلى أن الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023 تسببت في كارثة إنسانية تُعد الأكبر عالميًا، بحسب الأمم المتحدة.
ودعا الوفدُ الرئيسَ رامافوزا إلى استثمار ثقل بلاده السياسي والإقليمي في دعم جهود السلام واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي.
ونقل البيان عن الرئيس الجنوب أفريقي تعبيره عن اهتمام بلاده العميق بالوضع في السودان، مشيرًا إلى التزامه بالتواصل مع الأطراف المعنية للمساهمة في وقف الحرب والمشاركة في جهود إعادة الإعمار.
بورتسودان تُدين وتُهدد
لقاء وفد «صمود» بالرئيس الجنوب أفريقي، أثار غضب الجيش السوداني، مما دفع وزارة خارجية السلطة في بورتسودان إلى إصدار بيان رسمي استنكرت فيه استقبال دولة جنوب أفريقيا لوفد «صمود» والسماح له بعقد لقاءات رسمية مع الحكومة الجنوب أفريقية.
وقالت الخارجية في بيانها إن «حكومة السودان ترفض أي تعامل من الدول الأفريقية مع هذه المجموعة المعزولة وفتح منابر لها»، مضيفة أنها «ستُقيّم علاقاتها بهذه الدول في ضوء دعمها للشرعية الوطنية والوقوف إلى جانب الشعب السوداني في معركة الكرامة».
وضم وفد «صمود»، إلى جانب عبد الله حمدوك رئيس التحالف، رئيسَ الحركة الشعبية لتحرير السودان «التيار الثوري» ياسر عرمان، ورئيسَ المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل، والمتحدثَ الرسمي باسم «صمود» بكري الجاك.
استهجان لبيان الخارجية
في المقابل، سخر تحالف «صمود» من بيان وزارة الخارجية، وأبدى رئيس التحالف عبد الله حمدوك اندهاشه، خلال لقاء مع الجالية السودانية في بريتوريا بجنوب أفريقيا، من الجرأة ولغة التهديد التي تضمنها بيان الوزارة تجاه دولة كبيرة مثل جنوب أفريقيا، قائلًا: «إن مثل هذا السلوك لا يحل أزمة السودان».
أما القيادي في تحالف «صمود» جعفر حسن، فكتب على صفحته الشخصية في «فيس بوك» معلّقًا على بيان الخارجية: «لم يكن مدهشًا لنا، بيان وزارة خارجية سلطة الأمر الواقع في بورتسودان وعويلهم الصارخ على التحركات الدبلوماسية لتحالف «صمود» في دفع المحيطين الإقليمي والدولي في اتجاه إسناد جهود وقف حرب العبث، التي قتلت وشردت ملايين السودانيين والسودانيات، وأحطت من كرامة شعبنا».
وأضاف: «نؤكد أن أي تقييم يصدر ضد «صمود» وجهدها المستمر لوقف الحرب، من الذين أخرجتهم لبلادنا أحشاءُ الظلمات وعهود الاستبداد، لا نكترث له كثيرًا. فاقدو البوصلة الأخلاقية لا يخرج منهم سوى ضلال أثيم، لن يثنينا عن جادة الطريق نحو جهود السلام، وإنهاء الحروب، وبناء سودان الحرية والعدالة والسلام».
مؤشرات نجاح
وبحسب مراقبين في السودان، فإن استهلال وفد «صمود» لجولاته الخارجية بدولة جنوب أفريقيا، يُعد مؤشرًا على نجاح مساعي التحالف في إحداث اختراقات مهمة لدى المجتمع الإقليمي، فيما يتعلق بضرورة حشد الدعم السياسي اللازم لإنهاء الحرب في السودان.
وأوضح المحلل السياسي والكاتب الصحفي السوداني أحمد خليل لـ«العين الإخبارية» أن حكومة جنوب أفريقيا تُعد فاعلًا مهمًا في الملف السوداني، كونها عضوًا في مجلس السلم والأمن الأفريقي، وبلدًا مؤثرًا على مستوى القارة، مؤكدًا أهمية دورها في دعم جهود السلام والانتقال المدني في السودان.
وقال خليل إن تطور الحرب في السودان وتمددها يومًا بعد يوم، جعلا الصوت المدني الداعي لإيقافها يبدو وكأنه ضعيف وغير مسموع، إلا أنه عاد وأكد على الجهود المُضنية التي ظل يبذلها تحالف «صمود» في مسار الدعوة لإيقاف الحرب، رغم حملات التشويه الممنهجة التي ظل يتعرض لها التحالف منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023.
وأضاف: «يبدو أن تحالف «صمود» قرر أن يرمي بثقله في مضمار التشبيك مع المواقف الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية»، لافتًا إلى طبيعة الوفد الذي يزور جنوب أفريقيا حاليًا، قائلًا: «هذا وفد لـ«صمود» من العيار الثقيل»، في إشارة إلى الخبرات الكبيرة التي يتمتع بها أعضاء الوفد في التنوير بحيثيات الأزمة السودانية، فضلًا عن تمتعهم بعلاقات دولية مهمة تُسهم في تجسير سُبل التواصل مع الفاعلين الدوليين والإقليميين، على حد قوله.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز