سلاسل الإمدادات العالمية.. هل بالإمكان منع تكرار أزمة 2022؟
شهد العام الماضي أسوأ تأخيرات شهدتها سلسلة التوريد لشحن الحاويات منذ إنشائها في الخمسينيات من القرن الماضي.
فمنذ النصف الثاني 2022، بدأت تهدأ أزمة سلاسل الإمدادات العالمية، ومعها بدأت العديد من السلع الأساسية تسجل تراجعات متتالية، مع بقاء تأثيراتها على التضخم حاضرة.
كذلك منذ أكثر من عام بقليل، وصل اضطراب سلسلة التوريد إلى مستوى مرتفع، جعل من التطور العالمي في أعمال اللوجستيات والنقل والذكاء الاصطناعي مجرد لعبة، إذ لم ينجح العالم بإدارة الأزمة، بل على العكس ساهمت دول في تأجيج أزمة الإمدادات.
سلاسل الإمداد العالمية.. العودة لما قبل الجائحة
اختفى الازدحام اليوم تقريبا في الموانئ حول العالم مع بعض الاستثناءات الطفيفة في الصين، وعادت سلاسل التوريد إلى طبيعتها تقريبا، وتراجعت تكاليف الشحن إلى مستويات ما قبل الجائحة.
ولكن في أعقاب هذه التجربة المربكة والمكلفة، من المهم أن نسأل: ما الذي أدى إلى مثل هذه الأزمة من الوقوع، وما الذي يمكن فعله لمنع تكرار ذلك؟
في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن الحمائية التجارية كانت إحدى الأسباب الرئيسية لتفاقم أزمة سلاسل الإمدادات، والتي تمثلت بمنع دول عدة تصدير سلع تشتهر بها، إلى الخارج كما حصل مع زيت النخيل والأرز والمعادن.
شهد العام الماضي أسوأ تأخيرات شهدتها سلسلة التوريد لشحن الحاويات منذ إنشائها في الخمسينيات من القرن الماضي. وساهمت أوقات انتظار السفن التي تصل إلى سبعة أسابيع في حدوث تأخيرات كبيرة وإحباط المستهلكين.
ضعف الوقت
بلغ الوقت الذي استغرقه شحن البضائع من شركة مصنعة في الصين إلى ميناء أمريكي ذروته بأكثر من ثلاثة أشهر، وهو ضعف وقت ما قبل الجائحة، وفقًا لشركة الشحن فليكسبورت.
استأجر كبار المستوردين مثل Walmart و Costco و IKEA سفنهم الخاصة في محاولة يائسة وغير مسبوقة لتجاوز الجمود في الموانئ، دون نجاحهم في استلام السلع بالوقت المحدد.
كان أحد العوامل في حدوث الأزمة، في أسواق رئيسية مثل الولايات المتحدة، هو إنفاق المستهلكين الذين ادخروا أموالا خلال عامي الجائحة في 2020 و 2021.
وفجأة قفز الاستهلاك دفعة واحدة، وأصبحت المتاجر غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد، فيما أزمة سلاسل الإمدادات تلقي بظلالها على حركة الشحن البحري من شرق الكرة الأرضية إلى غربها.
لم تكن الحاويات تتحرك بالسرعة الكافية عبر موانئ دول العالم. ونتيجة لذلك، أصبحت الحاويات الفولاذية في الموانئ مكدسة بشكل أكبر، وتملأ كل بوصة خالية.
مع وجود عدد محدود فقط من الأرصفة الرئيسة على مستوى العالم، كان على السفن القادمة والبضائع الموجودة على متنها الانتظار بعيدًا عن الشاطئ لحين تفريغ أخرى.
زيادات مفاجئة في المستقبل
بالنظر إلى هزات سلسلة التوريد التي تنتج عن تجنب التعريفة الجمركية وإعادة التخزين، يبدو أن الزيادات المفاجئة في المستقبل لا مفر منها، فما الخطوات التي ينبغي اتخاذها لتحسين التدفق عبر الموانئ؟
أولاً، يجب استخدام المنافذ خلال ساعات الليل أي عمل الموانئ لمدة 24 ساعة في اليوم.. في أكتوبر 2021، أعلن الرئيس بايدن أن ميناء لوس أنجلوس سيصبح تشغيلًا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
فشل هذا الجهد لأن سائقي الشاحنات وعمال المستودعات كانوا مترددين في العمل ليلا، وكان مشغلو المستودعات مترددين في تحمل تكلفة ساعات الليل.
ثانيا، لا يمكن حل أزمة سلاسل الإمدادات طالما هناك موانئ تعمل بالمناولة اليدوية بعيدا عن الأذرع الآلية الأسرع، لكنها الأعلى كلفة، لكن الوقت الذي تقضيه الناقلات على الموانئ يجعلها عاجزة عن تسريع عمليات النقل اللاحقة.
ثالثا، استغلال الذكاء الاصطناعي في قراءة تنبؤات الطلب على المواد الأولية والمواد الخام بالنسبة للدول المصنعة والمستهلكة معا، من خلال معرفة الفترات التي يزيد فيها الطلب على مواد خام، وتوفيرها قبيل ذلك بوقت قصير.
رابعا، بدأت عديد الدول حول العالم تفتح مصانع لها بالقرب من مراكز المواد الخام، أو حتى بالقرب من الأسواق الرئيسية لها، وهو ما يحصل اليوم في دول مثل الهند والصين وكوريا الجنوبية.
هذه الدول على سبيل المثال، بدأت بفتح مصانع لها في المكسيك على الحدود مع الولايات المتحدة، إحدى أهم الأسواق بالنسبة لها، في هذه الحالة لن تواجه المصانع ولا الأسواق أزمة توريد بسبب القرب الجغرافي بين المصنع والسوق.
aXA6IDMuMTM4LjE3MC42NyA=
جزيرة ام اند امز