حلول عصرية.. الشركات المصرية تؤسس لمنظومة سلاسل توريد مرنة
تحولات كبيرة تشهدها العولمة الاقتصادية على مسار سلاسل التوريد؛ تجريها الشركات اليوم لتجاوز التحديات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية.
وقد كشفت دراسة بحثية جديدة أجرتها "إيكونوميست إمباكت" بتكليف من "دي بي ورلد"، المزوّد الرائد للحلول اللوجستية الذكية، عن تلك التحولات الآخذة في الظهور المتصاعد.
وعرض تقرير "التجارة في مرحلة انتقالية"؛ آراء قادة الشركات في الأسواق الرئيسية، بما فيها سوق جمهورية مصر العربية، وذلك في ظلّ الاضطرابات الأخيرة التي تشهدها حركة التجارة العالمية، بدءًا من الصراع في أوكرانيا، ومرورًا بالتضخّم، ووصولًا إلى سياسات الإغلاق التي تتخذها بعض الدول في مواجهة جائحة كوفيد-19.
وتوصّل التقرير إلى نتيجة رئيسية مفادها أن نسبة 96% من الشركات على مستوى العالم أكدت قيامها بإجراء تغييرات على سلاسل التوريد الخاصة بها نتيجة للمستجدات الجيوسياسية.
تنويع قاعدة التوريد للشركات في مصر
وأشارت نسبة 47% من المشاركين في التقرير من جمهورية مصر العربية إلى قيامهم بتنويع قاعدة التوريد وزيادة عدد الموردين في سلاسل التوريد الخاصة بهم. وفي الوقت نفسه، أكّدت نسبة 41% من المشاركين توسّعهم نحو أسواق أكثر استقرارًا وشفافية لمواجهة المخاطر.
ومن أبرز القيود التي تواجه طموحات الشركات المصرية نحو زيادة الصادرات في عام 2023؛ ارتفاع تكاليف النقل، بحسب ما أوضحت نسبة 23% من المشاركين في الاستطلاع، يليها انخفاض الطلب نتيجة للاضطرابات الاقتصادية بنسبة 22%، والتقلّبات غير المواتية لأسعار الصرف الأجنبي بنسبة 19%.
وبالنظر إلى مستقبل التجارة، أظهر المشاركون مخاوفهم الرئيسية خلال العامين المقبلين تجاه عوامل أخرى؛ مثل ارتفاع التضخم بنسبة 23% من المشاركين، ومن الركود الاقتصادي بنسبة 22%، إلى جانب إمكانية حدوث إغلاقات في الأسواق الأخرى نتيجة لجائحة كوفيد19 بنسبة 21%.
دعم حكومي متزايد
وعلى الرغم من ذلك، أظهرت الدراسة وجود تفاؤل؛ حيث أوضحت نسبة 31% من المشاركين في الاستطلاع أن الاستقرار السياسي في الأسواق المستهدفة وزيادة الاهتمام والدعم من الحكومات الوطنية قد يؤدي إلى تغيير إيجابي خلال العامين المقبلين.
كما وافقت نسبة 22% من المشاركين على أن هناك ثلاثة عناصر رئيسية لتحفيز النموّ؛ وهي الطلب المتزايد في الأسواق الرئيسية، وتوسعة العمليات نحو أسواق جديدة وخفض التعريفات الجمركية.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، قد أعلن السبت 28 يناير/كانون الثاني 2023 عن انتهاء أزمة الإفراج عن البضائع في موانئ بلاده، وسط آمال بخفض أسعار السلع، مؤكدًا رجوع الوضع لما كان عليه قبل شهر فبراير/شباط 2022، وأن متوسط الإفراج عن البضائع في مصر حاليًا خاصة بالموانئ قد عاد للمتوسط العادي على مدار الأيام والشهور فيما قبل الأزمة.
وأضاف رئيس الوزراء: "كل المصانع اليوم عادت تعمل بكامل طاقتها ولديها ما يكفي لشهر أو شهرين مخزون من مستلزمات الإنتاج". وتابع رئيس الوزراء: "كان أهم شيء وفرة من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وبدأت المصانع تشتغل ونتابع معهم بشكل مستمر".
ويأمل المصريون في أن يؤدي عودة المصانع للعمل بكافة طاقاتها وانتهاء أزمة تكدس البضائع في الموانئ، في تهدئة الأسعار بالأسواق المحلية.
تقريب المسافات بين مراكز الإنتاج والمستهلكين
وخلال حديثه أثناء إطلاق التقرير في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس اليوم، قال سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـمجموعة "دي بي ورلد": "يقدم التقرير دليلاً قوياً على تبدّل وجه العولمة مع اضطرار الشركات إلى التكيّف مع تحديات جديدة. فمن خلال تقريب المسافة بين مراكز الإنتاج والمستهلكين النهائيين، يمكن للشركات تقليل عدد نقاط الاتصال التي تشكّل مراحل سلسلة التوريد، وبناء قدر أكبر من المرونة في انسيابية حركة البضائع حول العالم".
وأضاف، "ومع تغيّر البيئة التجارية باستمرار، يكمن التحدي التالي الذي سيبدّل هذه الاتجاهات الراهنة في التباطؤ الاقتصادي الذي يلوح في الأفق في الأسواق الإقليمية. وستكون مرونة الأعمال ووضوح العمليات في الوقت الفعلي وقدرات سلاسل التوريد المتكاملة من العوامل الرئيسة لضمان استمرار الشركات في ابتكار أحدث الطرق العملية وأكثرها كفاءة في بيئة مليئة بالتحديات المتسارعة".
التمكين الرقمي لتحفيز نمو الأعمال وتعزيز المرونة
وكشف التقرير أيضًا عن توجّه التركيز نحو الأدوات الرقمية التي تعدّ مفتاحًا لتعزيز المرونة في العمليات التجارية. وأشارت نسبة 32% من المشاركين في التقرير إلى أن الاستخدام المتزايد للأدوات الرقمية بهدف تحسين إدارة المخزونات كان أكثر فعّالية. وغالبًا ما يكمن التحدّي في تكاليف الاستثمار؛ فقد أشار ثلث المشاركين إلى أن هذا الحلّ نفسه هو أكثر تكلفة.
ومع ذلك، تبدو مؤشرات قيمة النموّ المحتمل هائلة؛ حيث أوضحت نسبة 60% من المشاركين في الدراسة أن صادرات شركاتهم يمكن أن تزيد بنسبة 5% أو أكثر، وذلك عند تبنيها لتقنيات جديدة في سلاسل التوريد. وتبدو فرصة التكنولوجيا في تحويل هذا القطاع كبيرة؛ حيث بدأت نسبة 37% من الشركات المصرية التي شملها الاستطلاع، بالفعل، في استخدام الأتمتة المتقدّمة والروبوتات خلال عام 2022.