سوريا على جمر التحديات.. وهذا ما يمكن لأمريكا فعله
حذر يغلف التصريحات الأمريكية بشأن الأحداث في سوريا، لكن مساعدة البلد الرابض على جمر التحديات قد تتطلب أكثر من ذلك.
وبحسب تقرير أعده «المجلس الأطلسي»، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، كانت القرارات الأولية للإدارة الأمريكية المتعلقة بسوريا سهلة نسبيا.
ومن بين تلك القرارات زيادة المساعدات الإنسانية، واستمرار جهود القضاء على تنظيم داعش، وبعث رسائل للقادة السوريين الجدد بأن الحكم عليهم سيكون من خلال أفعالهم وليس أقوالهم.
لكن التحدي الأكبر يبدأ الآن، حيث توجد العديد من السيناريوهات التي قد تؤدي إلى الفوضى، وعدد قليل جدا من المسارات التي قد تنتهي بنتائج إيجابية.
الواقع والتوقعات
ورغم تصريحات الإدارة التي تفيد بأن "لا أحد يعرف" ما سيحدث بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي حكم ووالده البلاد لأكثر من 50 عاما، إلا أن الأطر الرئيسية للأحداث القادمة يمكن التنبؤ بها بشكل كبير.
وغالبا ما ستكون الجهود الدولية حسنة النية، لكنها تعاني نقص الموارد أو سوء الفهم للوضع على الأرض.
وهناك العديد من السيناريوهات التي قد تؤدي إلى الفوضى، ما قد يتسبب في تصاعد الإرهاب ومزيد من القتال، وربما يدفع الوضع الجديد الناشئ واشنطن إلى التورط في حرب كبرى جديدة بالشرق الأوسط خلال الخمسة عشر عاما المقبلة.
صراع على السلطة
وخلال الأشهر المقبلة من المتوقع أن يحدث صراع على السلطة بين الجماعات المعارضة للأسد في دمشق وغرب سوريا.
وستسعى جهات خارجية مثل إيران وجماعات مرتبطة بالنظام السابق إلى استعادة نفوذها.
والواقع القاسي هو أن الجماعات التي تمتلك القوة العسكرية والموارد المالية الأكبر ستكون صاحبة الصوت الأقوى في تشكيل السياسة السورية المستقبلية.
وبحسب التقرير الذي اطلعت عليه «العين الإخبارية» لن يتمكن السوريون من حل هذه القضايا بأنفسهم بسلام دون تدخل خارجي.
وسيكون الدعم الخارجي والحسم الداخلي عاملين حاسمين في هذه المرحلة.
لاعبون خارجيون
ستكون تركيا في موقع الصدارة، ولكن دولا أخرى، مثل إيران وروسيا، ستسعى أيضا لتعزيز نفوذها.
وستكون الولايات المتحدة في حاجة إلى توجيه دقيق لتجنب المبالغة في التدخل أو التقليل منه، وكلاهما قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
أما العوامل التي ستؤثر على مستقبل سوريا، فهي:
• الدعم الخارجي: أي الذي تتلقاه الجماعات المختلفة حيث سيؤثر بشكل كبير على توازن القوى داخل البلاد.
• الأسلحة والمال: الجماعات التي تمتلك أكبر قدر من الموارد العسكرية والمالية ستتحكم في الساحة السياسية.
• التدخل الإيراني: من المرجح أن تحاول إيران وحليفها حزب الله اللبناني استعادة نفوذهما عبر تمويل الأحزاب السياسية والمليشيات.
خطوات
1. التنسيق مع الدول الإقليمية: يجب على الولايات المتحدة العمل مع تركيا، والأردن، وحكومات عربية أخرى لدعم الجماعات التي تلتزم بالتسامح والتعايش السلمي داخليا، والسلام مع الدول المجاورة.
2. احتواء إيران وحزب الله: يجب أن يكون منع إيران وحزب الله من إفساد العملية السياسية السورية أولوية قصوى.
3. ضمان شفافية توزيع المساعدات: ينبغي تجنب وضع المساعدات الإنسانية تحت سيطرة الجماعات المتشددة أو الفاسدة.
4. اختبار هيئة تحرير الشام: يمكن منح هذه الجماعة الفرصة لإثبات التزامها بالتغيير الإيجابي، ولكن يجب التركيز على أفعالها وليس تصريحاتها.
5. حماية الوزارات السورية: يجب إبقاء الوزارات الحكومية تحت قيادة تكنوقراط مستقلين لمنع المليشيات أو الأحزاب من السيطرة عليها.
6. توفير تمويل سياسي شفاف: على واشنطن دعم الأحزاب السياسية السورية الناشئة بطريقة شفافة لتجنب اعتمادها على مصادر تمويل مشبوهة.
7. تصميم نظام انتخابي ملائم: ينبغي العمل مع خبراء محليين ودوليين لتطوير نظام انتخابي يعطي فرصة حقيقية للسوريين لتقرير مستقبلهم.
الأهمية الاستراتيجية لسوريا
تداعيات الوضع في سوريا تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها، فالاستقرار في سوريا سيؤثر بشكل كبير على المنطقة بأكملها، بما في ذلك العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وقد يؤثر أيضا على فرص توسيع "اتفاقيات إبراهيم".
ولن يكون هناك حاجة لنشر المزيد من القوات الأمريكية في سوريا، ولكن السنوات القليلة المقبلة تمثل فرصة تاريخية لتجنب حرب جديدة في الشرق الأوسط قد تتطلب تدخل الولايات المتحدة.
وخلص التقرير إلى أن مستقبل سوريا يتوقف على القرارات التي ستتخذها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال الأشهر القادمة. ويمكن أن تسير البلاد نحو الاستقرار والسلام، أو تسقط في أيدي الإرهابيين والفوضى أو تقع تحت سيطرة إيران. والقرار النهائي بيد الإدارة الأمريكية، التي لديها فرصة لدعم الشعب السوري في بناء مستقبل مستقر ومزدهر.
aXA6IDMuMTM1LjIyMC4yMzkg جزيرة ام اند امز