في ظلام إسبانيا.. انقطاع الكهرباء يسرق أرواح عائلة وأمل مرضى

في لحظات معدودة، تحوّلت أجواء الصيف في إسبانيا إلى كابوس صامت.. شوارع غارقة في الظلام، أناس محاصرون داخل منازلهم، وحياة تُزهق بهدوء خلف الأبواب المغلقة.
ولم يكن انقطاع التيار الكهربائي الهائل الذي شلّ إسبانيا والبرتغال مجرّد خلل عابر في الشبكة، بل أطلق سلسلة مآسٍ إنسانية، كان أبرزها وفاة عائلة كاملة اختناقًا داخل منزلها، وقصة أعضاء بشرية كانت على وشك إنقاذ أرواح أخرى، لكنها انتهت في سلة المهملات الطبية.
وعثرت الشرطة الإسبانية على جثث زوجين وابنهما داخل منزلهم في منطقة غاليسيا شمال غرب البلاد. وتُجري السلطات تحقيقًا لمعرفة ما إذا كانت وفاتهم مرتبطة باستنشاق أول أكسيد الكربون، نتيجة استخدام مولد كهربائي أو جهاز يعمل بالوقود خلال انقطاع التيار الكهربائي، بحسب مجلة "باري ماتش" الفرنسية.
وقد عمّ الظلام أجزاء واسعة من إسبانيا والبرتغال، مما أعاد إلى أذهان كثيرين مشاهد الحجر الصحي خلال جائحة كوفيد-19. لكن الكارثة لم تكن فقط رمزية، بل حصدت ضحايا حقيقيين.
وبحسب صحيفة "ذا تايمز البريطانية"، بدأت الشرطة المحلية تحقيقًا في وفاة ثلاثة أفراد من عائلة واحدة في بلدة "تابوادِيلا". وقالت متحدثة رسمية: "الأمر يتعلق بزوجين وابنهما"، وقد عُثر على جثثهم صباح اليوم داخل منزلهم.
وتشير التحقيقات الأولية إلى أن السبب المحتمل هو استنشاق أول أكسيد الكربون، وقد يكون ناجمًا عن خلل في مولد كهربائي أو جهاز تدفئة يعمل بالوقود. ويواصل المحققون وخبراء الطب الشرعي فحص الموقع للوقوف على الملابسات الدقيقة للوفاة.
وفي حادثة أخرى ذات صلة، توفيت امرأة في مدريد جراء حريق اندلع في شقتها، يُرجّح أنه ناتج عن استخدام شمعة للإضاءة.
تداعيات صحية غير مسبوقة
وتجاوزت تأثيرات انقطاع الكهرباء الخسائر البشرية إلى المجال الصحي الحيوي. فقد أفادت وسائل إعلام إسبانية بأن عضوين بشريين معدّين لعمليات زرع فقدا نتيجة الحادث، ولم يعد بالإمكان استخدامهما.
وكان من المفترض إجراء ست عمليات زرع في مستشفيات متعددة بإسبانيا في اليوم نفسه، حيث تم تقييم المتبرعين وتحديد المستفيدين. لكن في تمام الساعة 12:33 ظهرًا، انقطعت الكهرباء، مما اضطر المنظمة الوطنية لزرع الأعضاء بالتنسيق مع المستشفيات إلى تأجيل العمليات إلى اليوم التالي.
ورغم إمكانية تأجيل معظم الحالات، إلا أن عضوين لم يُستخدما في النهاية بسبب ظروف طارئة، بحسب بيان وزارة الصحة.
في بلد يُفترض أنه من بين الأكثر تطورًا في البنية التحتية، يأتي هذا الانقطاع كصفعة تعرّي هشاشة الأنظمة الحيوية عند الطوارئ. وبينما تحقق السلطات في الأسباب، يبقى السؤال المطروح: كم من الأرواح يمكن أن تُفقد في دقائق من الظلام؟
وفي محاولة لتفسير هذا الانقطاع، تم استبعاد عدة أسباب محتملة مثل الظواهر الجوية أو الهجمات الإلكترونية. ومن الاحتمالات التي يجري النظر فيها أيضًا حدوث عطل في أحد المنشآت الفوتوفولتية.
وقد أطلقت إسبانيا تحقيقًا لتحديد ما إذا كان التخريب هو السبب وراء هذه الأزمة الكهربائية التي أصابت البلاد. وفي هذا السياق، قال نيكولاس جولدبيرج، الشريك المسؤول عن الطاقة في كولومبوس كونسلتينغ: "لم يكن هناك حدث واحد تسبب في هذا الانقطاع، بل سلسلة من الأحداث.
ويجب الانتظار حتى يتعاون مختلف الشركات الناقلة للطاقة لتبادل بياناتها". من جانبها، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستفتح أيضًا تحقيقًا لتحديد أسباب الحادث.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز