حكم تكبيرات الانتقال في الصلاة.. خلاف فقهي بين "سنة وواجب"
كثيرون يهتمون بشؤون دينهم الإسلامي ويتقصون تفاصيل أداء واجباتهم على أكمل وجه، ومن ضمن ما كثر البحث عنه حكم تكبيرات الانتقال في الصلاة.
والمقصود بـ"تكبيرات الانتقال" تلك التي تتضمنها الصلاة عند الانتقال من ركن إلى آخر، وتساءل البعض عن حكم أن يستمر المصلي في التكبير حتى لا يخلو جزء من صلاته من الذكر.
طبقاً لما هو مشروع ومتبع في الدين الإسلامي فإن التكبير للركوع يبدأ مع انحناء المصلي وينتهي قبل الثبات في وضع الركوع، ثم يكبر مرة أخرى عند الفراغ من هذا الركن وينتهي قبل الثبات في وضع السجود.
وأجمع أغلب الفقهاء على أن السنة في التكبير عدم التمطيط بل يكبر المصلي عند انتقاله كما يكبر في أول الإحرام من غير تمطيط، ويفضل أن يأتي بتكبير معتدل: (الله أكبر الله أكبر) في كل مرة.
حكم تكبيرات الانتقال
واختَلَفَ العلماءُ في حُكمِ تكبيراتِ الانتقالِ، وانقسموا إلى قسمين:
القسم الأول رأى أن تكبيراتِ الانتقالِ سنَّةٌ مِن سُنَنِ الصَّلاةِ وليست واجبةٍ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّةِ والمالكيَّةِ والشافعيَّةِ وجمهورِ العُلماءِ مِن الصَّحابةِ والتَّابعين ومَن بعدَهم.
واستشهدوا مِنَ السُّنَّة بما قاله أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه: "إنَّ رجلًا دخَل المسجدَ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسٌ في ناحِيةِ المسجدِ، فصلَّى ثم جاء فسلَّم عليه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (وعلَيكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ، فرجَع فصلَّى ثم جاء فسلَّم، فقال: وعلَيكَ السَّلامُ، فارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ، فقال في الثَّانيةِ، أو في التي بعدَها: علِّمْني يا رسولَ اللهِ، فقال: إذا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فأسبِغِ الوُضوءَ، ثم استقبِلِ القِبلةَ فكبِّرْ، ثم اقرَأْ بما تيسَّر معَك منَ القرآنِ، ثم اركَعْ حتَّى تَطمَئِنَّ راكِعًا، ثم ارفَعْ حتَّى تستوِيَ قائِمًا، ثم اسجُدْ حتَّى تَطمَئِنَّ ساجِدًا، ثم ارفَعْ حتَّى تَطمَئِنَّ جالِسًا، ثم اسجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ ساجِدًا، ثم ارفَعْ حتَّى تَطمَئِنَّ جالِسًا، ثم افعَلْ ذلك في صلاتِكَ كلِّها).
وهذا الحديث يدل على أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يأمُرْه بتكبيراتِ الانتقالاتِ، وأمَره بتكبيرةِ الإحرامِ.
أما القسم الثاني فرأى أنَّ تكبيراتِ الانتقالِ واجبةٌ، وهو مذهبُ الحنابلة وبعضُ الظَّاهريَّةِ، وهو اختيارُ ابنِ بازٍ وابنِ عُثَيمين، واستشهدوا على ذلك من السنة.
عن أبي هريرة قال: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام إلى الصَّلاةِ يكبِّرُ حين يقومُ، ثم يكبِّرُ حين يركَعُ ثم يقولُ سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده حين يرفَعُ صُلبَه مِن الرُّكوعِ، ثم يقولُ وهو قائمٌ ربَّنا ولك الحمدُ، ثم يكبِّرُ حين يَهْوِي ساجدًا، ثم يكبِّرُ حين يرفَعُ رأسَه، ثم يكبِّرُ حين يسجُدُ، ثم يكبِّرُ حين يرفَعُ رأسَه، ثم يفعَلُ مِثلَ ذلك في الصَّلاةِ كلِّها حتَّى يقضيَها، ويكبِّرُ حين يقومُ مِن المَثْنى بعد الجلوسِ، ثم يقولُ أبو هُرَيرةَ: إنِّي لَأشْبَهُكم صلاةً برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).
والحديثُ يدلُّ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يكبِّرُ هذه التَّكبيراتِ، وقد قال: "صلُّوا كما رأَيتُموني أُصلِّي".
aXA6IDMuMTQwLjE5Ni41IA== جزيرة ام اند امز