فنزويلا تشهد انتخابات رئاسية على وقع أسوأ أزمة اقتصادية بتاريخها
نيكولاس مادورو يريد البقاء في سدة الحكم عبر بوابة الانتخابات، في اقتراع يغيب عنه أي منافس جدي له.
توجه الفنزويليون الذين أنهكتهم أزمة اقتصادية عميقة، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع للتصويت في الانتخابات الرئاسية التي سيشارك فيها نحو 20.5 مليون ناخب مسجل.
ويهدف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، إلى البقاء في سدة الحكم عبر بوابة الانتخابات، في اقتراع يغيب عنه أي منافس جدي له وتقاطعه المعارضة ولا يعترف به جزء من الأسرة الدولية.
وفتحت مراكز الاقتراع البالغ عددها 14 ألفا و638 مركزاً، أبوابها عند الساعة السادسة (10,00 بتوقيت جرينيتش) لاستقبال 20,5 مليون ناخب مسجل في هذه الانتخابات المبكرة التي تجري في دورة واحدة، في الوقت الذي تم فيه نشر نحو 300 ألف عسكري وشرطي لضمان أمن الاقتراع.
وستبلغ مدة الولاية الرئاسية 6 سنوات، ومن المفترض أن تبدأ الفترة المقبلة في 19 يناير/كانون الثاني.
وأدلى مادورو، الأحد، بصوته في الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها للفوز بفترة ولاية ثانية تستمر 6 سنوات.
وترى وكالة الأنباء الفرنسية في تقريرها بشأن الانتخابات الرئاسية أن مادورو هو الأوفر حظا للفوز في هذا الاقتراع مع أن 75% من الفنزويليين ليسوا موافقين على إدارته بعدما أنهكهم نقص المواد الغذائية والأدوية والمياه والكهرباء ووسائل النقل.
ويأتي ذلك في وقت يغيب فيه الأمن عن البلاد، فضلاً عن ارتفاع كلفة المعيشة والرواتب المتدنية التي لا يسمح الحد الأدنى منها بشراء أكثر من نصف كيلوجرام من اللحم، الأمر الذي دفع مئات الآلاف من الأشخاص إلى تفضيل مغادرة البلاد.
وبضمان سيطرته على السلطات الانتخابية والعسكرية وانقسام المعارضة، يبدو الطريق معبدا أمام الزعيم الاشتراكي الذي يؤكد أنه وريث التشافية، المبادئ السياسية لهوجو تشافيز رئيس فنزويلا في الفترة من 1999 إلى 2013.
وفي أحدث تغريداته بشأن الانتخابات الرئاسية، كتب مادورو، السبت، في حسابه على موقع "تويتر": "ندافع عن (...) الحق في بناء مستقبل عادل ومزدهر".
خريطة المنافسين
في مواجهة مادورو، ترشح المنشق عن تيار تشافيز هنري فالكون (56 عاما) على الرغم من قرار تحالف المعارضة "منصة الوحدة الديمقراطية" مقاطعة الاقتراع.
لكن فالكون كتب على "تويتر": "ليس هناك أي امتيازات تقف في طريق شعب مصمم على التغيير".
ويتنافس فالكون والمرشح المعارض الآخر القس الإنجيلي خافيير بيرتوتشي (48 عاما) على أصوات الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من حكم مادورو، ما يعزز فرص الرئيس المنتهية ولايته في الفوز.
وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى تعادل مادورو (55 عاما) سائق الشاحنة السابق، وفالكون، بينما ستعود نسبة امتناع كبيرة بالفائدة على الرئيس المنتهية ولايته.
وتشهد فنزويلا غضبا من المعارضة التي تتهم مادورو "بالمحسوبية" والسعي للسيطرة على المجتمع بوعده تقديم مكافآت إلى حاملي "البطاقة الوطنية" التي تسمح بالاستفادة من البرامج الاجتماعية.
لكن رئيسة المجلس الوطني الانتخابي تيبيساي لوسينا، استبعدت احتمال أن تكون أموال دفعت إلى ناخبين خلال السباق إلى كرسي الحكم.
لواء الرفض
وتعاني فنزويلا التي تضررت من تراجع أسعار النفط منذ 2014 وتعتمد في 96% من عائداتها على النفط، من نقص في العملات الأجنبية أغرقها في أزمة حادة ودفع مئات الآلاف من السكان إلى الرحيل.
وخلال 5 سنوات انخفض إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 45% حسب صندوق النقد الدولي الذي يتوقع تراجعا بنسبة 15% في 2018 وتضخما بنسبة 13,800%.
ويرى مادورو أن هذا الوضع ناجم عن "حرب اقتصادية" يقوم بها اليمين والولايات المتحدة للإطاحة به، فيما يرى مركز الأزمات الدولية أن "الأزمة حادة إلى درجة أنها يمكن أن تؤدي إلى توتر داخل تحالف المدني والعسكري الحاكم أو انقسام اجتماعي أكبر".
في الوقت نفسه، ستكون هناك 100 تظاهرة، الأحد، أعلن عنها تحالف المعارضة "منصة الوحدة الديمقراطي" وذلك في المدن التي يقيم فيها فنزويليون في العالم تحت شعار "مادورو ارحل".
وإلى جوار صف المعارضة، هناك رفض من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة ليما و(هي تحالف لـ14 دولة في أمريكا والكاريبي يدين بشدة حكومة كراكاس)، لهذا الاقتراع معتبرين أنه ليس ديمقراطيا ولا حرا ولا شفافا.
ويتهم هؤلاء جميعا مادورو بتقويض الديمقراطية في البلاد التي شهدت 4 أشهر من تظاهرات المعارضة شبه اليومية التي أسفرت عن سقوط 125 قتيلا في منتصف 2017.
كما فرضت الولايات المتحدة، الجمعة، عقوبات ضد الرجل الثاني في السلطة في فنزويلا ديوسدادو كابيو.
وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية في بيان أنه فرض عقوبات ضد هذا المسؤول لتورطه في قضايا فساد.
وفرضت واشنطن عقوبات على "3 مسؤولين حاليين وسابقين" آخرين اعتبرتهم "شخصيات رئيسية في شبكة الفساد المرتبطة بكابيو".
والشخصيات هي خوسيه ديفيد كابيو ومارليني يوسيفينا كونتريراس شقيق وشقيقة كابيو اللذان تعتبرهما الإدارة الأمريكية "مسؤولين حاليين او سابقين في الحكومة الفنزويلية، و"أحد ممثلي كابيو" رافايل الفريدو ساريا.
وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين قال في بيان إن "الشعب الفنزويلي يعاني من السياسيين الفاسدين الذين يحكمون قبضتهم على السلطة ويملؤون جيوبهم الخاصة".
وأشار إلى أن مثل هذه الشخصيات "يستفيدون من مناصبهم الرسمية للاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال واختلاس الأموال العامة وغيرها من الأنشطة الفاسدة".
لكن مادورو ردّ على وقع موسيقى الريجي التي ترافق تجمعاته عادة: "لا يهمني أن يصفونني بالديكتاتور (...) لن نستسلم للابتزاز. لا يهم ألا يعترفوا (بالانتخابات).. رئيس فنزويلا منتخب من الشعب وليس من قبل دونالد ترامب".
وشهد آخر تجمع انتخابي له في الحملة، تلقي مادورو دعم بطل كرة القدم الأرجنتيني دييجو مارادونا الذي أكد أنه "جندي" لديه.