منتدى الرؤساء التنفيذيين يرسم مستقبل علاقات السعودية وفرنسا الاقتصادية
المنتدى يسهم في رسم ملامح مستقبل العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، ويفتح آفاقا جديدة من التعاون والشراكات بين السعودية وفرنسا.
افتتح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، اليوم الثلاثاء في العاصمة الفرنسية باريس، فعاليات منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي- الفرنسي، الذي ينظمه المركز السعودي للشراكات الاستراتيجية، ضمن النشاطات المصاحبة للزيارة الرسمية للأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى الجمهورية الفرنسية.
ويسهم المنتدى في رسم ملامح مستقبل العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، ويفتح آفاقاً جديدة من التعاون والشراكات بين الجانبين، في منظور رؤية المملكة 2030، إذ يعقد في ظل معطيات وتحولات اقتصادية يشهدها البلدان الصديقان، حيث تمضي المملكة قدماً في تحقيق رؤيتها الطموحة، بالشراكة مع عدد من الدول الصديقة.
ويرفد المنتدى الأفكار والرؤى عن سبل زيادة وتنمية الاستثمارات بين الجانبين السعودي والفرنسي، والتعرف على أبرز التحديات التي قد تواجه تدفق الاستثمارات البينية بين الجانبين والإسهام في إيجاد الحلول.
وعبر وزير الخارجية الفرنسي في مستهل حفل الافتتاح عن سعادته بافتتاح أعمال المنتدى، ملمحا إلى العلاقة التاريخية بين البلدين الصديقين منذ عام 1967م، التي تدل على متانتها.
وتطرق إلى مجالات تتفق فيها قيادتا البلدين؛ منها أهمية تعزيز الأمن والاستقرار، والطاقة والاقتصاد، والعلمي والثقافي، وكذلك مجالات علوم التكنولوجيا، مؤكدا أن الشراكة تكون فاعلة بانهماك المشاركين فيها والعمل من خلال الخطة الطموحة لتسخير كل الإمكانات، مستدلا بما جاء في رؤية المملكة 2030 والاستفادة من التقنيات الحديثة.
وأشار إلى التزامن المهم بين الجهود التي توليها فرنسا للإصلاح في الكثير من قطاعاتها مع رؤية المملكة السعودية، وقال إنها فرصة رائدة لتوحيد الجهود وإعطاء زخم جديد لحركة الاستثمار المتبادل وترسيخ التعاون الاستراتيجي مع المملكة التي لها أهمية وبعد في مختلف المجالات.
وقال إن فرنسا وهي ثالث دولة تستثمر في السعودية بعد الولايات المتحدة والكويت، حيث يوجد 80 شركة فرنسية تعمل في المملكة، توظف أكثر من 27 ألف شخص من السعوديين، مؤكدا أهمية الشراكة وتنميتها، لاسيما في مجالات الطاقة والعمل للفترة ما بعد البترول والنفط، بما تملكه فرنسا من تقنيات ومهارة في تلك المجالات، وبما تزخر به المملكة من موارد طبيعية وإمكانات كبيرة.
وأشار إلى أن فرنسا يمكنها الإسهام في عدد من المجالات كالإنتاج الغذائي والأدوية والصحة والبيئة وتحلية المياه ورقمنة الاقتصاد وبناء المدن الذكية وكذلك القطاع الترفيهي والسياحي. ملمحا إلى أهمية موقع العلا كمعلم سياحي يزخر بالآثار يعزز من الجذب السياحي ويعد مجالا خصبا لتوطيد العلاقة في هذا المجال.
وقد عبر وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح عن إدراك المملكة لأهمية الشراكة والصداقة مع الجمهورية الفرنسية والعمل على تحقيق المصالح المشتركة؛ لما تمثله فرنسا على المستوى العالمي ومقعدها في الأمم المتحدة، واقتصادها المتين وقدراتها التكنولوجية، والثقافية.
وأكد أن لقاء ولي العهد السعودي في زيارته الحالية مع كبار المسؤولين الفرنسيين يجدد أهمية العمل وفي جميع المجالات، ومواجهة الصعوبات للقيام بنهضة جديدة في البلدين، وأن رؤية المملكة 2030 بالغة الأهمية والطموح تسعى لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية ضمن برامج إصلاحية، ولا سيما في قطاع الاستثمار، ومنح المزيد من الفرص للقيادات الشابة وإعطاء زمام المبادرة، لتكون المملكة أكثر قدرة على جلب الاستثمارات الأجنبية.
وقال: "نتشارك مع الفرنسيين هذا الطموح في فتح مجالات الاستثمار لما يشهده البلدان من تطور وانفتاح سريع، وذلك من خلال تقديم إسهامات جمة في التطور والنمو في المملكة السعودية، وتسخير كل الطاقات والإمكانات لتحقيق الأهداف، منوها بالموقع الجغرافي المتميز للمملكة العربية السعودية بين القارات الثلاث وأهمية البالغة في التواصل بينها.
وأكد أهمية العمل على تنفيذ مسارات الرؤية من خلال برامجها، والاستثمار في طاقات الشباب التي توليها المملكة عنايتها، وكذلك التكنولوجيا التي تبلغ فيه الشركات الفرنسية باعا طويلا ومركزا متقدما من خلال الثورة المعلوماتية الحديثة، مرحبا بالكليات الفرنسية لزيارة المملكة للاطلاع والمشاركة في النهضة التقنية الرقمية وإنشاء الشبكات الذكية.
وتطرق في كلمته إلى مشروع مدينة نيوم شمال غرب المملكة السعودية، وتخصيص صندوق استثماري لهذا المشروع الطموح والواعد، وإلى مشروع الطاقة الشمسة، ومشروع العلا السياحي وأهمية الاستثمار في هذه المجالات؛ للحصول على المصلحة وتحقيق الأهداف، داعيا إلى مزيد من التعاون المشترك مع الجانب الفرنسي ودعم المبادرات في القطاع الخاص في البلدين.
عقب ذلك بدأت أعمال الجلسة الأولى التي شارك فيها وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي، حيث بين خلال الجلسة ما تشهده المملكة من نهضة رائدة وما تزخر به من مقومات وفرص استثمارية، وتعمل على مشروعات كبيرة في مسارات الإصلاحات الاقتصادية والمضي قدما في تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030، وكذلك ما أتاحته من فرص للجذب الاستثماري وتقديم التسهيلات في الإجراءات والاستفادة من النشاطات على المدى الطويل، بالإضافة إلى استعراض لما وصلت إليه المرأة من بالمشاركة والإسهام في عدد من مناحي الحياة.
كما تطرق وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح إلى ما تعمل عليه المملكة من دفع بقطاع الطاقة، مشيرا إلى أن المملكة ستبقي على إنتاجها بشكل طبيعي، وتسعى للاستثمار في الطاقات الخضراء، ولديها موارد طبيعية، وتستثمر أيضا في التوزيع الجزئي للطاقة النووية، وهذه الأنشطة تفتح المجال للاستثمار فيها.
واستعرض في ختام مشاركته، مشروع "نيوم" ومجالات الاستثمارات فيها، والشروط المطلوبة من المستثمرين والمبتكرين والمبدعين للدخول في مجال الاستثمار في هذا المشروع.
وتحدث أيضا في الجلسة جين ليميري رئيس مجموعة بي إن بي باريباس، مشيرا إلى أن المجموعة التي لها نشاط في المملكة السعودية تعمل في مجال المصرفية والاستثمار والتمويل تلحظ تغيرا كبيرا في نمط الحياة المعاصرة وزيادة في معدلات النمو والطلب على مشروعات التمويل، وأن المؤسسات المصرفية تتجه كوسيلة للمستثمرين لتأمين احتياجاتها في المستقبل.
ورأى أن الاستثمار في المملكة يعدا أمرا جيدا، لا سيما في البناء والعمران والإسكان، حيث المملكة منطقة واعدة باعتبار قوتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي، وتشهد تنافسية قوية تحتم على المستثمرين تقديم الخدمات المتميزة والعمل على تقديم التسهيلات لأصحاب الشركات.
من جهته، عبر باتريك جيان رئيس مجموعة توتال الفرنسية، عن أهمية المملكة بالنسبة لقطاعات الصناعة والاقتصاد والاستثمار في فرنسا، وكونها بلدا مصدرا للنفط فإن الكثير من المستثمرين يرونها مهمة في تغذية القطاع الاقتصادي وقطاع الطاقة، ورؤية المملكة 2030 تعمل على تحفيز تلك القطاعات وسرعة الإنجاز بالإسهام والمشاركة مع ما تعيشه المملكة من مرونة في التسهيلات للاستثمار الأجنبي.
وأشار إلى مشاركة المجموعة مع شركة أرامكو في محطة تكرير للنفط، ورغبة توتال في تنفيذ عدد من المشروعات، مشيدا بالموارد البشرية السعودية التي تمتلك المهارة والقدرة، وأهمية التوظيف بالتعاون مع شركة أرامكو، ومنح المزيد من الفرص لهم، مبينا أن مجموعة توتال تفكر في تنفيذ مشاريع مشتركة في المملكة لإنتاج المواد البتروكيماوية مع عدد من الشركات الفرنسية المتقدمة المعتمدة على الطاقة المتجددة، والدخول في المنافسات العالمية.
ثم استمع المشاركون إلى عدد من المداخلات من كبار المستثمرين ورجال الأعمال وتطرقوا لعدد من الموضوعات ذات الصلة بالشأن الاستثماري وآليته في المملكة والقوانين التحكيمية.