سعر الدولار في العراق.. هل يمهد النفط المرتفع لعودة الدينار القوي؟
ارتفعت أسعار النفط عالميا، الأمر الذي من شأنه دعم اقتصاد العراق وموازنته وبالتالي تهيئة الأجواء لعودة الدينار المرتفع مقابل الدولار.
تلك هي وجهة نظر أعضاء برلمانيين وخبراء في الأوساط الاقتصادية العراقية، أبلغوا "العين الإخبارية" بأن ثمة ضغوط بالفعل حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم.
وتدفع الأسواق العراقية ثمن الدينار المنخفض في صور ارتفاع بأسعار المواد والسلع الاستهلاكية وخصوصا الغذائية منها.
هذا الأمر دفع قوى نيابية وأوساط اقتصادية لإرجاع أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار إلى سابق عهدها قبيل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ومنذ أكثر من 3 أشهر، رفع البنك المركزي العراقي أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي، بينما سعت وزارة المالية لتثبيته في الموازنة الجاري مناقشتها عند 1450 دينارا للدولار الواحد بدوافع معالجة العجز المالي.
لكن "البرلمانيين" يرون أن فرصة عودة أسعار الصرف للعملة العراقية من الدينار إلى 1182 للدولار الواحد، أصبحت سانحة بعدما تجاوزت أسعار النفط حاجز الـ70 دولاراً للبرميل.
واعتمدت السياسية المالية العراقية في تغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار، المعطيات الحرجة آنذاك من انخفاض أسعار النفط ووصولها الى أقل من 50 دولارا للبرميل، فضلاً عن ظروف جائحة كورونا التي عطلت مرافق الحياة وشطبت الآلاف من فرص العمل.
ومع تعافي أسعار النفط مؤخراً وانعكاس ذلك على انخفاض معدل التضخم، بات من المرجح رفع سعر الدينار العراقي، لتجنب ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض القوى الشرائية و"تهجير الأسواق العامة"، كما يقول النائب صباح العكيلي.
رفع الدينار أو الدعم
وشدد العكيلي خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة إلزام الحكومة العراقية والبنك المركزي بعد ارتفاع أسعار النفط بتعديل سعر صرف الدولار وإعادة رفع سعر الدينار، أو تقديم الدعم إلى الطبقات الفقيرة التي تأثرت بشكل كبير جداً نتيجة ارتفاع الأخضر.
وكان متظاهرون خرجوا بوقفة احتجاجية بمحافظة بابل، جنوب العراق للمطالبة بوقف ارتفاع الأسعار الخاصة بالمواد الغذائية الأساسية والتي ازدادت قيم شرائها إلى الضعف وسط غياب لمفردات البطاقة التموينية مما أدى إلى زيادة مشاكل وأعباء الطبقة الفقيرة وتهميش تام من قبل الحكومة الاتحادية.
وفي حينها، حذرت أوساط اقتصادية وطبقات من عامة الجمهور من مغبة رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي وتداعيات ذلك على ارتفاع الأسعار وعدم السيطرة على جشع التجار والمستوردين للبضائع .
يأتي ذلك في وقت، شددت المفوضية العليا لحقوق الإنسان على أهمية أن تعمل الحكومة بإجراءات من شأنها إعادة التوازن والأمن الغذائي للمواطنين.
وطالب عضو مجلس المفوضية أنس أكرم محمد، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، السبت، الحكومة ووزارة التجارة بـ"اتخاذ إجراءات عملية لإعادة التوازن الغذائي لفئات المجتمع العراقي الأكثر تضررا من رفع سعر الدولار".
ودعا محمد الحكومة إلى "التعامل بجدية ومهنية مع تقرير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) الذي أشار إلى خلل الإجراءات الحكومية غير المدروسة وأثرها على السوق والمستوى المعيشي وأمن العراق الغذائي والإنساني".
وشدد مجلس مفوضية حقوق الإنسان، بحسب البيان، على أهمية أن تعمل الحكومة وأجهزتها التنفيذية على "مراجعة قراراتها الاقتصادية وسياساتها المالية، وتكثيف جهودها لتقليل الآثار السلبية لسياساتها ودعم المواطن بشكل عام والفئات الاكثر تضررا على وجه الخصوص".
خارج الصلاحيات
وكانت اللجنة المالية البرلمانية تسلمت الأسبوع الماضي طلباً موقعا من 113 نائبا، يرومون من خلالها خفض قيمة الدولار أمام الدينار العراقي.
ويؤكد جمال كوجر، عضو اللجنة المالية النيابية لـ"العين الإخبارية"، أن الأمر "ليس من صلاحية مجلس النواب".
وأوضح كوجر أن العودة بسعر صرف الدينار العراقي أو تحريك ذلك الملف منوط بالبنك المركزي ووزارة المالية وليس للبرلمان دور أكثر من الضغط بهذا الاتجاه على صناع القرار، مع عدم ترجيح ذلك السلوك في ظل أضراره الكبيرة.
ويحذر كوجر من أن "أي محاولة برلمانية للضغط على البنك المركزي حول ذلك الأمر ستخرج السياسة النقدية والمالية في العراق من استقلالية قرارها، وهو ما سيكون له تداعيات كبيرة على المسار الاقتصادي للبلاد".
ويشير إلى أن "إعادة النظر بقيمة الدينار العراقي إذا ما تحقق فعلا في الوقت الحالي سيعيد مشروع الموازنة العامة للبلاد التي هي بصدد الانتهاء من إقراراها إلى البدايات ويدفع بمزيد من التأخير والوقت الذي لا يصب في مصلحة البلاد والعباد".
المراجعة مطلوبة
من جانبه يشدد الأكاديمي والمحلل الاقتصادي ميثم لعيبي على ضرورة أن تعيد الحكومة قراءات الحاضر المالي والانفراجة في المتغير النفطي مع قراراتها الطارئة التي اتخذتها في ختام العام الماضي.
وأوضح لعيبي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الظروف المستجدة فيما يخص جائحة كورونا والركود الاقتصادي تتطلب من القائمين على صنع القرار المالي في العراق وضع المعالجات والحلول السريعة لتدارك الأوضاع في البلاد خشية تفجر معدلات البطالة والفقرة وعدم السيطرة على آثار ذلك في المستقبل القريب".
وكان النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي دعا إلى ما وصفه بـ"وقفة نيابية لإرجاع سعر صرف الدولار إلى السعر السابق".
وقال الكعبي في بيان رسمي إن "خفض سعر صرف الدينار أثر بشكل سلبي على حياة المواطنين وللاستقرار الاقتصادي للبلد بشكل عام، ولا بد من وقفه جادة وعاجلة لجميع أعضاء البرلمان لإرجاع سعر الصرف إلى ما كان عليه في السابق".