منظور جديد للملكية.. الأمير ويليام بين التقاليد والتحديث

مع بلوغه الثالثة والأربعين، يكرس الأمير ويليام ولي العهد البريطاني جهوده لإعادة تصور مستقبل المؤسسة الملكية التي سيرثها يوما ما.
صحيفة "التايمز" البريطانية أشارت إلى أن تحرك الأمير ويليام يأتي إثر عامٍ صعب شهد إصابة والده الملك تشارلز الثالث وزوجته كيت ميدلتون بمرض السرطان.
هذه التحديات الشخصية دفعت دوق كامبريدج إلى مراجعة عميقة لدوره وشكل الملكية التي يتطلع لقيادتها، حيث أمضى وقتًا في التأمل الذاتي لإعادة تحديد أولوياته.
وأوضح مصدر مقرب من ولي العهد البريطاني أنه "نشأ داخله شعور بالمراجعة الذاتية لما هو مهم بالنسبة له"، في مسار يشبه ما قام به والده خلال عقود من التخطيط لعهده، وإن كان ويليام يستعد لعهد قد يكون أقصر زمنيًا مما دفعه للتفكير في تطوير الملكية عبر "تطور طبيعي" يعكس رؤيته وشخصيته دون ثورات جذرية.
ووفقا للتقرير، يركز ويليام على تحديث الهياكل الإدارية للملكية لضمان ملاءمتها للعصر الحديث، حيث يستهدف مراجعة تركيبة المؤسسة الملكية التي لم تشهد تغييرًا جوهريًا منذ العصر الفيكتوري.
وعلى عكس والده الذي كان يفوّض الموظفين لإدارة شؤون البلاط، يخطط ويليام لإعادة هيكلة جهاز قصر باكنغهام الإداري لتحقيق كفاءة أعلى وشفافية أكبر، مع تركيز خاص على "فحص المحرك" الداخلي والتأكد من أن أداء المؤسسة يبرر الإنفاق العام عليها، لاسيما مع وصول المنحة السيادية السنوية إلى 86.3 مليون جنيه استرليني.
وتتجلى رؤية ويليام للتغيير في خططه لمراسم التتويج المستقبلية، حيث يسعى لجعلها أكثر بساطة وحداثةً تعكس تنوع المجتمع البريطاني.. فبعد أن قلص والده مراسم تتويجه، يدرس ويليام المزيد من التقليص والاستغناء عن طقوس تعتبر قديمة، مثل ارتداء تاج الدولة الإمبراطوري الذي يحمل دلالات استعمارية.
ورغم ارتباطه العاطفي بهذا التاج لصلته بجدته الملكة إليزابيث ووالده، فإن ميوله الواضحة نحو البساطة تجلت في اختيار زوجته كيت لتاج أنيق خلال أحد المناسبات، مما يشير إلى توجهات مراسم التتويج المقبلة.
بدأت ملامح التغيير تظهر في تركيبة الحاشية الملكية، حيث يقلص ويليام تدريجيًا من دور نواب الملك التقليديين في زياراته الرسمية، في المقابل، يبرز دور دوق ودوقة إدنبرة، إدوارد وصوفي، كداعمين أساسيين لويليام، بينما لا يزال الأمير أندرو (دوق يورك) مستبعدًا بسبب القضايا التي تورط فيها والتي أضرت بسمعة العائلة المالكة.
أما العلاقة المتوترة مع شقيقه الأصغر الأمير هاري - والتي لم تشهد أي لقاء أو حديث منذ سبتمبر/أيلول 2022 - فبدأ ويليام يتعافى تدريجيًا من آثارها النفسية رغم استمرار الجفاء.
في السياق ذاته، تظل عائلة ويليام محور حياته، حيث يحرص مع كيت على توفير طفولة مستقرة لأطفالهما الثلاثة بعيدًا عن الأضواء، مع مشاركتهما في أنشطتهم المدرسية والرياضية.
هذا الحرص ينبع من تجربته الشخصية مع فقدان والدته الأميرة ديانا وانهيار زواج والديه، مما جعل حماية العائلة أولوية قصوى لديه.
ويصف ويليام فلسفته للملكية بأنها "حرف "ميم" صغير"، مركزًا على التأثير الملموس والعمل الخيري والتعاطف الإنساني بدلاً من الطقوس الرسمية. وفي دوقية كورنوال الشاسعة (130 ألف فدان)، يطلق مبادرات لدعم المزارعين والصحة النفسية في المناطق الريفية، ويصر على بناء مساكن اجتماعية للمهددين بالتشرد.
ويتجلى تعاطفه في تفاعله الشخصي مع القضايا المجتمعية، بدءًا من دعمه لعائلة لاعب الرجبي الراحل روب بورو في حملة التوعية بمرض العصبون الحركي، وصولاً إلى تواصله المباشر مع أفراد القوات المسلحة والاستماع لمطالبهم مع وعد بتحسين ظروفهم، مؤكدًا أن الأمن القومي أولوية عليا.
على الصعيد الدولي، يعزز ويليام حضوره عبر مبادرات بيئية مثل "جائزة إيرثشوت" ومشاركته في قمم دولية كـ COP30، مع حفاظه على علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، حيث التقى بالرئيس ترامب مرات عدة.
ويكثف ويليام من زياراته إلى اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، مدركًا أهمية توطيد العلاقات في ظل النقاشات حول الاستقلال، كما يخطط لتوسيع نطاق عمله الخيري مع كاثرين عبر شراكات عالمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTEg جزيرة ام اند امز