"العنصرية".. مشكلة جديدة تهز أركان العائلة الملكية في بريطانيا
شهد التسلسل الملكي في بريطانيا تغييرا كبيرا خلال الأسابيع الماضية، بعدما أصبح الملك تشارلز الثالث أول ملك جديد للبلاد منذ سبعة عقود.
لكن هناك أزمة كبيرة تعصف بالمؤسسة التي أعيد تنظيمها حديثا؛ حيث يواجه أفراد العائلة المالكة مجددا مزاعم خطيرة بـ"العنصرية" داخل جدران قصر باكنجهام، وذلك بعد استقالة مساعدة فخرية وتقديمها اعتذارا عن سؤالها المتكرر لرئيسة مؤسسة خيرية "سمراء" حول "من أين تأتي حقا"، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
"كان الأمر أشبه بالاستجواب"، بحسب ما قالته نجوزي فولاني، مديرة مؤسسة "سيستاه سبيس" الخيرية بشرق لندن، لراديو "بي بي سي 4"، قائلة: "رغم أنه ليس عنفا جسديا.. لكنه إساءة".
وعملت المساعدة، التي تم الكشف عنها، بأنها "الليدي سوزان هاسي" في وسائل الإعلام البريطانية، وصيفة للملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وعرابة لـ"أمير ويلز".
وكانت فولاني تحضر فاعلية تستضيفها عقيلة الملك كاميلا، والتي استهدفت تسليط الضوء على ما وصفته بـ"جائحة عالمية" للعنف ضد النساء، وللاحتفال بعمل النشطاء والمؤسسات الخيرية في التصدي للمسألة.
لكن التجربة التي مرت بها "فولاني" ألقت بظلالها على تلك الرسالة، وقالت لـ"بي بي سي": "أتساءل حقا كيف يحدث ذلك في مساحة من المفترض أن تحمي النساء من جميع أشكال العنف؟".
واعتبر تحليل "سي إن إن" توقيت ظهور ذاك الجدل سيئا للغاية، حيث يأتي في أول يوم لزيارة الأمير ويليام وكاثرين إلى الولايات المتحدة لحضور حفل جوائز "إيرث شوت"، وأول رحلة خارجية لهما في مناصبهما الجديدة.
ولوضع حد للموقف، أدان قصر كنسينجتون تعليقات عرابة ويليام، واصفا إياها بـ"غير المقبولة"، مضيفا أنه كان "من الصواب تنحي الفرد المعني بأثر فوري".
والآن، تواجه المؤسسة الملكية جولة جديدة من التساؤلات غير المريحة، حيث قالت ديان أبوت، النائبة بحزب العمال التي تمثل فولاني، وأول امرأة سمراء منتخبة بمجلس العموم في 1987: "لقد صدمت.. نحن في عام 2022، ويمكن لشخص التحدث والتفكير بمثل هذه الطريقة".
العنصرية
وأشارت أبوت إلى أن المقترح القائل بأن الشخص الأسمر ليس بريطانيا حقيقيا أقل انتشارا اليوم عما كان عليه قبل عقود، لكن لازال موجودا عبر الأجيال.
وأضافت: "الملك تشارلز الثالث والعديد من الناس الموجودين حوله ملتزمون بتحديث النظام الملكي، يريدون إضفاء الطابع الحديث عليه وإبقائه ملائما، لكن هذا النوع من الحوادث يعيدهم للوراء."
وتابعت: "تحدثت ميجان ماركل عن الأمر، وتعرضت للإيذاء الشديد، وما زالت هدفا للأحاديث السلبية في الصحف البريطانية، وأعتقد أن هذا الحادث يظهر أن ما كانت ميجان ماركل تحاول الإشارة إليه حقيقي".
وأشارت "سي إن إن" إلى أنه في حين أحاطت موجة من النوايا الحسنة بأفراد العائلة الملكية بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، لم تكن هذه المشاعر بلا حدود، وتظل الحقيقة البسيطة أن الملكة الراحلة تفوقت على جميع أفراد نسلها، بينهم الملك تشارلز، فيما يتعلق بالشعبية بين الجمهور.
وفي أعقاب وفاة والدته، أخبر الملك تشارلز القادة الدينيين بأنه شعر أن لديه واجباً شخصياً تجاه "حماية التنوع في بلدنا"، لكن بدون وجود الملكة الموحد على رأس "المؤسسة"، يجب أن يرد الأفراد الملكيون على أسئلة جادة بشأن ما إذا كانت مؤسستهم تمثل بريطانيا متعددة الثقافات تمثيلا مناسبا.
وفي النهاية، كانت هذه مساعدة توجد في صميم الدائرة المقربة لأفراد العائلة الملكية؛ حيث كثيرًا ما رافقت الملكة إليزابيث الثانية إلى المناسبات الرسمية، وكانت بجوارها في أثناء جنازة الأمير فيليب في 2021. كما استقبلت رؤساء الوزراء والوفود في قصر باكنجهام، وغالبا ما كانت تلتقط صورها تضحك بجانب الملكة الأم، وتشارلز، وغيرهم من أفراد العائلة الملكية خلال سباقات الخيل.
ولكن الآن، جرت تعليقات هاسي العائلة المالكة مجددا إلى جدل سعت للنأي بنفسها عنه؛ حيث انتشرت أسئلة حول مدى القوة التي يواجه بها القصر العنصرية منذ أخبرت ميجان، دوقة ساسكس، أوبرا وينفري العام الماضي أن شخصا في العائلة تساءل عن لون بشرة طفلها الذي لم يكن قد ولد بعد.
وكانت مثل هذه القصص دفعت بالعائلة الملكية لاتخاذ موقف دفاعي، وقال الأمير ويليام للمراسلين في أعقاب المقابلة مع وينفري، أن العائلة ليست عنصرية، وبعدها بشهور، قالت ممثلة كبيرة للعائلة الملكية إن الملكة إليزابيث الثانية دعمت حركة حياة السود مهمة.
ورأت "سي إن إن" أن الرحيل السريع لهاسي، والاستجابة الفورية لقصر كنسينجتون، اعتبرت كمؤشر على أن العائلة الملكية تتعلم من أخطائها الماضية.