مجتمعنا ضحّى أجداده وآباؤه بالكثير مع المؤسسين لبناء صرح الإمارات الشامخ، ويقدّم أفراده حالياً مآثر في الولاء المطلق والعطاء.
"سعدنا اليوم بالاحتفاء بنماذج مضيئة من أفراد المجتمع ممن ساهموا بالخير والأعمال الجليلة وامتدت أياديهم للغير بلا مقابل، استحقوا التكريم بجائزة أبوظبي، لهم جميعاً نوجه الشكر والعرفان والتحية»، هذه كانت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عصر الاثنين الماضي في تكريم الفائزين بجائزة زايد، وهو تقليد سنوي لشكر من قام بمهام جليلة أو خلق فارقاً إيجابياً في مجتمع الإمارات من أفراده، المواطن منهم وغير المواطن
الجميل في التكريم السنوي الذي يقوم به «بو خالد» في برزته العامرة هو التنويع في الفئات وتباين المجالات التي أجادت فيها، أو كان لها تأثير إيجابي بها في محيطها، لذا لم يكن التركيز على المخترعين فقط أو أصحاب الأعمال الخيرية وحدهم أو تلك الفئة دون سواها، فالمجتمع نسيج متنوع.
لا أذكر شخصياً أن صادف وخَلَت «برزة الاثنين» بقصر البحر من تكريم فئات أو فرق عمل أو مؤسسات أو أفراد، ومن شتى الجنسيات لما قاموا به من أعمالٍ مُقدَّرة، وما الاحتفاء العلني ومن قامة بحجم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمن يعمل ويسهم في نهضة هذا الوطن إلا اعتراف من قمة الحكومة بما يؤديه هؤلاء من جهودٍ مشكورة، وإسهامات ترتقي وطموحات مطلوبة، وإنّه لمن المهم في سياقٍ موازٍ أنْ نثمّن تلك الإيجابية الهائلة التي يحملها سموه، وإيمانه بضرورة شُكر من يعمل ومن يجتهد ومن يخلص في دلالةٍ على ثقته بأبناء وطنه وإشعارهم بأنهم محل التقدير؛ وعلى قدر الرهان عليهم وأنهم «المحزم» لهذا الوطن العظيم وطموحات قيادته.
يقول سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم: «لا يَشْكُرُ اللهَ من لا يَشْكُرُ الناسَ»، ونحن نحمد الله تعالى أن لدينا قادةً عظام يُنزلون الناس منازلهم ويعرفون قدر المنتج ويرسلون الرسائل الإيجابية على الدوام لتعزيز تلك الروح الوثابة لدى أبناء الوطن لخدمة بلادهم كلٌ في مجال تخصصه، فنحن كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «سنظل نحارب اليأس والتشاؤم في عالمنا العربي بآلاف القصص الاستثنائية وآلاف الأفراد من صناع التغيير الإيجابي»، ثم نقف وهو يختم كلمته بجملةٍ مهمة لا بد أن تكون نُصب عين كل شخص قد يتسرّع بإطلاق بعض الأحكام الجائرة على الآخرين، فيقول سموّه: «كل شخص لديه بذرة الخير»، وبذرة الخير تنبت بالاهتمام والرعاية وبالتشجيع الإيجابي الذي نراه من قيادتنا الرشيدة، ولن تنبت بالاستخفاف بها أو استصغار دورها، العظماء وحدهم من يجعلون الآخرين يؤمنون بقدرتهم على أنهم عظماء، بينما الصغار فقط من يبخسون الناس أقدارهم.
كان «بو راشد» بعدها يحتفي في تغريدة ملهمة ببنات الوطن في يوم المرأة قائلاً: «فريق عملي ٧٠٪ منه من النساء، أشكرهن في هذا اليوم وكل يوم، ولولا جهودكن لما وصلنا لما وصلنا إليه، وأتمنى من المسؤولين والوزراء الاحتفاء بهن وبجهودهن في هذا اليوم، كل عام والإمارات أقوى وأعظم بكن»، هكذا تنمو الأُمم، تنمو بالاهتمام بمن بها وبدوام تشجيعهم وتأهيلهم وتكريم الـمُنْجِز منهم والأخذ بيد من يعاني من بعض الصعوبات، لا شيء إيجابياً يأتي بالسلبية المفرطة، بل الجوانب الإيجابية تنمو بالاهتمام بأصحابها والاحتفاء بآثارها الطيبة وبالبحث عن بذرة الخير تلك لكي تنمو.
عندما يذكر «بو راشد» أنّ بين يديه تقارير عالمية محايدة تضع الإمارات في المركز الأول عالمياً في خمسين مؤشراً تنافسياً، فماذا يعني ذلك؟ بالتأكيد لم يتسبّب في ذلك التفوّق كائنات من الفضاء الخارجي، ولكنها القيادة الفذّة وأبناء الوطن المخلصون الذين لم ولن يخيب الرهان عليهم لأنهم محبون لقيادتهم، عاشقون لبلادهم، لا يقبلون بأنصاف الأمور بل لا يرضون إلا بأن يكونوا دوماً في صدر كل منافسة ورأس كل سباق، ليس ذاك بغريبٍ عليهم، أليسوا غرس زايد؟
إنّ الجميل في التكريم السنوي الذي يقوم به «بو خالد» في برزته العامرة هو التنويع في الفئات وتباين المجالات التي أجادت فيها، أو كان لها تأثير إيجابي بها في محيطها، لذا لم يكن التركيز على المخترعين فقط أو أصحاب الأعمال الخيرية وحدهم أو تلك الفئة دون سواها، فالمجتمع نسيج متنوع ويفترض به التناغم وتغطي كل فئة جانباً مهماً لا يمكن إغفال تأثيره، إنّ الهدف هو بناء وترسيخ «قدوات» حسنة للناشئة في كل المجالات، فكل المجالات مهمة لأنها تصب جميعاً في قناةٍ واحدة ترفد هذا الوطن بما يحتاجه من كل قطاع حتى يستطيع الوقوف دوماً على أرضية صلبة تمكّنه من تعزيز دوره التنافسي على الدوام.
إنّ تكريم «بو خالد» حفظه الله تعالى لهؤلاء القدوات، وبشكل سنوي لهو اعتراف من الحكومة الرشيدة بالإسهامات العظيمة لهم، ودليل أنّ أهل الإمارات من مواطنين ومقيمين يتسقون تماماً وطموحات الحكومة، كلٌ منهم يؤدي ما يُطلب منه في مجاله الذي يبرع به ولا يغطي سواه مكانه، فالطبيب لا يستطيع تغطية مكان عامل النظافة، ومهندس الفضاء لن يلغي الحاجة لحارس المبنى، وخبير الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً لشرطي المرور، واختصاصية الجينات لن تطالب بأن تكون محل موظفة خدمة العملاء، الكل يؤدي دوره الذي تخصص به، وحب الوطن يفترض أن تُخْلِص في مهامك وأن تؤديها على أكمل وجه وأن لا تغمط غيرك في الاعتراف بأهمية عمله في تقوية ذاك «النسيج» المتناغم؛ الذي باشتداده وتفاعله مع بعض بصورة إيجابية يكون للوطن القدرة أن يمضي بعيداً في معترك التنافسية مع دول النخبة.
إنّ الاستثناءات غير الجيّدة لا يصحّ أن يتم تعميمها ويتم اتخاذها كقاعدة للحكم، فكما نُحسَد على هذه القيادة فكذلك نُحْسَد على هذا المجتمع العظيم، مجتمعنا ضحّى أجداده وآباؤه بالكثير مع المؤسسين لبناء صرح الإمارات الشامخ، ويقدّم أفراده حالياً مآثر في الولاء المطلق والعطاء والاجتهاد والتكاتف فيما بينهم لحماية وحدة الوطن وتعزيز مكانته من أمورٍ لا يغفل عنها قادته، حفظهم الله، ويقدّرونها حق التقدير، فهذا المجتمع محظوظ بهذه القيادة الفذّة، وهذه القيادة محظوظة بدورها بهذا المجتمع الرائع وهي لا تألو في الاعتراف بإسهاماته وأدواره في كل مناسبة، حفظ الله بلادنا وأدام عليها الخير والمحبة والأمن.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة