ملتقى التعايش.. حراك شعبي لتعزيز التسامح الديني بالسودان
بالتوازي مع خطوات التغيير السياسي في السودان، تتحرك كيانات شعبية لتعزيز التسامح والتعايش السلمي بين منتسبي الأديان المختلفة بالبلاد.
وشهدت العاصمة الخرطوم، ليل السبت، أول ملتقى من نوعه، بمشاركة جماعات دينية مختلفة، إسلامية، ومسيحية ويهودية وهندوس، ولا دينيين، بجانب حاخام إسرائيلي وقس من النرويج.
ويهدف الملتقى، الذي عقد تحت مسمى "اللقاء الأخوي الأول لتعزيز التسامح والسلام الاجتماعي"، إلى رسم طريق جديد للتعايش بين الأديان، وترسيخ مفهوم المواطنة أساس الحياة وجعله واقعا.
ويحمل القائمون على أمر الملتقى، ويتزعمهم النائب البرلماني المستقل سابقا، أبوالقاسم برطم، عبء إزالة سموم الكراهية التي انتشرت في المجتمع السوداني خلال الـ3 عقود الماضية، والتي كانت تحكم فيها البلاد نظام الإخوان المتشدد.
يقول برطم لـ"العين الإخبارية": "نمضي في هذا العمل، واضعين نصب أعيننا تجربة الإخوان التي حولت قضية جنوب السودان إلى حرب دينية، مما أدى إلى فصل جزء عزيز على وطننا، نحن نرغب في تغيير هذا الواقع".
وأضاف: "نسعى لترسيخ مبدأ المواطنة أساس الحياة، فهناك بعض المواطنين السودانيين من أصول يهودية، وآخرين يعيشون وسط خوف ورعب وتوجس، حان الوقت لأن يشعروا بالأمان، ويمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، ولهذا الهدف نعمل على سلام اجتماعي شامل".
ويأتي هذا الملتقى والمشهد السوداني يعيش زخم السلام مع إسرائيل، الذي قطعت فيه الخرطوم وتل أبيب شوطا بعيدا، فضلا عن أنه أصبح مزاجا شعبيا أكثر من كونه ملفا يعني السياسيين فحسب.
وكان لافتا بث كلمتين خلال الملتقى عبر الفيديو، محفزتين للتعايش بين الأديان من الحاخام ديفيد روزون من إسرائيل والقس انجبورج ميدتوم من النرويج.
كما شهد الملتقى مشاركة رفيعة من عضو مجلس السيادة الانتقالي رجاء نيكولا ورجال دين مسلمين ومسيحيين ويهود وهندوس ولا دينيين.
وشارك في الملتقى يهود سودانيين وأسر سودانية جذورها يهودية، واعتبروا الملتقى بذرة لتعايش اليهود السودانيين في العلن بدون خوف.
وأشار برطم في حدي لـ"العين الإخبارية" أن بعض الجهات السياسية التي تنطلق من أفكار راديكالية حاولت التشويش على الملتقى وتصويره على أساس أنه قد يكون نشاطا لحراك السلام مع اسرائيل.
وقال إن الملتقى نشاط اجتماعي يسعى لخلق تعايش وتسامح بين مكونات المجتمع السوداني، بخلاف مسألة العلاقات مع إسرائيل وهي قضية سياسية بحتة.
ونبه إلى أنهم سيستمرون في هذا الحراك بعقد ندوات ولقاءات واتباع شتى سبل التوعية لتعزيز التسامح والسلام الاجتماعي في السودان، مناشدا الحكومة بدعم هذه الجهود حتى تتحول لواقع معاش.
وأشاد باهتمام رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، بالملتقى وتكليفه لعضو المجلس رجاء نيكولا لتمثيله في هذه الفعالية.
وتحدث بالملتقى، عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا وسفيرة النرويج ورئيس مجمع الفقه الإسلامي السابق عبدالرحمن حسن حامد والأب فلو ثاوث فرج.
واعتبر منظم الملتقى، أبوالقاسم برطم في كلمته، أن الملتقى يمثل فرصة سانحة لتعزيز التعايش بين السودانيين، مؤكدا أن الدعوة للتعايش ملحة وضرورة من أجل خلق وطن يسع الجميع.