هل ينجح "بايدن" في كسب ثقة الأفارقة بعد مقتل فلويد؟
جو بايدن يصف نفسه بأنه مرتبط للغاية بالتجربة الأمريكية الأفريقية لكن هل يملك المهارة السياسية لتوجيه غضب الناخبين السود؟
يصف جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق، نفسه بأنه مرتبط للغاية بالتجربة الأمريكية - الأفريقية، وصلت إلى حد قوله، خلال مناظرة في أتلانتا قبل 6 أشهر"لقد خرجت من المجتمع الأسود".
ولكن بينما تحترق تلك المدينة وغيرها، ويطالب المتظاهرون بعد مقتل جورج فلويد، الأمريكي من أصول أفريقية، بأجندة سياسية قوية للمجتمعات الملونة، يواجه المرشح الديمقراطي المفترض للرئاسة الأمريكية (جو بايدن) اختبارًا حاسمًا، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
ودفع ذلك الصحيفة الأمريكية إلى التساؤل عما إذا كان "بايدن" يملك العلاقات والمهارة السياسية لتوجيه غضب السود الأفارقة ؟ أم سيجرفه تسونامي من السخط؟.
وفي هذا السياق، قال كورنيل بلشر، الذي كان أحد منظمي استطلاعات الرأي للرئيس السابق باراك أوباما، إنه:"ينبغي عليه أن يستغل الفرصة".
واعتبر أن بايدن "قادر تماما على التدخل في هذه المساحة، وإرسال رسالة حول توحيد أمريكا والتحدث عن الإحجام الذي طرحه مارتن لوثر كينج قبل عقود: أن الظلم في أي مكان لأي شخص هو ظلم للجميع. هذه هي المساحة التي يجب أن يشغلها".
وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى الآن، ظل بايدن هادئًا نسبيًا، وأدلى بملاحظات متلفزة وجيزة تدعم المتظاهرين، الجمعة، وأجرى جولة نادرة من المقابلات مع المحطات الإخبارية لتوصيل وجهة نظره إلى البلاد.
كما أصدر بايدن، أمس الأحد، بيانا يدين العنف، وفي وقت لاحق، سحب فيديو مسجلاً مسبقًا من البرنامج الناطق لمؤتمر الحزب الديمقراطي في ولاية مين مساء الأحد "بسبب الأحداث الأخيرة"، وفقً لأحد مساعديه.
كما أجرى زيارة غير معلنة للمتظاهرين في مدينة ويلمنجتون بولاية ديلاوير، ونشر لاحقًا صورة لنقاش مع شخص ، وكتب في تعليق: "نحن أمة تتألم، ولكن يجب ألا نسمح لهذا الألم بتدميرنا".
ويخطط بايدن للتحدث أكثر عن قضية العرق في الأيام المقبلة، وفقًا لشخص مطلع على خطط الحملة تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
في المقابل، حاول الرئيس ترامب، الأحد، ربط الاحتجاجات ببايدن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى الاضطرابات في فيلادلفيا، حيث يقع مقر الحملة الرسمية للمرشح الديمقراطي.
وتساءل ترامب: "هل هذا ما يريده الناخبون من جو النعسان؟"، وفي وقت لاحق، طالب الولايات الديمقراطية والقادة المحليين في المدن المتضررة باستدعاء الحرس الوطني.
ومضى الرئيس الأمريكي قائلا: "العالم يراقبكم ويضحك عليكم وعلى جو النعسان. هل هذا ما تريده أمريكا؟.. كلا".
وكان بايدن فاز بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بسبب دعمه الساحق من الناخبين ذوي البشرة السمراء وسكان الضواحي، وهو تحالف يتحيز لكبار السن وأكثر تحفظًا من المتظاهرين الشباب ومتعددي الأعراق الذين يسيرون في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد.
من جانبها، تعترف حملة بايدن بأن فوزه على ترامب سيتطلب منه إعطاء دوافع للناخبين الأكبر سنا، وأيضا جذب الشباب الأمريكيين الساخطين الذين تخشى الحملة أن يخرجوا من هذه الانتخابات إذا لم يتواصلوا معه.
ونقلت الصحيفة عن شيكيرا باركر، وهي إحدى منظمي الاحتجاجات، قولها: "الناس غاضبون في الشوارع، إنها ليست مجرد احتجاجات، إنها غضب".
وأضافت: "هناك نظام يجب أن يتغير من الأعلى إلى الأسفل. على (بايدن) أن يثبت أن لديه الشجاعة لإحداث تغيير على طول الطريق".
بدوره قال عبد العلي محمد، وهو ناشط في مجال الحقوق المدنية في فيلادلفيا، أسس مؤخرا صندوق كفالة للأشخاص الذين اعتقلوا خلال احتجاجات جورج فلويد، إن العديد من الشباب قد تخلوا عن العملية السياسية.
وأضاف: "أنت تسمع أقل بكثير عن الانتخابات الآن لأنهم لا يعتقدون أن النظام السياسي يصلح لهم. لهذا السبب هم في الشوارع".
واعتبر أن الاختيار بين ترامب وبايدن يرقى إلى اختيار الخيار الأقل سوءًا، قائلا: "لقد وضعنا في هذا الموقف حيث كان علينا الاختيار بين أهون الشرين، وأين وصلنا بعد هذا الاختيار؟ نحن لسنا في وضع أفضل مما كنا عليه من قبل".
ولفتت الصحيفة إلى أن بايدن يألف مواجهة الاضطرابات العرقية، فحين كان محاميا شابا في أوائل السبعينيات، دفعته معارضته لقوات الحرس الوطني التي كانت تحتل ويلمنجتون، في أعقاب أعمال الشغب إلى خوض الانتخابات.
وقال، آنذاك، إنه أرغم على الترشح للترشح للرئاسة بعد اشتباك المتعصبين البيض بعنف مع المتظاهرين في شارلوتسفيل.
لكن تاريخه الطويل في السياسة الديمقراطية يتضمن حلقات تثير الشك لدى الأمريكيين ذوي البشرة السمراء،بما في ذلك تأليف قانون الجرائم لعام 1994 الذي يقول منتقدون إنه أدى إلى الحبس الجماعي.
وخطته الحالية للأمريكيين الذين ينحدرون من أصل أفريقي ليست بعيدة المدى كما يريد القادة الشباب، بما في ذلك رفض تقنين الماريجوانا.
وقالت أنجيلا راي، وهي زعيمة للحقوق المدنية والمديرة التنفيذية السابقة لكتلة النواب السود بالكونجرس، إنها تشعر بخيبة أمل من إزاء صمت بيان بايدن بشأن القضية الأكبر المتعلقة بوحشية الشرطة.
وقالت راي: "هذا البيان ليس مصمماً لتمزيقه. هذا فقط لجعله يضمن بقاء السود، ولا يمكننا البقاء على قيد الحياة إذا لم يكن هناك إدراك كامل لما يحدث وخطورة هذه اللحظة".
أما قادة الحقوق المدنية الشباب، فيقولون إن أحد أسباب الانفصال هو اعتماد بايدن على دائرة صغيرة من القادة السود الذين عرفهم لسنوات.
وقال رشاد روبنسون، وهو رئيس "تحالف لون التغيير": "إنها استراتيجية للديمقراطيين البيض من التسعينيات للاعتقاد أنه يمكنك ببساطة التعامل مع قادة معينين وليس عليك إجراء محادثات مع القواعد الشعبية وليس من الضروري العمل بالاشتراك مع القواعد الشعبية".
وأشار إلى أنه يريد من بايدن أن يقدم أجندة أكثر تفصيلاً، وأن يشرح بالضبط كيف سيفكك القوى التي أبقت على الوضع الراهن على حاله خلال إدارات الجمهوريين والديمقراطيين.
وأثارت مقتل فلويد، الذي ظهر في فيديو وهو يجاهد لالتقاط أنفاسه بينما يجثو ضابط شرطة أبيض بركبته فوق عنقه، موجة احتجاجات عارمة بدأت من منيابوليس وامتدت عبر أنحاء الولايات المتحدة، وتخللها أعمال شغب وعنف.