ازدواجية وعنصرية.. إدريسا جاي يضع الكرة الأوروبية في مرمى النيران
أحدث السنغالي إدريسا جاي، لاعب باريس سان جيرمان زلزالا تردد صداه في أرجاء العالم، دون أن ينطق بكلمة واحدة.
وأعلن ملايين المشجعين حول العالم مساندتهم لإدريسا جاي، في ظل تعرضه لضغوط قوية في فرنسا، بسبب اتهامه بـ"رهاب المثلية الجنسية".
ودشن المشجعون المساندون للنجم السنغالي "هاشتاق" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" باسم "كلنا إدريسا"، وسرعان ما أصبح الأكثر تداولا حول العالم بعد وقت قصير من إطلاقه.
سبب أزمة إدريسا جاي
إدريسا جاي غاب عن المباراة التي فاز بها باريس سان جيرمان (4-0) على مونبلييه في الجولة 37 من الدوري الفرنسي، السبت الماضي، وبرر مدربه ماوريسيو بوكيتينو غيابه بـ"أسباب شخصية"، مشيرا إلى أنه لا يعاني من إصابة تمنعه من اللعب.
وأكدت تقارير صحفية أن اللاعب السنغالي، المعروف عنه كونه مسلما ملتزما، قرر ألا يشارك في المباراة التي ارتدى فيها فريقه قمصانا تحمل ألوان "قوس قزح"، ضمن حملة لدعم المثليين.
ما ذكرته التقارير لم يمر مرور الكرام على جمعيات دعم المثليين في البلد الأوروبي، حيث شنت إحداها هجوما ضاريا على اللاعب السنغالي صاحب الـ32 عاما واتهمته بـ"التمييز والعنصرية"، فيما طلبت لجنة الأخلاقيات بالاتحاد الفرنسي لكرة القدم من اللاعب توضيح موقفه وسبب غيابه عن اللقاء.
وقال الاتحاد في خطابه للاعب باريس: "ندعوك لإسكات الشائعات وتوضيح دعمك بدليل لا يدعو للشك، مثل إرسال صورتك وأنت ترتدي القميص المعني"
وأضاف: "برفضك المشاركة في الحملة فأنت تؤكد صحة السلوك التمييزي ورفض الآخر، وفي هذه الحالة عليك أن تدرك حجم هذا الخطأ الجسيم".
إدريسا جاي يفضح عنصرية أوروبا
وهاجم الكثير من المشجعين حول العالم الموقف الفرنسي والأوروبي بشكل عام، واعتبروه عنصرية ضد قناعات اللاعب الدينية.
كان الرئيس السنغالي ماكي سال واحدا من الذين عبروا عن دعمهم الصريح للاعب باريس سان جيرمان، وقال في تغريدة عبر حسابه على "تويتر: "أنا أدعم إدريسا، يجب احترام قناعاته الدينية".
وقبل الرئيس السنغالي، عبّر العديد من اللاعبين السنغاليين المحترفين في أوروبا عن دعمهم لزميلهم في منتخب "أسود التيرانجا"، ويأتي على رأسهم شيخو كوياتي (كريستال بالاس)، وإسماعيلا سار (واتفورد)، ونامباليس بلاي ميندي (ليستر سيتي).
إسماعيلا سار واجه انتقادات قوية من مشجعي فريقه، الذين طالب بطرده من النادي، ليضطر حذف المنشور الذي يدعم فيه زميله، فيما قال متحدث رسمي باسم ليستر إن النادي "تحدث مع ميندي وأقنعه بإزالة المنشور".
واعتبر مؤيدو موقف إدريسا جاي أن ما يحدث معه، ومع من يدعمه بالتبعية، يعد تعديا على حرية الرأي والاعتقاد، وهي من المبادئ التي من أجلها يُدعم المثليين في الغرب.
واستدعى آلاف المغردون المواقف الغربية المتقلبة، واستخدام الرياضة لتمرير رسائل سياسية حين الحاجة، ورفع شعار "فصل الرياضة عن السياسة" في أحيان أخرى، وازدواجية المعايير في التعامل مع عدة قضايا.
وتحدث المغردون عن الدعم غير المشروط الذي حصلت عليه أوكرانيا من مختلف الجهات الرياضية في أوروبا بعد الحرب الروسية، وسلسلة العقوبات التي طالت الجانب الروسي ردا على هذه الحرب، رغم أن هذا النوع من المواقف لم يكن يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم اتخاذه حتى وقت قريب، بداعي "فصل الرياضة عن السياسة".
وبعد ما حدث مع جاي، بات قطاع عريض من المشجعين على قناعة تامة أن كل ما يتم ترديده من الهيئات الحاكمة لكرة القدم في أوروبا ما هو إلا شعارات، تخرج فقط حين الحاجة إليها فيما تختفي تماما حسب الأهواء.
ما زاد الأمور اشتعالا هو تزامن واقعة إدريسا جاي مع اعتراف جاك دانيلز، لاعب بلاكبول الإنجليزي، بمثليته، واحتفاء "مجتمع كرة القدم" في بريطانيا به ودعمهم له.
وبهذا أصبحت الأمور في هذا الصدد تُكال بمكيالين، فأنت حر ومستحق للدعم فقط إذا كنت مثليا أو توافق على دعم المثليين، ولا حرية لك إذا اخترت ألا تساندهم.
من هو إدريسا جاي؟
إدريسا جانا جاي لاعب دولي سنغالي، من مواليد 26 سبتمبر/ أيلول 1989 ويلعب في مركز خط الوسط الدفاعي، وخاض العديد من التجارب الاحترافية في أوروبا، تحديدا بين إنجلترا وفرنسا.
واستهل إدريسا جاي مشواره الاحترافي مع فريق الشباب في ليل الفرنسي عام 2008، قبل تصعيده بين الكبار حتى 2015 وتوج معه بلقب الدوري المحلي، قبل خوض تجربتين في إنجلترا بين صفوف أستون فيلا وإيفرتون.
ومع العودة إلى فرنسا من بوابة باريس سان جيرمان، بلغ إدريسا جاي نهائي دوري أبطال أوروبا مع بطل فرنسا عام 2020 لكنه خسر اللقب على يد بايرن ميونخ الألماني.
وعلى الصعيد الدولي، يمتلك جانا جاي العديد من الإنجازات، وشارك في أولمبياد لندن 2012 وكأس العالم 2018 وتوج بطلا لكأس أمم أفريقيا 2022 بالكاميرون.