ديكتاتورية وفشل إداري.. لماذا تخلى باريس سان جيرمان عن توخيل؟
مثّل قرار إدارة باريس سان جيرمان بإقالة مدربه الألماني توماس توخيل نهاية طبيعية لمسلسل الفشل الإداري للنادي الفرنسي.
توخيل عانى خلال عامين ونصف تولى فيها تدريب الفريق العاصمي بين صيف 2018 وحتى شتاء 2020، من تدخل إداري منقطع النظير في عمله.
الحديث عن التدخل الإداري في عمل مدربي باريس، من جانب الصحافة الفرنسية، بدأ بعد رحيل الإيطالي كارلو أنشيلوتي في 2013، وتحديداً مع لوران بلان (2013-2016) وأوناي إيمري (2016-2018).
ولكن عهد توخيل شهد العديد من الحوادث التي تفضح عدم السماح للمدرب -الذي قاد الفريق لنهائي دوري أبطال أوروبا- بالعمل وسط أجواء طبيعية.
حرب النجوم
الصلاحيات التي منحتها إدارة باريس لنجوم الفريق وعلى رأسهم صفقة الـ222 مليون يورو، البرازيلي نيمار دا سيلفا، قلصت من صلاحيات توخيل.
نيمار تمرد على توخيل ورفض حضور تدريب الفريق التحضيري للقاء بروسيا دورتموند في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، خلال شهر فبراير/شباط الماضي، بعدما استبعده المدرب من مواجهة ديجون في كأس فرنسا، لتجنب تفاقم إصابته.
وفي أبريل/نيسان الماضي، نفت إدارة باريس أنباء المشادة التي وقعت بين يوليان دراكسلر ونيمار، والتي قال فيها البرازيلي للألماني: "من أنت لتتحدث معي هكذا؟"، بعدما اتهمه زميله بالأنانية.
وقال النادي تعليقاً على التقرير التي نشرته صحيفة "لو باريسيان" الفرنسية إنه "غير صحيح. يحاول إظهار نيمار في صورة اللاعب الذي يحارب زملاءه طوال الوقت".
ولكن على أرض الواقع فإن نيمار أثبت ذلك بدون تدخل الصحافة أو تسريبها لأخبار المشادات، وأبرز تلك الخلافات كانت مع الأوروجواياني إديسون كافاني قبل رحيله لمانشستر يونايتد، ومع أحد مشجعي النادي عقب خسارة نهائي كأس فرنسا 2019 أيضا.
الأمر لم يتوقف عند نيمار وحده، بل إن الفرنسي الشاب كيليان مبابي كانت له أزمة أخرى مع المدرب الألماني، خلال فوز الفريق الساحق 5-0 على مونبيليه في فبراير الماضي.
وعند استبدال مبابي من أرض الملعب في الدقيقة 68 من عمر اللقاء، انفجر مهاجم فرنسا في وجه مدربه أمام أعين الجماهير والكاميرات.
وحاول المدرب وقتها تهدئة مبابي، لكنه عبر عن استيائه مما فعله في المؤتمر الصحفي بعد المباراة، بقوله: "لست غاضباً ولكني حزين لأن هذا ما كان يجب أن يحدث".
هل كان مدربا؟
توخيل قال في تصريحات قيل إنها تسببت في إقالته، بحسب ما علقت صحيفة "ميرور" البريطانية: "بصراحة سألت نفسي في الأشهر الـ6 الأولى من الموسم الحالي، هل ما زلت مدربا أم ذا منصب سياسي أم وزيرا للرياضة؟ أين دوري كمدير فني داخل هذا النادي؟".
تصريحات المدرب السابق لبروسيا دورتموند لها دلالات لا تنتهي، أهمها أنه لم يعد يؤمن بأن له صلاحيات المدرب، في وقت قاد الفريق خلالها لنهائي دوري أبطال أوروبا 2020، وهو الإنجاز الذي حاول باريس لسنوات الوصول فقط لنصفه، لكن الفشل كان يلاحقه دائما.
وعلى الرغم من أن توخيل صرح بأن تصريحاته قد أسيء ترجمتها، وأنه ما كان يجب أن تترجم هكذا، إلا أنها عكست حقيقة وجود عدم احترام لعمله كمدرب رغم ما قدمه للفريق.
توخيل أثبت نجاحه مع باريس بحصد لقبين للدوري الفرنسي والتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ النادي، لكن يبدو أن إدارة "بي إس جي" لم يرق لها الأمر.
أزمة المدير الرياضي
كانت بداية أزمات توخيل في باريس مع الإدارة خلال عهد أنتيرو هنريكي المدير الرياضي السابق للنادي، تحديدا في سبتمبر/أيلول 2018، أي بعد أشهر قليلة من توليه تدريب الفريق.
الخلاف كان سببه عدم تدعيم الفريق في الصيف السابق بلاعبين في خط الوسط، مما اضطر المدرب للرد على سؤال صحفي عن قلة الخيارات في هذا المركز بتصريح صادم جاء فيه: "عليكم أن تسألوا أنتيرو. لا أريد أن أجيب عن هذا السؤال".
ثم جاء دور البرازيلي ليوناردو المدير الرياضي الحالي لباريس، والذي هاجم توخيل مؤخراً، وتحديداً في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقوله: "لم أحب ما قاله المدرب توخيل، ولم أفهمه والنادي لا يحب هذا الأسلوب. سندرس هذا الأمر داخلياً".
وواصل البرازيلي هجومه: "لو هناك أي شخص غير سعيد يمكننا أن نتحدث، لا يوجد مشكلة، ولكن لو أراد البقاء فيجب أن يحترم اختيارات الإدارة الرياضية".
تصريحات توخيل كانت تتمثل في هجومه على إدارة النادي لعدم تدعيمه والإنصات إليه خلال فترة الميركاتو الصيفي الماضي أيضا، وما صاحب ذلك من بداية كارثية للفريق في الدوري المحلي بتلقي خسارتين خلال وقت مبكر.
توخيل طالب بالإبقاء على البرازيلي تياجو سيلفا في الفريق، وعدم السماح قبلها برحيل كافاني وفي كل الأحوال لم تكن الإدارة الباريسية تنفذ إلا ما يحلو لها، ثم جاء التصريح الذي أدى إلى الرحيل من قبل توخيل، لينهي العلاقة بين الطرفين.