ضربات جوية أم غزو؟.. خيارات بوتين العسكرية في أوكرانيا
حدد محللون سياسيون عددا من الخيارات العسكرية لروسيا في أوكرانيا، في خضم توتر متزايد بين البلدين المتجاورين.
وبينما هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعمل عسكري محتمل على أوكرانيا، قال المحللون العسكريون الغربيون إن الرئيس الروسي قد يفكر في عدد من السيناريوهات تتراوح ما بين ضربات صاروخية موجهة، وتوغل محدود من شرق أو غرب البلاد، وحتى غزو شامل مدعوم بحرب سيبرانية.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية "بعد نشر حوالي 100 ألف جندي روسي قرب الحدود الأوكرانية الشمالية والشرقية والجنوبية، حذر بوتين من أنه يملك "جميع أنواع" الخيارات إن لم تتم تلبية مطالبه بشأن أوكرانيا وأنشطة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في الكتلة السوفيتية السابقة.
ووفق مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، فإن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية التي تمت مشاركتها مع الحلفاء الأوروبيين، ترجح أن روسيا تجهز لغزو محتمل.
إلا أن المسؤولين أشاروا أيضا إلى أن التعزيزات العسكرية ربما تستهدف تأمين تنازلات دبلوماسية من الرئيس جو بايدن، وفق ما نقلته فايننشال تايمز.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن نشر وحدات رئيسية وأسلحة متطورة، إلى جانب الخطاب الروسي الحاد، أثار احتمال تحول الحرب بالوكالة بمنطقة دونباس في شرق أوكرانيا إلى صراع شامل.
وقتل أكثر من 14 ألفا منذ بدء القتال في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، بعد فترة قصيرة على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية بشكل أحادي، في عام 2014.
وقال مايكل كوفمان، من منظمة "سي إن إيه" غير الربحية لدراسات السياسة الأمريكية، إن بوتين لديه تاريخ حافل في استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية، متسائلا: "كم عدد الهجمات التي يجب أن يشنها في أوكرانيا حتى يظن الناس أنه لا يخادع؟".
وأنكر بوتين تجهيز مخططات لشن غزو، لكنه أوضح أن روسيا مستعدة لاستخدام "تدابير عسكرية فنية" من أجل "الرد بقسوة على الخطوات العدائية".
ضربات صاروخية
وقال مقربان من بوتين إن السبب الأرجح للحرب سيشبه ما أشعل حرب الأربعة أيام مع جورجيا في 2008، حيث ردت روسيا وقتها على محاولات تبليسي إعادة الأراضي التي سيطر عليها المتمردون المدعومون من روسيا بغزو بري مدعوم بضربات جوية ومدفعية، وحصار بحري وهجمات سيبرانية.
وأضافا أن روسيا ستروج للصراع مع أوكرانيا على أنه خطوة لحماية الأقلية الروسية في منطقة دونباس مما تصفه بالسياسة "العدائية" الأوكرانية.
وقال خبراء أمنيون إن حجم ومدة أي تصعيد ستعتمد بعد ذلك على سرعة استسلام أوكرانيا لطلبات روسيا.
ويمكن أن تلحق روسيا أضرارا بالجيش الأوكراني من خلال الهجمات الجوية على الخطوط الأمامية، والمنشآت العسكرية، والبنى التحتية الحيوية، بحسب ما قالته دارا ماسيكوت، الباحثة في معهد راند للأبحاث الأمريكي.
وأشارت ماسيكوت إلى وجود العديد من الصواريخ الكروز والباليستية التي يمكنها الانطلاق من البحر الأسود أو من الأراضي الروسية، وستواجه أنظمة الدفاع الجوي الأوكراني صعوبة في مواكبتها.
تكلفة عالية
ولفتت "فايننشال تايمز" إلى أن وقوع غزو شامل سيسمح لروسيا بالسيطرة على مساحات من الأراضي التي يمكن استخدامها في هجوم مضاد في دونباس، كما تتماشى هذه الخطة مع فكرة بوتين في أن المناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا شرق نهر دنيبرو هي "أقاليم تاريخية" تابعة لموسكو.
ويعتبر المحللون هذا السيناريو أقل ترجيحا بسبب القوة البشرية الهائلة التي ستتطلبها والخسائر الضخمة المحتملة للقوات الروسية.
وفي السياق ذاته، تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي بوتين، الخميس، عبر الهاتف، في محاولة لنزع فتيل التوتر على الحدود الأوكرانية.
وأشارت إدارة بايدن إلى أنها ستبقي تفاصيل المحادثة سرية، ولم يتضح على الفور السبب وراء المكالمة الهاتفية التي جاءت بناء على طلب بوتين.
وقبيل المكالمة، سير سلاح الجو الأمريكي طائرة تجسس فوق شرقي أوكرانيا لتقييم الوضع العسكري على الأرض، بحسب ما قاله مصدر لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وذكرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية أن المحادثة بين بوتين وبايدن تعتبر بمثابة مقدمة للمفاوضات الثنائية التي ستنعقد في جنيف بسويسرا في 10 يناير/كانون الثاني. وسيقود الوفد الأمريكي نائبة وزيرة الخارجية ويندي شيرمان، أما الجانب الروسي فسيقوده نظيرها سيرجي ريابكوف.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن بوتين وبايدن ليس من المتوقع أن يحضرا المحادثات المقبلة شخصيا.
فيما أكد نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في وقت سابق من هذا الأسبوع أن مجلس "روسيا-الناتو" سينعقد في 12 يناير/كانون الثاني، وسيتبعه اجتماع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في 13 يناير/كانون الثاني.
وقال برايس: "سنعرض مخاوفنا على الطاولة. وأعتقد أن الروس سيفعلون الأمر ذاته. ستكون هناك مجالات يمكننا أن نحرز فيها تقدما، ومجالات متأكد أننا سنختلف فيها".
وتطالب روسيا بضمانات أمنية في أوكرانيا والمناطق السوفيتية السابقة، مثل تعهد الناتو بعدم السماح بانضمام أوكرانيا وإزالة الصورايخ الباليستية من الجوار الروسي، من أجل التوصل لحل في دونباس ونزع فتيل التوتر.