من أوكرانيا إلى ميانمار.. صراعات قد تستمر في 2022
بعد عام شهد اعتداء على مبنى الكابيتول الأمريكي، ومعارك مستمرة في إثيوبيا، وانتصار حركة طالبان في أفغانستان، ومواجهات القوى العظمى بسبب أوكرانيا وتايوان في ظل تراجع الطموح الأمريكي على الساحة العالمية، من السهل رؤية عالم يخرج عن مساره.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه بالرغم من ذلك، تتراجع الحروب، وفقا لبعض المقاييس، وتراجعت أعداد القتلى خلال عمليات القتال حول العالم منذ عام 2014، إن أحصينا من قتلوا فقط مباشرة خلال القتال.
وفي هذا السياق، تعرض "العين الإخبارية" قائمة أعدتها المجلة الأمريكية حول عدد من النزاعات السياسية والعسكرية المتوقع استمرارها خلال عام 2022.
أوكرانيا
لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت روسيا، التي تحشد قواتها على الحدود الأوكرانية، ستغزو جارتها مجددا؛ لكن سيصبح من الخطأ تجاهل التهديد باعتباره خدعة.
الحرب الأوكرانية بدأت فعليا عام 2014 عندما ضم بوتين شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، حسب "فورين بوليسي".
وفي ربيع 2021، حشد بوتين أكثر من 100 ألف جندي قرب الحدود، فقط ليسحب الكثيرين منهم بعد أسابيع لاحقة بعد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن منذ نوفمبر/تشرين الثاني، حشد أعدادا مشابهة.
وربما تميل روسيا لنشر التعزيزات العسكرية من أجل الإجبار على الحصول على تنازلات؛ لكن بالنظر إلى سجل بوتين الحافل والتقليل من شأن العدائية التي تنشرها موسكو بين الأوكرانيين خارج المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، لا يجب أن يستبعد أحد مغامرة عسكرية أخرى.
وقالت المجلة الأمريكية إنه إذا خططت روسيا للقتال، تتنوع خياراتها من دعم محدود للانفصاليين إلى هجوم شامل.
إثيوبيا
سعى رئيس الوزراء آبي أحمد منذ عامين لطي صفحة الصراع الممتد في بلاده على مدار عقود، لكن اضطرت البلاد إلى الدخول مجددا في صراع بين الجيش الفيدرالي والمتمردين من جبهة تحرير تجراي (شمال)، المصنفة "تنظيما إرهابيا في إثيوبيا".
وأمر آبي أحمد لأول مرة القوات الفيدرالية بالتوجه إلى تجراي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020 بعد هجوم مميت على ثكنة عسكرية شنه موالون لجبهة تحرير تجراي.
وسرعان ما تقدمت القوات الفيدرالية إلى جانب القوات من منطقة أمهرة، وتم إعلان إدارة مؤقتة في العاصمة ميكيلي في ديسمبر/كانون الأول عام 2020.
وعلى مدار الأشهر اللاحقة، أعاد قادة جبهة تحرير تجراي تنظيم صفوفهم، وتمكنوا من تحقيق انتصارات مؤقتة على الجيش الإثيوبي بنهاية يونيو/حزيران، قبل توجههم إلى الجنوب. لكن بعد مواجهة أخيرة، انسحبت قوات جبهة تجراي إلى منطقتهم.
وتنظر السلطات الإثيوبية للجبهة باعتبار قادتها مخربين متعطشين للسلطة يريدون تدمير رؤية لتحديث البلاد، لكن في المقابل يقول قادة تجراي إن هجومهم الأول الذي أشعل الحرب "استبق حملة لإخضاع تجراي".
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن مزيدا من القتال يمكن أن يتسبب في كارثة؛ خاصة أن القتال أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتسبب في هجر ملايين الإثيوبيين لمنازلهم، في ظل اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بارتكاب فظائع، وأن أجزاء من تجراي تقترب من مجاعة.
أفغانستان
أنهى عام 2021 فصلا من عقود مأساة أفغانستان الطويلة، وأن أخرى ستبدأ؛ فمنذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس/آب، لاحت كارثة إنسانية في الأفق، وترجح بيانات الأمم المتحدة أن ملايين من الأطفال الأفغان قد يتضورون جوعا ويتحمل قادة الغرب الجزء الأكبر من اللوم.
ورد العالم على سيطرة طالبان على السلطة بتجميد أصول الدولة الأفغانية، ووقف المساعدات، وتقديم تخفيف محدود للعقوبات فقط لأغراض إنسانية.
ولا تستطيع الحكومة الجديدة دفع رواتب الموظفين الحكوميين، ويعيش الاقتصاد حالة ترنح، بينما القطاع المالي في حالة شلل.
ويأتي كل ذلك في مقدمة جفاف شديد، وبالرغم من تراجع مستويات العنف عما كانت عليه منذ عام، تواجه طالبان قتالا محتدما مع الفرع المحلي لتنظيم داعش.
ولم يفعل النظام الجديد الكثير لتقريب نفسه من المانحين، حيث تقتصر حكومته تقريبًا على شخصيات من الحركة، ولا تمثيل للنساء. كما أثارت قرارات طالبان الأولى بإغلاق مدارس الفتيات غضبا دوليا، وتحدثت تقارير عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء لجنود ورجال شرطة سابقين.
الولايات المتحدة والصين
بعد فترة قصيرة على الانسحاب من أفغانستان، أعلنت الولايات المتحدة اتفاقية جديدة مع أستراليا والمملكة المتحدة لمواجهة الصين.
وستساعد الاتفاقية، المعروفة باسم "أوكوس"، كانبيرا في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية، وكان ذلك مثالًا على تطلعات واشنطن للانتقال من مكافحة المتطرفين إلى سياسات القوى الكبرى وردع بكين.
وأحد الآراء القليلة المتفق عليها في واشنطن أن الصين هي خصم الولايات المتحدة، وأصبح التنافس مع الصين مبدأ أساسيا للسياسة الأمريكية.
وطبقًا لـ"فورين بوليسي"، تستلزم استراتيجية بايدن تجاه الصين، وإن لم يتم توضيحها بدقة، إبقاء الولايات المتحدة القوة المهيمنة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تضخمت القدرة العسكرية لبكين.
ويبدو أن بايدن يرى أن تكاليف التفوق الصيني الإقليمي أكبر من مخاطر المواجهة، حيث يعني كل ذلك تعزيز واشنطن لتحالفاتها وشراكاتها في آسيا، بالإضافة إلى زيادة أهمية أمن تايوان بالنسبة للمصالح الأمريكية.
لكن ترى بكين الأمور بطريقة مختلفة؛ وبعدما كان الزعماء الصينيون يأملون في البداية تحسين العلاقات مع واشطن في عهد بايدن، يقلقون بشأنه الآن أكثر مما كان عليه الأمر مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
إيران والولايات المتحدة وإسرائيل
مع تلاشي الأمل في إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، يلوح تصعيد آخر في الأفق.
تولى بايدن منصبه الرئاسي متعهدا بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي سحب سلفه واشنطن منه بشكل أحادي عام 2018، وأعاد فرض عقوبات على إيران، التي في المقابل كثفت عمليات التطوير النووي واستعرض القوى في الشرق الأوسط.
وبالرغم من أن طهران لم تنسحب من الاتفاق كما ترامب، "ما زالت تلعب بالنار"، كما أن الفشل في إعادة إحياء الاتفاق خلال الشهور المقبلة قد يؤدي ذلك إلى أن يصبح الاتفاق محل جدل.
وبالنسبة إلى واشنطن، سيكون من الصعب تقبل إيران كدولة نووية، وسيكون البديل الموافقة أو الانضمام إلى الغارات الإسرائيلية التي تستهدف عرقلة قدرات طهران النووية.
وإذا حدث ذلك، قد يندفع قادة إيران نحو التسلح، وقد تهاجم طهران الشرق الأوسط. وقد تساعد الجهود الناشئة لخفض التصعيد في الخليج العربي على تقليل المخاطر، لكن سيكون العراق ولبنان وسوريا في مرمى النيران.
وقد تؤجج الحوادث خطر المواجهة المباشرة بين إيران والولايات المتحدة أو إسرائيل أو الحليفين معًا، وهو ما تجنبه الطرفان حتى الآن رغم الاستفزازات، لكن يمكن أن تخرج مثل هذه الاشتباكات بسهولة عن السيطرة برًا أو بحرًا أو في الفضاء الإلكتروني أو من خلال العمليات السرية.
اليمن
تضرب مليشيات الحوثي كل مساعي السلام في اليمن، متجاهلة مطالب أممية وضغوطا دولية لوضع حد للصراع والأزمة الممتدة على مدار سنوات منذ انقلاب مليشيات الحوثي المتمردة على السلطة الشرعية في البلاد المعترف بها دوليا، وسيطرتها على العاصمة صنعاء عام 2014.
ولذلك لا تلوح في الأفق بوادر لنهاية الحرب في اليمن خلال عام 2022 رغم مبادرات السلام المتكررة والمساعي الدولية لإنهاء الأزمة.
هايتي
لطالما عانت هايتي من أزمات سياسية، وحرب عصابات، وكوارث طبيعية. لكن هذا العام الذي يوشك على الانقضاء، قاتم بشكل خاص لكثير من سكان هايتي، وقلة فقط من يتوقعون أن يكون 2022 أكثر إشراقا.
في يوليو/تموز، اغتيل الرئيس جوفينيل مويس داخل منزله، ولم يتحرك حراسه لفعل شيء، وتنازعت النخبة حول من يدير البلاد.
وفي أغسطس/آب، دمر زلزال كثيرا من المناطق الجنوبية في هايتي، وأدى تفشي عمليات الخطف على أيدي العصابات إلى عرقلة جهود الإغاثة الدولية.
ويقلق كثير من سكان هايتي من فكرة مهمة جديدة لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ناهيك بالتدخل العسكري الأمريكي؛ لكن بدون بعض المساعدة الخارجية، من الصعب رؤية هايتي تفلت من مأزقها.
ميانمار
منذ انقلاب فبراير/شباط، أججت الحملة القمعية التي شنها جيش البلاد على الاحتجاجات السلمية في الغالب إلى مقاومة واسعة النطاق، تتراوح ما بين عصيان مدني إلى اشتباكات مسلحة مع قوات الأمن.
إذا كان الجنرالات يأملون في إعادة ضبط السياسة في ميانمار، فقد أخطأوا في حساب ذلك.
ووصف القادة العسكريون، المنزعجون من فوز أونغ سان سو تشي وفوزها الساحق في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2020، التصويت بأنه مزور واحتجزوا سياسيين مدنيين.
ويبدو أن خطتهم لعقد انتخابات جديدة استهدفت تعيين وجوه صديقة في السلطة. وبدلًا من ذلك، هزت الاحتجاجات الشعبية ضد التدخل العسكري في السياسة البلدات والمدن، وأدت الحملة القمعية، التي أسفرت عن سقوط مئات القتلى، إلى تأجيج المقاومة الشرسة.
المتطرفون في أفريقيا
منذ عام 2017، عندما خسر تنظيم داعش خلافتهم المزعومة في الشرق الأوسط، عانت أفريقيا بعض أكثر المعارك ضراوة في العالم بين الدول والمتطرفين.
وبالرغم من أن التطرف في القارة ليس جديدًا، لكن الثورات المرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة تصاعدت خلال السنوات الأخيرة.
وتكافح الدول الضعيفة ضد الفصائل المسلحة عبر المناطق النائية الشاسعة حيث لا تتمتع الحكومات المركزية سوى بنفوذ محدود.
وخسرت بوكو حرام مساحات من شمال شرق نيجيريا التي كانت تسيطر عليها منذ بضع سنوات، لكن ما زالت الجماعات المنشقة تلحق أضرارا جسيمة حول بحيرة تشاد.
في شرق أفريقيا، لا تزال حركة الشباب قوة فاعلة رغم جهود أكثر من 15 عاما لدحرها.