"الرعب النووي".. بوتين يعيد أشباح "خليج الخنازير" في أوكرانيا
في 23 أكتوبر عام 1962 تسلم الرئيس الأمريكي جون كنيدي رسالة من الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف، وكان فحواها أن العالم على شفا حرب نووية.
لكن القصة لم تبدأ في ذلك الصيف، إنما في ربيع 1961 حينما نصب كيندي رئيسا للولايات المتحدة وكانت الموافقة على خطة لغزو كوبا والإطاحة بالحكومة الشيوعية من أولى قراراته.
وبعد حصار اقتصادي فرضته الإدارة الأمريكية قررت المخابرات المركزية الأمريكية إنزال 1400 من المنفيين الكوبيين في خليج الخنازير على الساحل الجنوبي، وكان التوجيه الصادر إليهم قيادة انتفاضة مناوئة للزعيم الكوبي فيدال كاسترو وإسقاطه.
وفيما كانت الخطة تجري على قدم وساق عدل كيندي عن جانب منها؛ توفير غطاء جوي أمريكي للقوة الكوبية التي وجدت نفسها في مواجهة جيش كاستور.
وقاد هذا الإخفاق العالم للوقوف على هاوية حرب نووية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، القوتين النوويتين الأكبر في العالم.
ويثير الحديث عن إخفاق روسي مماثل في أوكرانيا بعد أربعة أيام من بدء الصراع الروسي الأوكراني فزعا مماثل باقتراب العالم من حرب نووية.
وتشير تقارير غربية إلى أن الجيش الروسي يواجه عقبات في عملياته ضد أوكرانيا، فيما كانت التوقعات ترجح عملية سريعة وحاسمة.
وفي ضوء هذا الإخفاق على ما يبدو، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأحد وضع قوة الردع الاستراتيجية النووية في حالة التأهب القصوى ليقف العالم مجددا على حافة حرب كان العالم قريب منها قبل 60 عاما.
شيء مماثل جرى في ستينيات القرن الماضي، حيث دفع فشل عملية "خليج الخنازير" إلى تعزيز مركز كاسترو الذي توصل لتفاهم مع موسكو يقضي بنشر صواريخ متوسطة المدى على أراضي بلاده لردع واشنطن.
وتخشى روسيا اليوم من أن تصبح أوكرانيا قاعدة أمريكية متقدمة وترفض بشدة انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
موقف مماثل كانت واشنطن تعاني منه حينما بدأ الاتحاد السوفيتي في إقامة قواعد صواريخ في كوبا.
إلا أنه في 14 أكتوبر/تشرين الأول عام 1962 وحينما كانت طائرة تجسس أمريكية تقوم بمهامها الروتينية فوق كوبا التقطت صورا تظهر بناء مواقع إطلاق الصواريخ السوفيتية.
وفيما كان خبراء الولايات المتحدة عاكفون على تقدير الوقت المتبقي لانتهاء الروس من بناء القاعدة كانت طائرة تجسس أخرى تكتشف الرعب القادم من البحر، 20 سفينة سوفيتية تحمل صواريخ نووية في المحيط الأطلسي متجهة إلى كوبا.
واليوم الأحد أخرج الرئيس الروسي بوتين أقوى أسلحته، الصاروخ توبول إم العابر للقارات أو المعروف بـ"الشيطان الشاب"، وسجلت مقاطع فيديو عربات إطلاق الصاروخ وهي تتحرك غرب البلاد إلى وجهة مجهولة.
وأمام الخطر السوفيتي عام 1962 لم يجد كنيدي حديث العهد بالسلطة والراغب في أن يظهر قوته كقائد لدولة عظمى إلا فرض حصار على كوبا لمنع وصول الصواريخ السوفيتية.
وفرض كيندي بالفعل حصارا بحريا على كوبا لمنع السفن السوفيتية المشتبه في حملها صواريخ نووية من الوصول إلى كوبا في 22 أكتوبر/تشرين الأول، أي عشية الرسالة التي وضعت العالم على شفير الهاوية.
وفي 23 أوكتوبر /تشرين الأول كانت رسالة خروتشوف على مكتب كنيدي تقول إن السفن السوفيتية لن تتوقف عند الحصار، لكنها ستشق طريقها.
وكتم العالم أنفاسه خلال ساعات حاسمة قبل ترصد طائرات التجسس الأمريكية أن السفن السوفيتية التي تحمل الصواريخ عادت أدراجها.
وأرسل خروتشوف بعد يومين من رسالته الأولى رسالة جديدة إلى واشنطن يتعهد فيها بإزالة مواقع إطلاق الصواريخ إذا وافقت الولايات المتحدة على رفع الحصار، ووعدت بعدم غزو كوبا، لتنتهي أزمة كادت أن تغير وجه التاريخ.
وعلى أثير الراديو أذاع الزعيم السوفيتي رسالة موجهة إلى الرئيس الأمريكي في 28 أكتوبر/تشرين الأول أعلن خلالها موافقته على إزالة جميع الصواريخ من كوبا وإعادتها إلى الاتحاد السوفيتي.
وكان الحادثة أول طريق قاد لإطلاق محادثات أدت في النهاية إلى معاهدة حظر التجارب عام 1963، والتي بدأت عملية إنهاء تجارب الأسلحة النووية.
وبينما يحبس العالم اليوم أنفاسه خشية انزلاق الأزمة لمواجهة نووية يتذكر العالم خليج الخنازير وأشباحه، على أمل أن تجد الأزمة نهاية مماثلة لسابقتها.
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز