بلومبرج: مقابلات الرئيس الروسي "لا تكشف عن أي شيء"
منذ تولي بوتين الرئاسة الروسية وكل ما يمكن أن يقوله متوقعا، ويمكن أن يكون أقصى طموح لمحاوره هو أي عبارة عن حياته الخاصة المحصنة.
لا يمكن الحكم على صحفي من خلال ما يطرحه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أسئلة، أو كيفية رده عليها.
ووفقا لمقال رأي نشرته صحيفة بلومبرج الأمريكية، قال كاتب المقال إنه لا يتذكر مقابلة واحدة على مدار 16 عاما، أجريت مع بوتين، وكشف فيها عن أي شيء عفويا أو تحت ضغط من المحاور.
وأضاف أن الانفعالات العامة للرئيس الروسي ربما تظهر أنه متفاعل مع المحاور، لكنه في الحقيقة لا ينخرط معه أو مع من يطرحون عليه أسئلة خلال المؤتمرات الصحفية أو الاتصالات الهاتفية أثناء البرامج الإذاعية أو التلفزيونية.
وتابع أنه لم يقم أبدا بإجراء مقابلة مع بوتين، على الرغم من لقائه به خلال ولايته الرئاسية الأولى، حيث كان محررا في إحدى الصحف الروسية آنذاك. لكن بقراءته ومشاهدته لعدد لا يحصى من المقابلات مع الرئيس الروسي، يعتقد أنه لا يمكن لأحد أن يقوم معه بأكثر من ما يقوم به الناخبون الروس فيما يتعلق بالأسئلة التي يطرحونها عليه.
عندما يتحدث بوتين مع محاورين محترفين، تكون إجابته بمثابة إشارات ورسائل إلى أشخاص غير موجودين معهم في الغرفة نفسها، على حد قول الكاتب.
أول مقابلات موسعة أجراها بوتين على الإطلاق كانت في عام 2000، قبل أن يتنخب رئيسا. كانت هذه المقابلات مع فريق مكون من 3 صحفيين روس؛ ناتاليا جيفوركيان وناتاليا تيماكوفا وأندريه كوليسنيكوف.
ونشرت هذه المقابلات في كتاب واستخدمه بوتين في حملته الرئاسية. وكان بوتين آنذاك قليل الخبرة مع الصحافة، وفقا لكاتب المقال، لذلك خرج جزء من شخصيته خلسة في هذه المقابلات. معتقدا أن هذا الكتاب جدير بالرجوع إليه لمعرفة جذور تصرفات بوتين.
كما لفت الكاتب إلى أنه في سبتمبر 2000؛ بعد نحو 6 شهور من تولي بوتين الرئاسة، واجه الرئيس أسئلة جريئة من المذيع الأمريكي، لاري كينج. تحدث بوتين فيها عن المعارضة الروسية لنظام الدفاع الأمريكي المضاد للصواريخ في أوروبا. والزلة الوحيدة التي وقع فيها، كما يعتقد كثيرون آنذاك، عندما سأله كينج عن ما حدث لـ كورسك؛ الغواصة الروسية التي غرقت بطاقمها في بحر بارنتس، وأجاب الرئيس الروسي بسخرية هادئة: "غرقت".
وفي أحدث مقابلات بوتين، مع مخرج الأفلام أوليفر ستون، والصحفية الأمريكية ميجين كيلي، لم يخجل الرئيس الروسي من إظهار مواقفه من المثلية الجنسية والكارهة للنساء. وأشار الكاتب إلى أن بوتين ألقى بعض النكات التي لا طعم لها في حواره مع ستون، وأصبحت محط اقتباس من قبل كثيرين على أساس أنها تكشف شيئا عن شخصية الرئيس. لكن بوتين لم يلقيها هباء، يعرف جيدا أنها ستصيب الغربيون المستنيرون بالضيق.
وفي كل مقابلة أجراها بوتين، يضيف الكاتب، يقوم بأداء محسوب جيدا أمام جمهور معين دون أية مشاعر، وادعاؤه دائما مدروس، وانحرافاته عن الحقائق يقصد بها المبالغة في الرسالة.
وفي حالة المحاورين الأجانب، يكون الجمهور هو الحكومات والمؤسسات السياسية لدولهم. ورسالة بوتين إلى الزعماء الأجانب لم تتغير منذ 17 عاما، حسب الكاتب: "روسيا قوة سيادية لديها مجموعة مصالح تاريخية ستطاردها مهما حدث؛ ولا يمكن للقوى الغربية أن يملوا على روسيا ما ينبغي عليها القيام به".
أما رسالة بوتين إلى المسؤولين المحليين والناخبين في المؤتمرات الصحفية والاتصالات الهاتفية فلم تتغير أيضا: "أسيطر على كل شيء، وسأتدخل في كل شيء يتعلق بالحكم، مهما كان صغيرا، نيابة عن الرعايا الموالين لي".
ومنذ تولي بوتين الرئاسة الروسية، وكل ما يمكن أن يقوله متوقعا، ويمكن أن يكون أقصى طموح لمحاوره هو أي عبارة جديدة تتضمن شيئا عن حياته الخاصة التي يبقيها سرا حصينا.
واختتم الكاتب مقاله بأنه على مدار 17 عاما، لم يتمكن أي محاور من النظر خلسة داخل "قشرة السلطعون"، على حد وصفه. لافتا إلى أن هناك درسا مهما جدا لفهم بوتين، وهو أن الأفعال أبلغ من الأقوال، وأن هذه الأفعال هي التي تحتاج إلى تفسير وتدقيق.
aXA6IDE4LjExOS4xMzkuNTAg
جزيرة ام اند امز