7 أشهر على الحرب.. ماذا حققت روسيا بالقوة والاستفتاء في أوكرانيا؟
منذ بداية الهجوم الأوكراني المضاد، لا يتوقف الحديث عن تقدم كييف، لكن هناك وجها آخر للعملة يتعلق بتحركات موسكو السياسية والعسكرية.
الهجوم الأوكراني المفاجئ والناجح بمنطقة خاركيف هذا الشهر، جعل القوات الروسية تسيطر على مساحات أقل من الأراضي مقارنة بالأشهر الأولى للحرب، بحسب تحليل أجرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية لبيانات حصرية من معهد دراسة الحرب.
وأظهر التحليل أن أول هجوم روسي كبير، والذي بدأ 24 فبراير/شباط الماضي، مكن موسكو من تأمين أو التقدم على خمس الأراضي الأوكرانية، أو حوالي 119 ألف كيلو متر (46 ألف ميل مربع) من إجمالي 603 آلاف و500 كيلو متر مربع تعتبرها أوكرانيا "محتلة مؤقتا".
ووجدت "سي إن إن" أنه بعد سبعة أشهر على شن الحرب، والتي اعتقد مسؤولون غربيون أنها ستنتهي خلال أيام باجتياح العاصمة كييف، تسيطر روسيا على مساحة من الأرض أقل بـ3 آلاف كيلومترات عما كانت عليه بأول خمسة أيام من الحرب.
"محاولة تأمين"
وفي خطوة لتأمين هذه المساحة التي تسيطر عليها موسكو، تحرك الكرملين، الجمعة، لضم أربع مناطق أوكرانية، تسيطر عليها موسكو جزئيا فقط، وتضاف إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا بشكل منفرد في عام 2014.
وخلال حفل حضره رؤساء الجمهوريتين المعلنتين حديثا دونيتسك ولوهانسك، وممثلا منطقتي زابوريجيا وخيرسون، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أربع اتفاقيات منفصلة للاعتراف بقبول الأراضي الجديدة في روسيا الاتحادية.
وقبل الإعلان، اعترف بوتين رسميا، بخيرسون وزابوريجيا دولتين مستقلتين، وفق شبكة "سي إن إن".
وفي نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، أجرت السلطات الموالية لروسيا على عجالة ما يسمى "استفتاءات" في أجزاء من المناطق الأربعة التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا: دونيتسك، ولوهانسك، وخيرسون، وزابوريجيا. ولا تزال أجزاء كبيرة من دونيتسك وزابوريجيا في أيدي الأوكرانيين.
وواجهت الاستفتاءات انتقادات واسعة النطاق من جانب أوكرانيا والمجتمع الدولي بوصفها "صورية وغير مشروعة". وحتى مع استمرار عملية الاستفتاءات، كانت القوات الأوكرانية تستعيد مزيدا من الأراضي في دونيتسك.
وبالرغم من أن استطلاعا للرأي أجرته "سي إن إن" قبل الحرب في فبراير/شباط أظهر أن لا منطقة من أوكرانيا كان بها أكثر من واحد من كل عشرة أشخاص دعموا اتحاد أوكرانيا مع روسيا، زعمت السلطات في تلك المناطق كما هو متوقع، الأربعاء، أن المقيمين وافقوا بأغلبية ساحقة على الانضمام إلى روسيا الاتحادية.
وللمرة الأولى في الصراع، أصبح الجيش الروسي في وضع غير مؤات – ويبدو أن هدفه المعلن بالسيطرة على دونيتسك ولوهانسك بأكملها أصبح بعيدا أكثر بعد التراجع غير المنظم من منطقة خاركيف المجاورة، وفقا للشبكة الأمريكية.
ويوم الجمعة، جدد الكرملين تأكيده على أن أي هجوم على الأراضي التي ضمها حديثا سيعتبر عملا عدائيا على روسيا. ويخشى حلفاء أوكرانيا أن الخطوة قد تخلق ذريعة لمرحلة جديدة وخطيرة في الحرب.
"مكاسب وخسائر"
ويوضح تحليل "سي إن إن" لبيانات معهد دراسة الحرب، ما قال إنه "نكسات" موسكو العسكرية التي ربما ساهمت في القرارات التي اتخذت في الكرملين هذا الأسبوع.
وخلال الشهر الأول للحرب، ضاعفت روسيا مساحة الأرض الواقعة تحت سيطرتها لأربعة أضعاف، مما يضيف إلى أرض القرم (التي ضمتها في 2014) وجمهوريتي لوهانسك ودونيتسك التي يسيطر عليها الانفصاليون، والتي أنشأت أيضًا في 2014.
وخلال الشهور التالية، عانى الجيش الروسي وحلفاؤه لتحقيق مكاسب ضخمة. وبين أول مايو/أيار ونهاية أغسطس/آب الماضيين، توقف صافي مكاسبه بين 200 و1400 كيلو متر مربع من الأراضي الأوكرانية في الشهر، بحسب التحليل.
وبحلول 26 سبتمبر/أيلول، بلغ إجمالي صافي مكاسب الأراضي منذ أول أبريل/نيسان، أكثر بقليل من ألف كيلو متر مربع؛ أي نصف حجم رود آيلاند، أصغر ولاية أمريكية، بحسب ما تظهره البيانات.
"أهمية كبيرة"
وفي سياق متصل، ذكرت مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية أن الخطاب الذي ألقاه بوتين، الجمعة، بشأن ضم الأراضي يحمل أهمية كبيرة تتجاوز متابعة الكرملين خطط الضم.
وأعلن الرئيس الروسي عن ضم مزيد من الأراضي الأوكرانية، وحدد الرؤية طويلة الأمد للمواجهة مع الغرب.
وقال بوتين خلال الخطاب الذي ألقاه بالكرملين، في احتفال لإضفاء الطابع الرسمي على ضم حوالي 15% من الأراضي الأوكرانية: "أجريت استفتاءات في جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين ومنطقتي زابوريجيا وخيرسون. وتم فرز نتائجها، والنتائج معروفة. الشعب اختار خيارا واضحا."
وأضاف: "وهذا، بالطبع، حقهم، حقهم غير القابل للمصادرة، والمنصوص عليه بالمادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتحدث صراحة عن مبدأ المساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير مصيرها".
ووفق المجلة، صور بوتين الاستفتاءات على أنها عمل من أعمال العدالة التاريخية، واصفا المناطق الشرقية والجنوبية الأوكرانية التي تم ضمها، وأشار إليها باسم نوفوروسيا أو "روسيا الجديدة"، وهو اسم يعود إلى الإمبراطورية الروسية، بأنها أراض شرعية تعود إلى "روسيا القديمة".
قراءة أمريكية
ووفق "ذا ناشيونال إنترست"، يجعل قرار بوتين بإضفاء طابع الرسمية على الضم، أي تصور قابل للتطبيق للتسوية الثنائية بين موسكو وكييف، صعبا للغاية.
ويحمل خطاب، الجمعة، أهمية كبيرة تتخطى خطط الضم التي يتابعها الكرملين، حيث أعاد بوتين التأكيد على عدم تراجع روسيا واستعدادها لمزيد من التصعيد في محاولتها لتغيير النظام العالمي الذي ساد منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، وفق قراءة "ذا ناشيونال إنترست".
المجلة الأمريكية قالت أيضا: "الخطاب يعتبر إلى حد كبير إدانة كاملة للعالم الغربي، حيث كرر مجموعة واسعة من المحن التاريخية التي تتراوح ما بين تجارة العبيد بالأطلسي ونهب أفريقيا، إلى الإبادة الجماعية للقبائل الهندية في أمريكا، وقصف هيروشيما وناجازاكي، وحرب فيتنام".
وتابعت: "يمثل الخطاب التتويج المنطقي للميول المناهضة للغرب والتي ظهرت لأول مرة في خطاب بوتين بمؤتمر ميونخ عام 2007، لكن خطاب أمس، قدم أيضًا رسالة جديدة: لم يفتح بوتين مسارا للمصالحة وأعلن بدلا من ذلك، عن صراع وجودي بين الحضارات".
وأنهت تقريرها قائلة "لم يكن هناك غموض في رسالة بوتين.. روسيا تقاتل ليس فقط من أجل ترسيم حدود الدولة في أوكرانيا، لكن من أجل قلب ما تعتبره نظاما عالميا إقصائيا وقمعيا يقوده الغرب".