معركة القصور والخطوط الحمراء.. ماذا بعد هجمات الكرملين؟
محاولة أوكرانية لنقل الصراع خارج الديار أم استباق روسي لهجوم كييف الربيعي؟ تساؤل طرح نفسه بعد إعلان الكرملين، إحباط هجوم بمسيرتين، زعم أنه كان يستهدف الرئيس فلاديمير بوتين.
هجوم جاء في أعقاب سلسلة من الهجمات التي استهدفت الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم، مما أطلق الكثير من التكهنات حول دور أوكرانيا في تلك الأحداث، وما إذا كان يمكن اعتبارها الرصاصة الأولى للهجوم الربيعي الذي تنوي شنه على القوات الروسية.
إلا أن تحليلات أخرى، ذهبت إلى أن روسيا تحاول إلصاق تلك الهجمات لأوكرانيا؛ أملا في انتزاع شرعية لهجماتها المتتالية على كييف، وأي خطوة قد تتخذها لحسم الحرب التي بلغت من العمر 14 شهرًا، دون حسم أو مبادرة سلام.
فماذا قالت روسيا عن تلك المحاولة؟
أعلنت روسيا الأربعاء أنها أسقطت طائرتين مسيّرتين استهدفتا الكرملين في ما وصفته بمحاولة "إرهابية" لاغتيال الرئيس فلاديمير بوتين، قائلة في بيان: "استهدفت مسيّرتان الكرملين... تم تعطيل الجهازين" واصفة العملية بأنها "عمل إرهابي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الاتحادية".
وفيما قالت إن الهجوم جرى ليل الثلاثاء الأربعاء، أكدت أن حُطام المسيّرتين سقط داخل الكرملين لكن لم يصب أحد.
وقال المتحدث باسم الرئاسة ديمتري بيسكوف إن بوتين كان يعمل في مقر إقامته قرب موسكو الأربعاء، مؤكدا أنه سيشارك في استعراض يوم النصر في الحرب العالمية الثانية في الساحة الحمراء الأسبوع المقبل كما هو مقرر.
وأعلن رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين حظر تحليق الطائرات المسيّرة غير المصرح بها في أجواء العاصمة الروسية، قائلا إن تحليق المسيّرات محظور ما لم يتم الحصول على تصريح خاص من "السلطات الحكومية".
هل تورطت أوكرانيا؟
ورغم أن الهجوم يأتي في وقت أعلنت فيه كييف أنّ استعداداتها لشنّ هجوم واسع النطاق لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق وجنوب البلد "تقترب من نهايتها"، إلا أن الرئاسة الأوكرانية نفت أي علاقة لها بالحادث.
وقال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي في تصريح للصحافيين: "بالتأكيد، لا علاقة لأوكرانيا بهجمات المسيرات على الكرملين".
وأضاف بودولياك: "ينبغي فقط اعتبار هذه التصريحات التي أطلقتها روسيا محاولة لإعداد ظروف" يمكن استخدامها ذريعة "بهدف شن هجوم إرهابي واسع النطاق في أوكرانيا".
ورأى المسؤول الأوكراني أن هجوما مماثلا في حال كانت كييف من نفذه "لن يعالج أي مشكلة عسكرية"، مع استمرار موسكو في السيطرة على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية.
وتابع المستشار الرئاسي: "على العكس، هذا الأمر سيشجع روسيا على أعمال أكثر تطرفا بحق سكاننا المدنيين"، معتبرًا أن لدى موسكو "خشية كبيرة من بدء هجمات أوكرانيا على طول خط الجبهة، وتحاول في شكل ما أن تأخذ المبادرة وتحول الانتباه".
وفي مؤشرات إلى تكثيف الاستعدادات لهجوم أوكراني مضاد، أعلنت مدينة خيرسون الواقعة على خط المواجهة في جنوب أوكرانيا فرض حظر تجول.
وقال رئيس الإدارة العسكرية الأوكرانية في خيرسون أولكسندر بروكودين على تلغرام: "اعتبارا من الساعة 20,00 (17,00 ت غ) في الخامس من مايو/أيار الجاري، سيفرض حظر تجول في خيرسون وسيستمر حتى الساعة 06,00 صباحا (03,00 ت غ) في الثامن من الشهر نفسه".
وأضاف: "خلال هذه الساعات ال58ـ، سيمنع التنقل في شوارع المدينة. كما سيمنع الخروج من خيرسون والدخول إليها"، وبرّر "هذه القيود الموقتة" بـ"ضرورة" تمكّن "قوات الأمن من القيام بعملها" بدون إعطاء مزيد من التفاصيل.
سلسلة هجمات
وقبل إسقاط المسيّرتين فوق الكرملين، التهمت النيران في روسيا ليل الثلاثاء الأربعاء مستودع محروقات في قرية فولنا الروسية بمنطقة كراسنودارسكي قرب شبه جزيرة القرم.
وقال فينامين كوندراتييف حاكم منطقة كراسنودارسكي كراي حيث تقع القرية إنّ "النيران اشتعلت في خزّان يحتوي على منتجات نفطية في قرية فولنا في منطقة تمريوكسكي. لقد كان الحريق على درجة عالية من الخطورة"، مضيفًا: "بحسب المعلومات الأولية، لم يسقط قتلى أو جرحى" من جراء الحريق.
فيما وكالة "تاس" للأنباء عن مصدر في أجهزة الإنقاذ قوله إن الحريق سببه "سقوط طائرة مسيّرة"، وأظهرت صور نشرها على تلغرام المدوّن المؤيّد لروسيا كيريل فيدوروف وأكّد أنّها لحريق مستودع الوقود في فولنا، ألسنة لهب وعموداً كثيفاً من الدخان يتصاعد فوق خزّان كبير.
وفي الأيام الأخيرة، تعرّضت روسيا وشبه جزيرة القرم لسلسلة هجمات لم تعلن كييف مسؤوليتها عنها؛ فخلال أربعة أيام، أدّى انفجار عبوّتين ناسفتين إلى إخراج قطاري شحن عن مسارهما قرب الحدود الأوكرانية، كما تضرّر خط للتوتر العالي، فيما تسبّب هجوم بطائرة مسيّرة في اندلاع حريق هائل في مستودع للنفط في القرم.
هل هناك خطر على بوتين؟
يتمتع بوتين بحماية شخصية عالية للغاية، ويقول ستيف روزنبرغ، محرر روسيا في «بي بي سي»، إنه من المدهش أن نعتقد أن الطائرات بدون طيار يمكن أن تقترب من أي مكان بالقرب من الكرملين.
وتقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إن روسيا زادت من دفاعاتها الجوية بشكل كبير في موسكو وحول قصور بوتين ومساكنه.
ماذا بعد؟
طالب رئيس البرلمان الروسي، فياتشيسلاف فولودين، باستخدام "أسلحة قادرة على وقف وتدمير نظام كييف الإرهابي" ردًا على الهجوم الأوكراني المزعوم.
وفي بيان نُشر على "تلغرام"، قال فولودين إن على روسيا ألا تتفاوض مع زيلينسكي بعد الهجوم المزعوم. كانت روسيا قد قالت في السابق إنها منفتحة على المفاوضات، بينما أوضحت أنها لن تدخل المحادثات إلا بشروطها الخاصة.
وأعرب المحللون الروس المؤيدون للعملية العسكرية التي تشنها موسكو في أوكرانيا، عن صدمتهم من أن الطائرات المسيرة يمكن أن تخترق الدفاعات في الكرملين، الذي يعد الحصن الأكثر أمانًا في روسيا.
ودعا ألكسندر كوتس المراسل الروسي المؤيد للعملية العسكرية إلى الانتقام من القيادة الأوكرانية، قائلا: "يجب تدميرهم (..) لا يجب أن نضرب المراكز، بل الناس الذين يتخذون القرارات. بطريقة منهجية وبلا رحمة (..) العدو يفعل ذلك بشكل منهجي على أراضينا».
معركة القصور
وقال العقيد المتقاعد والخبير العسكري أناتولي ماتفيتشوك إن المحاولة المزعومة لاغتيال بوتين ستؤدي إلى رد روسي هائل، قائلا: أعتقد أننا سنضرب مركز صنع القرار في أوكرانيا مثل القصر الرئاسي في كييف".
وزعم أن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا ستوافقان على غارة الطائرات بدون طيار على الكرملين، قائلا: "أعتقد أن هذا الهجوم قد تم بناءً على نصيحة من أصدقائنا الأنجلو ساكسونيين لاختبار رد فعل حكومتنا".
الخبير العسكري الروسي قال: كيف سنتصرف؟ لننتظر بضع ساعات أخرى ... إما أن يكون هناك بيان سياسي أو ستكون هناك أفعال من قبل مقاتلينا. لقد تجاوزت القوات المسلحة لأوكرانيا الخط الأحمر حتى الخط القرمزي"، بحسب "ديلي ميل".
وقال المراسل المؤيد للعملية العسكرية الروسية سيرغي كارنوخوف، إن طائرات الناتو كانت نشطة فوق البحر الأسود في أعقاب "الضربة الأوكرانية بطائرة بدون طيار" على الكرملين.
وتقول الصحيفة البريطانية، إن الغضب الروسي يأتي رغم محاولة القوات الخاصة لبوتين "اغتيال الرئيس الأوكراني زيلينسكي في الأيام الأولى من العملية العسكرية".
ونقلت "ديلي ميل"، عن رئيس قوات "فاغنر" الروسية إن "الهجوم المضاد الأوكراني قد بدأ. كان هناك أعلى نشاط للطيران الأوكراني".
aXA6IDMuMTIuMTIzLjQxIA== جزيرة ام اند امز