الكرملين يتدخل.. حرب الجواسيس بين الغرب وروسيا تصل محطة "الآيفون"
"انتهى الأمر بالنسبة لهواتف الآيفون.. ارموها بعيدا أو اعطوها لأطفالكم"، أوامر رئاسية روسية وجهت إلى مسؤولين، وسط اشتعال حرب الجواسيس بين روسيا والغرب، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية.
"فعلى الجميع تغيير هواتفهم في مارس/آذار الجاري" كانت فحوى أوامر أصدرها الكرملين للمسؤولين الضالعين في الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الروسية المقررة العام المقبل، في ضوء مخاوف بأن وكالات المخابرات الغربية يمكنها اختراق هذه الأجهزة.
ونقلت صحيفة "كومرسانت" الروسية اليوم الإثنين عن مصادر لم تذكرها قولها، إن النائب الأول لرئيس الإدارة الرئاسية سيرغي كيرينكو أمر خلال ندوة نظمها الكرملين للمسؤولين الضالعين في السياسة الداخلية، المسؤولين بتغيير هواتفهم بحلول أول أبريل/نيسان المقبل.
أوامر رئاسية
ونقلت الصحيفة عن أحد المشاركين في الاجتماع، قوله: "انتهى الأمر بالنسبة لهواتف الآيفون. ارموها بعيدا أو اعطوها لأطفالكم، على الجميع تغيير هواتفهم في مارس/آذار الجاري".
وبسؤاله عن الأمر الصادر اليوم الإثنين، لم يتسن للمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف تأكيد التقرير، قائلا للصحفيين: "يجب ألا تُستخدم الهواتف الذكية في المعاملات الرسمية.. إن أي هاتف ذكي يكون مزودا بآلية شفافة إلى حد ما بغض النظر عن نظام تشغيله، سواء كان أندرويد أم آي.أو.إس. وبطبيعة الحال لا تُستخدم في الأغراض الرسمية".
ولم ترد أبل المنتجة لهواتف الآيفون حتى الآن على طلب تعليق، فيما قالت "كومرسانت" إن الكرملين قد يوفر أجهزة بأنظمة تشغيل مختلفة لتحل محل هواتف الآيفون، وأضافت أن أوامر الكف عن استخدام الآيفون موجهة لمن يعملون في السياسة الخارجية تحت إمرة كيرينكو.
وقال الرئيس فلاديمير بوتين كثيرا إنه لا يستخدم الهواتف الذكية، لكن بيكسوف قال إن بوتين يستخدم الإنترنت بالفعل من حين لآخر.
وبعد فترة وجيزة من إرسالها قوات إلى أوكرانيا العام الماضي، قال جواسيس بريطانيون وأمريكيون إنهم أصحاب السبق لكشفهم معلومات تفيد بأن بوتين يخطط للعملية العسكرية الروسية، فيما لم يعرف بعد كيف حصل الجواسيس على تلك المعلومات.
حرب الجواسيس
واشتد صراع التجسس المستمر منذ عقود بين روسيا والغرب منذ حرب أوكرانيا، والتي امتدت إلى بولندا التي تعد من أقوى حلفاء أوكرانيا.
واعتقلت قوات بولندا الأمنية عدة أشخاص للاشتباه في تجسسهم لصالح روسيا، كان آخرهم الشهر الماضي، بعد أن اتهم المدعون مواطنا روسيا يقيم منذ فترة طويلة في بولندا بالتجسس لصالح روسيا بين عامي 2015 و2022.
ويُزعم أن الرجل، الذي كان يدير شركة في بولندا، متورط مع مجموعات إعادة الإعمار التاريخية، حيث أجرى اتصالات مع أفراد الجيش البولندي.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إنه على مدار العام الماضي، بينما كثفت الحكومات الغربية شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية ضد موسكو، شنت أجهزة الأمن الأمريكية والأوروبية حملة موازية، وإن كانت أقل وضوحا لشل شبكات التجسس الروسية.
وحذر مسؤولو الأمن الأمريكيون والأوروبيون من أن روسيا تحتفظ بقدرات كبيرة، لكنهم زعموا أن وكالات التجسس التابعة لها تعرضت لأضرار أكبر خلال العام الماضي أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة.
وقال المسؤولون إن حجم الحملة يبدو وكأنه فاجأ روسيا على حين غرة، مما أضعف قدرتها على تنفيذ عمليات التأثير في أوروبا، أو البقاء على اتصال مع المخبرين أو تقديم رؤى إلى الكرملين بشأن القضايا الرئيسية، بما في ذلك المدى الذي وصل إليه القادة الغربيون.
جهود غربية
من جانبه، قال مدير جهاز الاستخبارات الأجنبية الفنلندي أنتي بيلتاري "العالم مختلف تمامًا بالنسبة للخدمات الروسية الآن"، مشيرا إلى أنه بسبب عمليات الطرد والاعتقالات اللاحقة والبيئة الأكثر عدائية في أوروبا، "تدهورت قدراتهم بشكل كبير".
وزعم بيلتاري ومسؤولون أوروبيون آخرون أن روسيا سعت إلى تعويض خسائرها من خلال الاعتماد بشكل أكبر على التجسس الإلكتروني، مؤكدين أن موسكو حاولت أيضا الاستفادة من المعابر الحدودية وتدفق اللاجئين لنشر جواسيس جدد وتجديد صفوفها المنهوبة.
لكن المسؤولين قالوا إن هؤلاء الوافدين الجدد سيكونون بدون حماية ومزايا العمل من السفارات الروسية، وقد يفتقرون إلى الخبرة والمصادر والتدريب لأولئك الذين تم إعلانهم كأشخاص غير مرغوب فيهم.