الكرملين.. أيقونة الثقافة الروسية "المهيبة" ومركز الحكم
"لا شيء أعلى من موسكو إلا الكرملين، ولا شيء أعلى من الكرملين إلا السماء".. كلمات مأثورة في روسيا تكشف مكانة القلعة الضخمة في نفوسهم يتباهون بها كمحور لتاريخ بلادهم.
فعلى مر العصور، يعد قصر الكرملين أكثر من مجرد مكان لإقامة الحكام، فهو أيقونة للثقافة الروسية ومركز للسلطة ومحور التاريخ القابع في أعالي تل بوروفيتسكي فوق نهر موسكو.
أبراج سور الكرملين تطل على نهر موسكفا، والقباب الذهبية للكنائس تتلألأ، والساحة الحمراء تمتد أمامه، حيث يمثل مدينة بأكملها داخل العاصمة موسكو، وفيه عاش الأمراء والقياصرة لكنه بات اليوم المقر الرسمي لرئيس البلاد.
لكن هذه الأيقونة الروسية "المهيبة"، تعرضت لهجوم بمسيّرتين أطلقتهما أوكرانيا، اليوم الأربعاء، واتهمت موسكو كييف بمحاولة اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين، واصفة العملية بأنها "عمل إرهابي مخطط له ومحاولة لاغتيال رئيس روسيا الاتحادية".
الكرملين أكد أن "بوتين لم يصب بأذى، ولم يتغير جدول أعماله، ويستمر كالمعتاد"، مشددا على "احتفاظ روسي بالحق في اتخاذ إجراءات انتقامية أينما وكيفما تراه مناسبا".
تاريخ الكرملين
كلمة الكرملين تعني باللغة الروسية "الحصن" أو "القلعة"، وباتت تطلق على القصر والمباني المحيطة به، وترمز حاليا في وسائل الإعلام إلى الحكومة الروسية أو الرئاسة.
ويصف الروس "قلعة موسكو" بأنها "المدينة" التي تنامت في وقت لاحق، واستقر المزيد من الناس خارج سورها لكبر حجمها.
ويرجع تاريخ الكرملين إلى عهد أول سكان موسكو، حين وجه مؤسسها الأمير يوري دولغوروكي ببناء أول حصن خشبي في عام 1156 غير أن كلمة الكرملين عرفت أول مرة فقط بالقرن الـ14.
وفي أواخر القرن الـ15، جرى بناء الكرملين بصورته الحالية، حيث رغب أمير موسكو إيفان العظيم في بناء عاصمة تعادل القسطنطينية في الأهمية، وأطلق على حلمه اسم "روما الثالثة" وجلب معماريين متخصصين من إيطاليا.
غير أنه في مطلع القرن الثامن عشر، تم نقل العاصمة إلى مدينة سانت بطرسبرغ ، ولم يعد القصر المشيد مقرًا للحكم.
قبل أن ينقل البلاشفة العاصمة مرة ثانية إلى موسكو واستقروا على أراضي الكرملين، وعاش فيها لينين وستالين وبعض أعضاء الحكومة السوفياتية.
وبينما يعيش رئيس أمريكا في البيت الأبيض لا يعيش رئيس روسيا في الكرملين.
الموقع
يقع في قلب العاصمة موسكو على تلة مرتفعة "بوروفيتسكي"، ويطل على كاتدرائية القديس باسيل والميدان الأحمر من الشرق، ونهر موسكفا من الجنوب وحديقة ألكسندر من الغرب، ويحاط بسور ضخم طوله نحو ميلين ونصف الميل وارتفاعه نحو 25 مترا.
ويمتد على حوالي 68 فدانا، ويشمل ما لا يقل عن 15 مبنى، و20 برجًا، وحدائق.
وفي الماضي، بني الكرملين على أرض كانت عبارة عن غابات من الصنوبر الكثيفة.
وجرى تشييد أول قلعة كرملين في مدينة موسكو بالقرن الـ12، وكانت تتكون من سياج خشبي طويل يستهدف حماية المدينة من هجمات الأعداء غير أنه احترق خلال هجمات قوات التتار-المغول.
وفي القرن الـ14، أعيد بناء الكرملين بالحجارة البيضاء، بالإضافة إلى العديد من المساكن الدوقية، وشملت جدرانه عدة أديرة وكاتدرائيات.
ولم يسلم الكرملين من اجتياح نابليون بونابرت موسكو عام 1812، حيث أمر الإمبراطور الفرنسي بهدم عدة معالم تاريخية.
وشهدت الحقبة السوفيتية عمليات بناء مكثفة داخل الكرملين، حييث جرى هدم العديد من الكاتدرائيات والأديرة لتمهيد الطريق أمام العمارة بالشكل الجديد.
وفي مطلع القرن الـ19، بدأت مظاهر الحياة الحديثة تزحف إلى المباني العتيقة في الكرملين، حيث وجه نيكولاي الأول بإنشاء مجمع حديث للقصور المشيدة على النمط الروسي وضمها إلى الكرملين، وإنشاء فندق، ومتحف للأسلحة.
جرس القيصر
وفي عام 1935، بدأ يبزغ رمز النجوم الروسية فوق القلعة الضخمة، وتم تفكيك النسور الأربعة التي كانت منصوبة على أبراج القصر، لتحل مكانها النجوم الخماسية الحمراء المصنوعة من الياقوت وبتقنية تجعلها مضيئة.
وفي عام 1955، جرى فتح الكرملين الذي لطالما كان يتمتع بصفة القلعة العسكرية أبوابه أمام العالم وأعيد تصنيفه كمتحف مفتوح، وفي وعام 1990، أدرجت منظمة اليونسكو الكرملين كأحد المعالم الأثرية للتراث الثقافي.
ويحتوي الكرملين على أكبر جرس في العالم (جرس القيصر) الذي لم يعمل أبدا حيث إنه كسر خلال أعمال التشييد، كما يضم أيضا أكبر مدفع.
فيما كان لافتا وجود برجين من الأبراج العشرين الموجودة بالكرملين لم يطلق عليهما أسماء رسمية، ويعرفان بـ"بدون اسم 1" و"بدون اسم 2".
تأمين الكرملين
يقوم بهذه المهمة "فوج الكرملين" الذي يعرف أيضا بـ "الفوج الرئاسي" وهو كتيبة عسكرية مميزة تعمل كجزء من خدمة الحماية الفيدرالية الروسية ولها صفة وحدة خاصة، وتعمل على ضمان أمن الكرملين، وكنوزه، ومسؤولي الدولة.
وبحسب القانون الفيدرالي الصادر في 8 ديسمبر/كانون الأول 1997 لتخليد الانتصار السوفياتي في الحرب الوطنية العظمى بالفترة من 1941 إلى 1945، يحتفظ الفوج بحرس الشرف عند الشعلة الخالدة لقبر الجندي المجهول. ويوجد الفوج في ترسانة الكرملين التاريخية.
aXA6IDMuMTM4LjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز