أي مستقبل ينتظر شويغو بعد تمرد "فاغنر".. هل يطيح بوتين بصديقه المقرب؟
تشاركا عطلات الصيد معا، ولعبا في نفس فريق هوكي الجليد، إلا أن السياسة التي لا تعرف الصداقة الدائمة، يبدو أنها ستضع نهاية لعلاقة دامت عقودًا بين الرئيس الروسي ووزير دفاعه.
فوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي خدم لفترة طويلة، كان ينظر إليه ليس فقط كحليف سياسي للرئيس فلاديمير بوتين، لكن كأحد أصدقاء رئيس الكرملين القلائل داخل النخبة الروسية.
لكن علاقتهما ومسيرتهما السياسية التي امتدت لعقود من الزمن تواجهان الآن أكبر اختبار لهما بعد تمرد رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، الذي انتقد طريقة أداء وزير الدفاع وتعاطيه مع العملية العسكرية في أوكرانيا.
وتقول صحيفة "ذا موسكو تايمز"، إن بوتين نجا -حتى الآن- من تمرد رئيس "فاغنر" بعد وساطة مفاجئة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، إلا أن موقف شويغو لا يزال محفوفًا بالمخاطر بسبب الانتقادات غير المسبوقة التي ساقها يفغيني بريغوجين ضده وضد وزارته.
وبحسب الصحيفة الروسية، فإن يفغيني بريغوجين كان قد نجح في السيطرة على مقر القيادة الجنوبية للجيش الروسي في مدينة روستوف أون دون، التي تعد المركز العصبي للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، متهمًا شويغو بالفرار "مثل الجبان"، وتعهد بـ"إيقافه".
لم يكن وزير الدفاع في أي مكان في ذلك الوقت، وقد اختفى تمامًا عن الأنظار، إلا أنه عاود الظهور اليوم الإثنين، ولأول مرة منذ تمرد "فاغنر"، خلال تفقده مركز قيادة مجموعة القوات الغربية المشاركة في العملية العسكرية بأوكرانيا، بحسب مقطع نشرته وزارة الدفاع الروسية.
وتظهر المشاهد التي وفرتها وزارة الدفاع وبثتها محطة "روسيا 24"، شويغو الذي كان هدفا لانتقادات لاذعة جدا من جانب قائد فاغنر يفغيني بريغوجين، وهو يتفقد مركز قيادة للقوات الروسية في أوكرانيا و"يعقد اجتماعا مع مسؤولي" إحدى الوحدات.
وأوضحت وزارة الدفاع في بيان أن الوزير شدد خلال هذا الاجتماع خصوصا "على الفاعلية الكبيرة لرصد وتدمير" أسلحة وجنود "العدو".
وفي اللقطات التي بثها التلفزيون، يظهر شويغو مصغيا بهدوء إلى تقرير عرضه الجنرال يفغيني نيكيفوروف قائد التجمع العسكري زاباد أي الغرب، في منطقة العمليات الروسية في أوكرانيا ويتطلع على خرائط ويقوم بجولة في مروحية لتفقد المواقع الروسية.
وكان رئيس "فاغنر" قد اتهم في وقت سابق شويغو والجنرال الروسي الكبير فاليري جيراسيموف، بالمسؤولية عن مقتل "عشرات الآلاف من الروس" في الصراع و "تسليم الأراضي للعدو".
الخاسر الأكبر
ونقلت الصحيفة الروسية، عن أرنو دوبيان، مدير المرصد الفرنسي الروسي، قله إن "الفائز الأكبر في هذه الليلة كان لوكاشينكو، فيما شويغو الخاسر الأكبر".
لكن حتى قبل اندلاع تمرد فاغنر ليلة الجمعة، كان شويغو تحت ضغط هائل بسبب هجمات يفغيني بريغوجين المتكررة عليه، وفشل القوات المسلحة الروسية في إحراز تقدم على صعيد العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وفي 12 يونيو/حزيران الجاري، نشر مقطع فيديو على نطاق واسع، أظهر حضور بوتين وشويغو حفلا لتوزيع ميداليات في مستشفى عسكري، إلا أن الرئيس الروسي كان يدير ظهره لوزير الدفاع "في ازدراء واضح"، بحسب الصحيفة الروسية.
وكان لشويغو مسيرة سياسية طويلة الأمد لا مثيل لها في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي؛ فوجوده في مركز السلطة في موسكو يسبق وجود بوتين نفسه.
رحلة صعود
وشويغو، المنحدر من منطقة توفا في جنوب سيبيريا، هو من بين عدد قليل من الروس غير العرقيين الذين شغلوا منصبًا رفيعًا في الحكومة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
بدأ رحلة صعوده السياسية عام 1994، عندما عُين وزيراً لحالات الطوارئ في السنوات الأولى لرئاسة بوريس يلتسين، بحسب "ذا موسكو تايمز"، التي قالت إن شويغو الذي أصبح مألوفاً بالنسبة للروس، بات أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد، نظرًا لدوره في التعامل مع الكوارث التي تقع في جميع أنحاء البلاد، من حوادث الطائرات إلى الزلازل.
وخدم شويغو تحت رئاسة 12 رئيسًا للوزراء، وظل وزيرًا لحالات الطوارئ المنصب حتى عام 2012، عندما عُين حاكماً لمنطقة موسكو، قبل أن يعينه بوتين وزيراً للدفاع في نفس العام، بعد فضيحة فساد أسقطت سلفه أناتولي سيرديوكوف.
حافة الانهيار
وعلى الرغم من عدم وجود خبرة عسكرية كافية، أصدر بوتين أمرًا بترقية شويغو إلى رتبة لواء؛ لإشرافه بنجاح على العمليات العسكرية عام 2015، بما في ذلك في سوريا.
وفي عيد ميلاده الخامس والستين، أعد بوتين هدية خاصة لصديقه، فمنحه وسام "الاستحقاق للوطن" الذي يعد واحدًا من أرفع الأوسمة الروسية، ليضيفها إلى صندوق مليء بالأوسمة.
لكن العملية العسكرية الروسية التي لم تحقق أهدافها كاملة، والتي كان "الكرملين" يُمنِّي النفس بدخول الدبابات الروسية إلى العاصمة الأوكرانية كييف، أثارت باستمرار تساؤلات حول مستقبله.
ويقول بيير رازو، المدير الأكاديمي لمؤسسة الدراسات الاستراتيجية المتوسطية (FMES) ومقرها فرنسا: "أراد يفغيني بريغوجين إرسال رسالة مفادها أنه يجب طرد شويغو وجيراسيموف لأنهما غير أكفاء، بالإضافة إلى أن هناك حاجة لتغيير الاستراتيجية".
وبحسب الصحيفة الروسية، فإن قنوات "تلغرام" الناطقة بالروسية أثارت مؤخرًا تكهنات حول من يمكن أن يخلف شويغو، مشيرة إلى أن اسم أليكسي دومين حاكم منطقة تولا، والذي تولى مناصب عليا في الجيش والأمن الرئاسي، بدأ يُتداول مؤخرًا على أنه المرشح المفضل.
وقالت قناة "بريمنيك" على "تلغرام": "مجموعة شويغو على وشك الانهيار، وشويغو نفسه سيستقيل على الأرجح".
الرؤية نفسها، أشار إليها مركز "رؤى لدراسات الحرب"، قائلا إن الخبراء يجمعون على أن أليكسي دومين سيصبح وزيرًا للدفاع، وسيصبح الجنرال سوروفيكين رئيسًا لهيئة الأركان العامة، لكن هذا لن يحدث على الفور، حتى لا يكون هناك ربط بأن شويغو وجيراسيموف قد أزيلا بناءً على طلب المتمردين.
aXA6IDMuMTQ1LjE2My4xMzgg جزيرة ام اند امز