بعد مكالمة ترامب.. بوتين يحقق «الاختراق الأكبر» في حرب أوكرانيا
![ترامب وبوتين- صورة أرشيفية](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/14/162-010310-putin-trump-call-ukraine-russia_700x400.jpg)
بعد مكالمته مع نظيره الأمريكي، شعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الزخم تحول لصالحه، وأن واشنطن قد تساعده في تحقيق أهدافه.
وحقق بوتين الأربعاء أكبر اختراق دبلوماسي له حتى الآن خلال حرب أوكرانيا المستمرة منذ ثلاث سنوات. فخلال اتصال هاتفي استمر 90 دقيقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شعر الرئيس الروسي بأن رؤيته التي طال انتظارها بدأت تتشكل، حيث باتت قوتان عظميان تحددان مصير أوكرانيا.
- قبل أي مفاوضات مع بوتين.. هذا ما يريده زيلينسكي من ترامب
- ترامب يكشف مكان لقائه بوتين.. وهذا رأيه في انضمام أوكرانيا للناتو
ورغم النكسات والخسائر التي تعرضت لها روسيا في بداية الحرب، والضغوط الاقتصادية المتزايدة، فإن بوتين سيشعر بأن الزخم تحول بقوة لصالحه، مع تنامي الآمال في موسكو بأن إدارة ترامب قد تساعد في تحقيق أهداف الكرملين، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر روسي قوله: «كانت المكالمة المباشرة مع ترامب هي بالضبط ما كان ينتظره بوتين»، مضيفًا: «إنها مجرد بداية للمفاوضات، لكن بوتين فاز بالجولة الأولى».
وفي إشارة إلى انتخاب ترامب ونظرة إدارته المختلفة جذريًا للسياسة الخارجية، قال المصدر: «لقد ظل بوتين صبورًا ولم ينحنِ... وانتظر أن يتغير العالم من حوله».
تحولات في المشهد السياسي
جاءت مكالمة الزعيمين بعد ساعات فقط من إبلاغ وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث المسؤولين في بروكسل بأن أوكرانيا ستحتاج إلى التخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «ناتو» وقبول الخسائر الإقليمية، وهو ما يعني الاستسلام لبعض مطالب روسيا حتى قبل بدء المفاوضات.
ومن المحتمل أن تنظر موسكو إلى هذه الأحداث باعتبارها تتويجًا لمبادرات بوتين الدبلوماسية التي استمرت شهورًا تجاه ترامب، والتي أشاد خلالها الرئيس الروسي بشجاعة الزعيم الأمريكي، كما ردد بعض رواياته المفضلة مثل الادعاء بسرقة انتخابات 2020 من ترامب.
وقال المصدر الروسي: «الآن، ينصب تركيز بوتين الرئيسي على ترامب ومن لهم صلة به»، مضيفًا: «خطوته التالية هي تأمين اجتماع مغلق مع ترامب، حيث يمكنه الضغط من أجل قضيته»، مشيرًا إلى احتمال عقد قمة روسية أمريكية قريبًا في السعودية.
تفاؤل روسي وآمال
وصباح الخميس، كان المزاج في الدوائر السياسية الروسية متفائلًا، وأشار العديد من المراقبين المؤيدين للكرملين إلى توقيت المكالمة التي جاءت قبل الحديث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال سيرغي ماركوف، المعلق الروسي الشهير: «لقد حث زيلينسكي ترامب دائمًا على التحدث معه أولًا قبل التعامل مع بوتين... لكن ترامب فعل العكس تمامًا».
كما احتفل الكثيرون أيضًا بدعوة بوتين لترامب لزيارة موسكو، والتي أشار الكرملين لاحقًا إلى أنها كانت لحضور عرض يوم النصر في 9 مايو/أيار المقبل.
ولم يعد مستبعدًا أن يجلس زعيم أمريكي بجانب بوتين في الساحة الحمراء لمشاهدة الجنود الروس الذين قاتلوا في أوكرانيا خلال أعظم عرض للقوة في موسكو. وإذا حدث ذلك، فسيكون بمثابة ضربة مدمرة لجهود الغرب على مدار ثلاث سنوات لعزل الرئيس الروسي دبلوماسيًا.
واعتبر ألكسندر بونوف، المحلل السياسي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن الوعد بتبادل الزيارات يعد انتصارًا لبوتين.
استبعاد أوروبا من المعادلة
سارع المسؤولون الروس إلى تسليط الضوء على استبعاد أوروبا من محادثات السلام. وقال الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف: «أوروبا العانس الباردة مجنونة بالغيرة والغضب... لقد تم إظهار مكانها الحقيقي؛ لقد انتهى وقتها».
واعتبر مقدم البرامج التلفزيونية الحكومية يفغيني بوبوف أن ترامب كان يقوم بعمل موسكو من خلال تمزيق العالم الغربي، قائلًا: «أردنا أن نقطع العالم الغربي إلى قطع باستخدام المنشار، لكنه قرر أن يقطعه بنفسه».
تأثيرات اقتصادية محتملة
وفي إشارة إلى تفاؤل مجتمع الأعمال الروسي، ارتفعت بورصة موسكو بأكثر من 6% يوم الخميس، في حين ارتفع الروبل إلى أقوى مستوياته منذ الصيف. ومع ذلك، يعتقد المراقبون في موسكو وخارجها أن المفاوضات قد تكون طويلة ومحفوفة بعدم اليقين.
وفي بيانه عقب الاتصال، تبنى الكرملين لهجة رصينة، قائلًا إن بوتين «ذكر الحاجة إلى القضاء على الأسباب الجذرية للصراع»، وهو ما يشير إلى أنه من المرجح أن يدفع الرئيس الروسي باتجاه سيطرة إقليمية أكبر في أوكرانيا تتجاوز ما تسيطر عليه روسيا الآن، فضلًا عن المطالبة بتغيير النظام في كييف.
ويعتقد قليلون أن بوتين سيوافق على اقتراح وزير الدفاع الأمريكي نشر عشرات الآلاف من قوات حفظ السلام الأوروبية على حدود روسيا.
وقالت تاتيانا ستانوفايا، المحللة السياسية الروسية البارزة: «تختلف مواقف الأطراف بشكل كبير، وفي هذه اللحظة تبدو غير متوافقة». وأضافت: «بالنسبة لبوتين، فإن الحل الحقيقي يعني أوكرانيا الصديقة لروسيا، المحرومة من القدرة العسكرية، والتي أُعيد كتابة دستورها بحيث لا تحصل على عضوية الناتو».
ورغم الأجواء الإيجابية في موسكو، كان هناك تذمر بشأن الاتصال وإمكانية محادثات السلام داخل أقصى اليمين الروسي، الذي اكتسب نفوذًا كبيرًا على مدار الحرب.
فقد قال الكاتب القومي الروسي البارز زاخار بريليبين على قناته على تليغرام: «سيسمح ترامب لروسيا بأخذ ما سيطرت عليه، ولكن ليس أكثر بالطبع. وفي الوقت نفسه، سيعرض على أوكرانيا بعض الضمانات».