إساءات قرداحي.. صورة خليجية مضيئة من قلب الأزمة
"دول الخليج على قلب رجل واحد".. رسالة مضيئة أرسلتها دول مجلس التعاون في تضامنها القوي الرافض لأي إساءات توجه للسعودية والإمارات.
تضامن خليجي واسع رفضا واستنكارا لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي المسيئة لجهود السعودية والإمارات في دعم الشرعية باليمن ودفاعه عن مليشيات الحوثي الإرهابية.
مواقف متتالية ومتطابقة صدرت عن السعودية والإمارات والكويت والبحرين ظهر خلالها أهمية اللُحمة الخليجية وتعزيز مسيرة التضامن الخليجي.
ففي أعقاب الكشف عن الإساءات التي صدرت من وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، استدعت ، الأربعاء، كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين سفراء لبنان وسلمتهم مذكرات احتجاج تتضمن رفضها واستنكارها التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
إجراءات قابلتها الحكومة والرئاسة اللبنانية بدفاع مستميت عن قرداحي تحت مبررات أن تلك التصريحات أدلى بها قبيل تنصيبه بشهر، وأنها لا تمثل موقف الحكومة.
وبعد 48 ساعة من احتجاج المملكة ودول الخليج، وعدم اتخاذ لبنان خطوات عملية تتناسب مع حجم الإساءة التي تعرضت لها المملكة، كان لا بد للرياض أن تصعد إجراءاتها الرافضة لتلك السياسات والإساءات، وترسل رسالة واضحة للسلطات اللبنانية بأنه قد نفد رصيدكم لدينا من الصبر، وحان وقت الحزم.
وأعلنت السعودية، أمس الجمعة، استدعاء سفيرها في لبنان للتشاور ومغادرة سفير لبنان لدى المملكة خلال الـ48 ساعة القادمة، ووقف جميع الواردات اللبنانية إلى المملكة.
وإضافة لتلك الإجراءات الثلاثة، أعادت التأكيد على ما سبق أن صدر بخصوص منع سفر المواطنين إلى لبنان.
أيضا لوحت بمزيد من التصعيد، مشيرة إلى أنه "سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى" لحماية أمن المملكة وشعبها.
ومن باب الشفافية وحرصا على كشف الحقيقة أمام الرأي العام العربي والدولي، ومن باب جعل الباب مواربا لإعادة العلاقات حال قيام لبنان بتصويب سياساته، جاء بيان الخارجية السعودية مفسرا لتلك الإجراءات.
البيان شرح أسباب تلك الخطوات وأرجع ذلك لعدد من الأسباب، كلها ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بحزب الله الإرهابي، وتمادي مسؤولي لبنان الموالين له والمقربين منه في الإساءة للمملكة، فضلا عن ارتهان الدولة كلها للحزب الذي يعد دولة داخل الدولة.
الأمر الذي كانت نتيجته سياسات حولت تبعية لبنان للمحور الإيراني المعادي للسعودية والعرب، وجعلته يبتعد كثيرا عن حاضنته العربية والخليجية، ويرهن إرادة الدولة وسيادتها وسياستها الخارجية بأيدي حزب الله الإرهابي.
تضامن خليجي واسع
وفي مواقف تضامنية مع المملكة، أعلنت دولة الإمارات، السبت، سحب دبلوماسييها من الجمهورية اللبنانية.
وقال خليفة شاهين المرر وزير دولة، إن قرار سحب الدبلوماسيين جاء تضامناً مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في ظل النهج غير المقبول من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة.. وأشار إلى استمرارية العمل في القسم القنصلي ومركز التأشيرات في بعثة الدولة لدى بيروت خلال الفترة الحالية.
كما قررت دولة الإمارات منع مواطنيها من السفر إلى لبنان.
وفي الكويت، أعلنت وزارة الخارجية السبت أن دولة الكويت قررت مغادرة القائم بأعمال السفارة اللبنانية لديها خلال 48 ساعة واستدعاء سفيرها في لبنان للتشاور.
وأكدت أن ذلك القرار يأتي "نظرا لإمعان الجمهورية اللبنانية واستمرارها في التصريحات السلبية وعدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة وباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إضافة إلى عدم اتخاذ حكومة الجمهورية اللبنانية الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة لآفة المخدرات إلى الكويت وباقي دول مجلس التعاون".
وأضافت أنها "إذ تأسف لما آلت إليه الأمور فإنها في ذات الوقت لتؤكد حرصها على الأشقاء اللبنانيين المقيمين في دولة الكويت وعدم المساس بهم".
وذكرت أن ذلك يأتي استنادا إلى ما يربط دولة الكويت والمملكة العربية السعودية من جذور تاريخية وروابط عميقة ومصير مشترك.
وفي البحرين، أعلنت وزارة الخارجية أنها طلبت من سفير لبنان لدى المملكة مغادرة أراضيها خلال الـ(48) ساعة القادمة، وذلك على خلفية سلسلة التصريحات والمواقف المرفوضة والمسيئة التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين في الآونة الأخيرة.
وأوضحت الوزارة أن هذا القرار لا يمس بالأشقاء اللبنانيين المقيمين في المملكة.
السعودية والإمارات.. مكانة خاصة
مواقف متتابعة تكشف أن دول الخليج على قلب رجل واحد وإنهم يرفضون أي إساءة تمس دوله ورموزه.
كما تكشف أيضا حجم ومكانة وقدر السعودية والإمارات لدى دول الخليج، وتقدير تلك الدول لدور البلدين التاريخي في تعزيز التضامن الخليجي والحفاظ على تماسك مجلس التعاون منذ أول قمة خليجية عقدت بدعوة من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1981، وصولا للقمة الخليجية الأخيرة الـ41 التي عُقدت في محافظة العلا شمال غرب السعودية، يوم 5 يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي كل موقف أو مناسبة يستذكر أهل الخليج مسيرة التعاون المشترك بين السعودية والإمارات، منذ القمة الأولى التي انعقدت يومي 25 و26 مايو/أيار 1981 في أبوظبي، واتفق خلالها قادة الدول الست، رسميا، على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقام القادة خلال القمة بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول (السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر)، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
وفيما اتفقوا حينها على أن تكون مدينة الرياض بالسعودية مقرا دائما للمجلس، أكدوا خلال البيان الختامي أن "ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط".
ونص إعلان أبوظبي الصادر عن تلك القمة على أن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو استجابة للواقع التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاستراتيجي الذي مرّت وتمرّ به منطقة الخليج العربي.
كما أكد الإعلان أن التضامن الطبيعي الذي يربط البلاد العربية في الخليج حري به أن يظهر في إطار مشترك يجسد كل الخطوات الإيجابية والفعالة الثنائية والجماعية التي اتخذت حتى الآن لصالح شعوب المنطقة.
ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، تواصل السعودية والإمارات مع بقية أشقائها في دول مجلس التعاون العمل على تعميق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وترسيخ أركان المجلس في مرحلة مليئة بالتحديات.