انتهاكات قطر بحق المرأة في 2020.. إرهاب عابر للحدود
لم تقتصر انتهاكات نظام الدوحة على القطريات داخل البلاد، ولا مطاردة الهاربات من جحيمه، أو الخادمات بالمنازل، بل امتدت للمسافرات الأجانب.
أحدث تلك الانتهاكات كان واقعة قيام النظام القطري بانتهاك حقوق مسافرات من عدة دول من بينها أستراليا وبريطانيا ونيوزيلندا وتعريتهن وفحصهن قسرا بشكل "مذل ومهين" بعد العثور على رضيع حديث الولادة بالمطار.
جاء الكشف عن تلك الواقعة بالتزامن مع فضح منظمة العفو الدولية، المعاملة السيئة التي تتلقاها عاملات المنازل الأجانب في قطر، مؤكدةً أنهن يعانين ظروف عمل شديدة القسوة، وبعضهن تعرضن للضرب والتحرش الجنسي والاغتصاب.
انتهاكات قطر ضد المرأة لم تقتصر على المسافرات والعاملات بقطر، بل امتدت حتى للمواطنات القطريات التي بادرن بعضهن للهرب إلى الخارج، وكشف المعاناة التي تتعرض لها المرأة القطرية.
تلك الانتهاكات التي تعد غيض من فيض تؤكد أن التمييز ضد المرأة ليست حالات فردية بل هو نهج للنظام الحاكم في قطر.
في التقرير التالي تسلط "العين الإخبارية" أبرز الوقائع التي تكشف انتهاكات قطر ضد المراة وتمييزها ضدها خلال عام 2020.
رحلة الذل
أجبر الأمن القطري يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نساء مسافرات على متن 10 رحلات جوية بمطار حمد الدولي على النزول من طائراتهن وتم تعريتهن قسرا، وإجبارهن على الخضوع لعمليات تفتيش وفحص طبي مهين ومذل، بعد العثور على رضيعة حديثة الولادة بالمطار.
ومن بين هؤلاء النساء 13 أسترالية، وهن من فضحن ما قامت به سلطات الدوحة من تفتيش مهين لهن ولغيرهن، وطالبن سلطات بلادهن باسترداد حقوقهن.
وعلى خلفية ضغوط أسترالية، اعترفت قطر بعد 26 يوما بالواقعة، مبررة تلك الإجراءات بأن الهدف منها الحيلولة دون فرار الجناة والمتورطين فيها ومغادرتهم الدولة.
وبعد أستراليا، كشفت بريطانيا ونيوزيلندا تعرض نساء من رعاياها للانتهاك "الجائر" نفسه في مطار حمد، وطالبتا بتحرك من سلطات قطر وبالتحقيق في الحادث المروع.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" بدورها هاجمت بشدة التصرف القطري معتبرة أن ما تعرضت له الراكبات يرقى إلى مستوى "الاعتداء الجنسي".
وإزاء تزايد الغضب الدولي، بدأت قطر تتفهم أنها لن تستطيع التملص من جريمتها بتبريرها، فقدم خالد بن خليفة آل ثاني رئيس وزراء قطر اعتذارا عما حدث نهاية الشهر نفسه.
كما أصدر مكتب الاتصال الحكومي القطري بيانا كشف أن التحقيقات الأولية أسفرت عن وجود ما وصفها بـ"تجاوزات في الإجراءات التي تم اتباعها ضد المسافرات".
ولفت إلى أنه "تمت إحالة الواقعة والمسؤولين عن هذه التجاوزات والإجراءات غير القانونية إلى النيابة العامة المختصة بحسب الإجراءات المتبعة".
وفيما كان يترقب الضحايا نتائج التحقيق، أصدرت النيابة القطرية بيانا جديدا، قبل أيام، وبعد نحو شهرين على الجريمة تضمن دفاعا واضحا عن المتهمين بتعرية النساء بمطار حمد، وتبرير ما قاموا به، شكل صدمة جديدة للضحايا، اللاتي يعانين حتى الآن من الصدمة النفسية جراء ما تعرضن له في قطر.
وأشاد البيان بأمن المطار، مشيرا إلى أنه "قام بواجبه القانوني " في البحث والتحري عن مرتكب جريمة إلقاء رضيعة في المطار.
ودافع البيان عما قام به أمن المطار بشأن تعرية المسافرات وإخضاعهن لفحص طبي مهين ومذل، مشيرا إلى أن "بعض الموظفين تجاوزوا في الإجراءات -اعتقاداً منهم بصحتها- موجبات القانون".
ثم تكرر نفس الدفاع في البيان نفسه مرة أخرى، قائلا إنهم تصرفوا بهذا الشكل "اعتقاداً منهم أن ما قاموا به مطابق للقانون".
وفي محاولة لتبرئة المسؤولين الكبار في المطار عن الجريمة، زعم البيان أن من قام بتلك الجريمة تصرف بشكل "منفرد".
وكشفت النيابة العامة القطرية في بيانها أن "التحقيقات كشف أن والدة الرضيعة التي تم العثور عليها في المطار هي من جنسية إحدى الدول الآسيوية، وقد ارتبطت بعلاقة مع شخص آخر من جنسية إحدى الدول الآسيوية كذلك، نجم عن هذه العلاقة الطفلة المعثور عليها، فبادرت الأم أثناء مغادرتها البلاد بإلقاء الطفلة حديثة الولادة في سلة المهملات داخل إحدى دورات المياه بصالة المغادرة بالمطار، واستقلت الطائرة إلى وجهتها.
وبعد دفاعها عن المتهمين من موظفي المطار، اختتمت النيابة العامة، بيانها بأنه تم إحالتهم إلى المحكمة.
ملاحظات عدة أثارت مخاوف الضحايا ببيان النيابة العامة، كان أبرزها تحول النيابة العامة من الادعاء إلى الدفاع عن موظفي مطار حمد، الأمر الذي يثير تساؤلات حول جدية المحاكمة.
أيضا خلا بيان النيابة العامة القطرية من أي بنود تتحدث عن تعويض الضحايا وحقوقهن بعد ما جرى لهن.
كذلك فإن قيام مسافرة بالدخول برضيع برفقتها في المطار ثم إلقائه في الحمام والسفر لوجهتها دون أن يكتشف أحد الأمر، ثم التنكيل بضحايا في طائرات أخرى، هي فضيحة أخرى لأمن المطار الذي مجده بيان النيابة العامة.
كما أن الإعلان الغامض عن هوية أم الرضيعة بعد نحو شهرين من الجريمة، وهو في حد ذاته فضيحة ويثير تساؤلات حول الإجراءات الأمنية المتبعة في المطار وكفاءتها.
ما قامت به الخطوط القطرية في رحلة حلة الذل يعكس نهجها العنصري ضد المرأة، والذي سبق أن كانت أستراليا شاهدة عليه أيضا.
وأثار الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية "أكبر الباكر" جدلا واسعاً خلال الاجتماع السنوي للاتحاد الدولي للنقل الجوي في أستراليا يونيو/حزيران 2018 على خلفية تصريحاته التمييزية ضد المرأة.
ضرب وتحرش واغتصاب العاملات
وبعد نحو 3 أسابيع من جريمة المطار، صدر تقرير لمنظمة العفو الدولية في 20 أكتوبر/ تشرين الأول من الشهر نفسه، فضح المعاملة السيئة التي تتلقاها عاملات المنازل الأجانب في قطر، وأكد أنهن يعانين من ظروف عمل شديدة القسوة، وبعضهن تعرضن للضرب والتحرش الجنسي والاغتصاب.
ورسم التقرير صورة قاتمة لأوضاع نساء تم استقدامهن للعمل في قطر بعد تلقيهن وعودا كاذبة تتعلق بالرواتب وظروف العمل، ولم يجدن بانتظارهن سوى ساعات العمل الطويلة يوميا، وعلى مدار أيام الأسبوع.
واستند التقرير إلى لقاءات أجرتها المنظمة مع 105 نساء، حيث قالت نحو 85% إنهن نادرا ما يحصلن على أيام راحة أو لا يحصلن على الإطلاق، وإن أرباب عملهن يحتفظون بجوازات سفرهن.
فيما كشفت العديد من هؤلاء النساء أنهن يتقاضين أجورهن بشكل متأخر أو لا يتقاضينها على الإطلاق.
وأفادت خمس منهن بأنهن تعرضن للاعتداء الجنسي، وفي بعض الحالات للاغتصاب، في نسبة تعتبر كبيرة بالنسبة للعينة، بتطبيقها على 173 ألف امرأة يعملن خادمات بالمنازل، ما يعني أن نتيجة اللواتي يشتكين من الاعتداءات الجنسية والاغتصاب ستكون بالآلاف.
وأشارت النساء اللواتي التقت بهن المنظمة الدولية إلى سوء ظروف العمل وتعرضهن لاعتداءات لفظية وبدنية وإذلال، وأكدت 24 امرأة أنهن لا يحصلن على طعام مناسب، أو يأكلن من فضلات الطعام، وينمن على الأرض ويحرمن من الرعاية الطبية.
وقالت نساء أخريات إنهن تعرضن للضرب والتحرش الجنسي أو حتى الاغتصاب، وشمل استطلاع المنظمة ناشطين وكذلك موظفون في سفارات بلدان هؤلاء النساء.
وكشف تقرير العفو الدولية أنه: "تسود ثقافة الإفلات من العقاب، إذ نادرا ما تتم محاسبة الأشخاص الذين يسيئون إلى العاملات بالمنازل، هذا إن حوسبوا أصلا".
ودعا التقرير الدوحة إلى "ضمان تسجيل حالات العنف الجنسي، واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها وإقامة العدل بشأنها، وإنشاء آلية فعالة لمنع العنف الجنسي الذي تتعرض له العاملات الأجنبيات".
هروب القطريات
تمييز نظام الحمدين ضد المرأة لم يستثن القطريات اللواتي اضطر بعضهن للهروب لفضح تلك الانتهاكات، من بينهن نوف المعاضيد، وعائشة القحطاني.
وكرست كل من المعاضيد والقحطاني حساباتهما عبر مواقع التواصل لفضح انتهاكات تنظيم الحمدين ضد المرأة.
وسبق أن تحدثت المعاضيد، في مقطع فيديو بعنوان "الحقوق المسلوبة في دولة قطر"، عن عدم السماح للقطريات بالقيادة أو السفر أو العمل إلا بموافقة ولي أمرها.
وهربت المعاضيد في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولحقت بها إلى لندن في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، القطرية عائشة القحطاني، وهي الابنة الصغرى لمسؤول عسكري بارز.
وفي مارس/آذار الماضي، كشفت صحيفة "صنداي تايمز"، عن قصة القحطاني الهاربة من عائلتها الثرية، حيث تعيش في بريطانيا في خوف دائم من الملاحقة والاختطاف، لكنها تسعى لفضح زيف "الصورة البراقة" التي يحاول نظام الدوحة أن يصنعها، بينما يواصل قمع النساء.
وفي أول مقابلة لها منذ وصولها إلى بريطانيا، قالت القحطاني إن برج "شارد"، وهي ناطحة سحاب في لندن مملوكة لقطر، تذكير بالصورة البراقة التي تحاول بلادها أن تصنعها بينما تواصل قمع النساء.
انتهاكات متواصلة
وتعاني المرأة في قطر من التمييز ضدها في عدد من المجالات، وعلى خلفية هذا الوضع تعرضت قطر للعديد من الانتهاكات الحقوقية.
وحتى اليوم، تعد قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تواصل تطبيق قوانين الوصاية على سفر الإناث.
ووفقا لموقع وزارة الداخلية القطرية تحتاج النساء غير المتزوجات اللائي تقل أعمارهن عن 25 عاما لموافقة ولي الأمر.
ويمكن للرجال القطريين أيضا التقدم للمحاكم لمنع زوجاتهم من السفر، حيث يقول الموقع: "إن المتزوجة يحق لها السفر دون مأذونية بغض النظر عن السن، وعلى الزوج في حالة عدم الرغبة في سفرها اللجوء للمحكمة المختصة لمنع سفرها".
ويوجد تمييز واضح على أساس الجنس في قوانين السفر، ففي مقابل القيود المفروضة على المرأة "يسمح للذكور لمن بلغ سن 18 سنة فأكثر بالسفر من دون حاجة لإذن من ولي".
وحتى يوجد تمييز على أساس الجنس فيما يتعلق باستخراج جوازات السفر، فبحسب بوابة الحكومة الإلكترونية الرسمية القطرية "يمكن للقطريين من الذكور الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما التقدم بطلب لإصدار جوازات سفر جديدة لهم أو لمن يعولونهم. كما يمكنهم أيضا تقديم الطلب نيابة عن البنات والأخوات غير المتزوجات".
وسبق أن أطلقت قطريات حملة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تحت عنوان #حقوق_المرأة_القطرية أكدن فيها أن بلادهن أصبحت الدولة الخليجية الوحيدة التي تضع قيودا على سفر نسائها، داعيات إلى إنهاء التمييز ضدهن ليس في السفر فحسب بل في قوانين الأحوال الشخصية والعمل والجنسية ومجالات أخرى.
aXA6IDE4LjE4OS4xODUuNjMg جزيرة ام اند امز