تعذيب ودواعش.. سجين فرنسي يوثق سجل قطر الإجرامي
تعذيب حتى الموت، وجثث متعفنة ملقاة بالممرات، وروائح كريهة تنبعث من كل مكان، ودواعش يغادرون السجن ويعودون إليه متى أرادوا.
نبذة عن السجن المركزي بالعاصمة القطرية الدوحة، كما قدمها مقاول فرنسي يدعى جون بيير مارونجي، اختار تقاسم تجربته المريرة مع العالم، وفضح ما يحدث وراء تلك الأسوار من فظاعات.
انتهاكات حقوقية تجاوزت أكثر الخروقات قسوة في التاريخ البشري، وثقها مارونجي في كتاب بعنوان "نهاية طريق الجحيم القطري".
ومن بوابة ذلك الجحيم الذي أفلت منه، شارك مارونجي العالم قصته الكاملة في سجن النظام القطري، هناك حيث يترعرع التطرّف في أكمل تجلياته، وتنشط خلايا الدواعش في مكان آمن لن يخطر ببال أكثر الناس حذرا أنه قد يكون معقلا لإرهابيين، وهناك أيضا حيث ترتكب أبشع الجرائم بحق المساجين.
تعذيب
مارونجي، مقاول فرنسي سجنته الدوحة بتهمة توقيع شيكات بدون رصيد، وذلك بعد خلاف مع شريكه من أحد أعضاء الأسرة القطرية الحاكمة المقربة من الأمير تميم بن حمد.
صادر تميم أمواله وأفرغ حساباته ورفض إعطاءه مستحقاته، ما تسبب في اتهامه بتوقيع شيكات بدون رصيد، والحكم عليه بالسجن 7 سنوات.
وفي الزنازين، اكتشف مارونجي كواليس النظام ووجهه الحقيقي البشع، مستعرضا التعذيب الذي كان السجناء يتعرضون له من قبل جلادين كلفوا بمهام محددة تستهدف خصوصا "المتمردين" أو "أعداء" تميم.
وفي مقابلة سابقة مع العين الإخبارية من العاصمة الفرنسية باريس، تحدث مارونجي عن سجين أردني تعرّض للضرب والتعذيب حتى الموت في السجن المركزي بالدوحة.
ولم يذكر مارونجي اسم السجين الأردني، ولكنه وصفه بـ"المتمرد"، في إشارة على ما يبدو لرفضه لنظام الدواعش في السجن، أو لاحتمال إبدائه لأي رفض أو انتقاد لأمر ما.
ومهما يكن من سبب، فإن المؤكد هو أن السجين الأردني لقي حتفه ضربا وتحت التعذيب، وعلى مرأى من جميع السجناء، والأسوأ أن جثته ظلت مرمية على الأرض بمكانها، حتى تعفّنت وعمّت الروائح الكريهة المكان، وأقلقت "خياشيم أتباع الخليفة"، كما يقول مارونجي في كتابه.
ولم يذكر مارونجي أي تفاصيل أخرى عن خلفية سجن الأردني، لكنه تحدث عن أسباب سجنه هو، قائلا إن الدوحة سجنته بتهمة توقيع شيكات بدون رصيد، وذلك بعد خلاف مع شريكه من أحد أعضاء الأسرة القطرية الحاكمة المقربة من تميم.
انتقام
انتهاكات تنظيم الحمدين لم تقتصر على الأجانب أو الوافدين، بل طالت أيضا القطريين وحتى أبناء العائلة الحاكمة.
حملة قمعية شنها تميم بن حمد على أبناء أسرته وزج بهم في السجن بتهم ملفقة لمجرد فضهم سياسة التقارب مع تنظيم الإخوان الإرهابي.
خروقات تحدث عنها مارونجي، قائلا إن تحركات غريبة حدثت، في نوفمبر تشرين ثان 2017، داخل السجن، وسمعوا دوي سقوط صواريخ، قبل تداول أنباء عن محاولة لإخراج العشرات من آل ثاني المسجونين بلا ذنب.
مارونجي قال أيضا إنه رأى، عقب قطع كل من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب: السعودية والإمارات والبحرين ومصر ، علاقاتها مع قطر على خلفية دعمها للإرهاب، نحو 20 من أعضاء الأسرة الحاكمة في سجن الدوحة، بينهم طلال بن عبد العزيز آل ثاني، ابن عم أمير الدوحة تميم بن حمد.
دواعش
في ذلك السجن، يقول مارونجي، يخضع السجناء وحتى الموظفون أنفسهم لتعليمات من "الدواعش" المفترض أنهم سجناء.
فهناك، ينشط الدواعش بلا قيود، ويغادرون السجن متى أرادوا، ويملون شروطهم على بقية المساجين، ومن يتمرّد يكون مصيره الضرب والقتل تحت التعذيب.
وفي كتابه الذي جاء في شكل مذكرات توثق حياته في سجن الحمدين، يقول مارونجي إن "الدوحة اعتقلت غداة مقاطعتها من الرباعي العربي، في يونيو /حزيران 2017، نحو 25 قطريا بتهمة الانضمام لـ"داعش".
وأوضح أن أسباب اعتقال هؤلاء الدواعش طالما يتمتعون بكل تلك الامتيازات، واصفا الخطوة القطرية بـ"المهزلة الموجهة للإعلام الغربي"، أي أن الدوحة تتظاهر باعتقال هؤلاء الإرهابيين، لتدفع عن نفسها تهمة دعم الإرهاب.
وأبدى مارونجي استغرابه من التناقض الصارخ بين ما تدعيه الدوحة في إعلامها وبين ما يحدث فعلا على الأرض.
وأشار إلى أن هؤلاء المساجين المفترض أنهم "دواعش"، كانوا يغادرون السجن أنى شاؤوا ويعودون إليه متى أرادوا أيضا، بل "كانوا هم من يصدر الأوامر لموظفي السجن".
أما بالنسبة للنظام الداخلي، فلسجون الدوحة نظام خاص، بحسب مارونجي، حيث تجبر الدوحة السجناء المسلمين على إطالة لحيهم، ويمنعون من تدخين السجائر، فيما يجبر غير المسلمين منهم على دفع "الجزية".