القصة كاملة.. كيف حاول سفير قطر لدى بلجيكا إخفاء تمويل حزب الله؟
عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي عرض مبالغ مالية ضخمة على عميل استخباراتي غربي سابق لتغطية تمويل الدوحة لحزب الله
على مدار أشهر طويلة، عمل سفير قطر لدى بلجيكا عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي، بمساعدة شركة علاقات ألمانية عامة كبيرة، على إخفاء جريمة دعم الدوحة لحزب الله الإرهابي، بالمال والسلاح.
الخليفي عرض خلالها مبالغ مالية ضخمة على عميل استخباراتي غربي سابق، في فضيحة جديدة تضاف لملف التمويل القطري للإرهاب.
البداية كانت في 2016، حينما بدأ عميل ألماني معروف إعلاميا بـ"جايسون جي" العمل بشكل سري في الدوحة، لصالح أحد أجهزة الاستخبارات الغربية، بهدف جمع المعلومات عن نشاط قطر في تمويل التنظيمات الإرهابية.
المهمة التي استمرت حتى بداية عام 2017، انتهت بحصول "جايسون جي" على ملف وثائق ثمين يشمل معلومات عن صفقة سلاح اشترتها شركة قطرية من أوروبا الشرقية، لصالح حزب الله، وأموال جمعتها منظمتين قطريتين تعملان تحت غطاء العمل الخيري، لصالح الميلشيات اللبنانية، بمعرفة عنصر من العائلة القطرية الحاكمة ومسؤولين حكوميين.
جايسون جي، وهو عميل ذو باع طويل في العمل السري وخدم لمدة 16 عاما في جهاز استخبارات غربي قوي، حصل على الملف من مسؤول أمني قطري كبير نجح في تجنيده كمصدر، حسب ما ذكره العميل نفسه في تصريحات لصحيفة "برلينر تسايتونج" الألمانية.
وبعد عودة "جايسون" لبرلين في منتصف عام 2017، حاول استغلال الملف الذي بحوزته، لكن لم يكن يعرف كيف يبدأ؟، إلى أن التقى بمحام (غير معروف اسمه) في العاصمة الألمانية، على اتصال جيد بشبكات السياسة في الأراضي الألمانية.
هذا المحامي، وفق صحيفة دي تسايت الألمانية، قدم جايسون إلى مايكل إيناكير، رئيس شركة العلاقات العامة والضغط الأشهر في ألمانيا، "WMP Eurocom".
ويملك إيناكير علاقة قوية مع السفير القطري في بلجيكا الخليفي، كما أن الشركة الألمانية تملك سجلا من التعامل مع الدوحة.
وفي لقاء في برلين، عرض جايسون ملف الوثائق الذي يدين قطر على إيناكير، وناقشا في الاجتماع السؤال الأهم: كم تبلغ قيمة الملف؟، ووصلت التقديرات حتى 10 ملايين يورو.
وقال إيناكير لصحيفة "دي تسايت" الألمانية: "ربما كان هذا المبلغ هو ما يتمناه العميل السابق"، مضيفا: "الوثائق يمكن أن تلعب دورا مهما للغاية في عملية مكافحة تمويل الإرهاب".
لذلك، أقام إيناكير اتصالا مع الاستخبارات الألمانية، وعرض عليها الملف، وانتقل الأمر إلى أجهزة الأمن والمعلومات في برلين التي تولت تقييم جايسون جي وتاريخه السابق، وخلصت إلى أن "الأمر مثير للاهتمام وذي صلة بتمويل الإرهاب"، وفق دي تسايت.
ومن ثم، بدأت محاولات التغطية على هذه الوثائق، إذ قدم إيناكير صورة من الملف إلى دبلوماسي قطري كبير على علاقة قوية به، هو عبد الرحمن الخليفي.
وفي مطلع 2019، نجحت وساطة إيناكير في تنظيم أول لقاء بين جايسون والخليفي في بروكسل، حيث تناول الرجال الثلاثة الغداء.
ومنذ هذا التاريخ، التقى جايسون والخليفي 6 مرات في بروكسل، عبر فيها الأخير عن سعادته "لمشاركة جايسون جي في تطهير بلاده من المشاركين في تمويل التنظيمات الإرهابية"، وتعهد بـ"طرد المشتبه بهم" من أروقة السلطة القطرية.
وأبلغ جايسون صحيفة دي تسايت الألمانية أنه حصل في كل اجتماع مع الخليفي على 10 آلاف يورو، ثم سلمه القطريون بعد ذلك 100 ألف يورو.
وفي بداية 2019، وقع جايسون جي والدبلوماسي القطري مذكرة تفاهم، اطلعت مجلة "شتيرن" الألمانية على نسخة منها، تنص على عمل جايسون كمستشار للدوحة لمدة عام، مقابل ١٠ آلاف يورو شهريا، فضلا عن مدفوعات أخرى حصل عليها في نفس الفترة.
وتعهد الخليفي لجايسون بعدم ملاحقته بتهم التجسس، وعدم مشاركة المعلومات الموجودة بالملف مع دول أخرى.
وحصلت شركة "WMP Eurocom" الألمانية على 20% من إجمالي الأموال التي حصل عليها جايسون بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها في أغسطس 2019، مقابل وساطتها.
ورغم هذه الكمية من الأموال، احتفظ جايسون بأصل الملف، ولم يمنحه للخليفي، لذلك بدأ الأخير، بوساطة من إيناكير، السعي لتوقيع اتفاقية صمت مع العميل الاستخباراتي.
ومع بداية 2020، عرض الخليفي على جايسون توقيع اتفاقية صمت مقابل حصول العميل الاستخباراتي على 750 ألف يورو جديدة. وكانت الاتفاقية تلزم جايسون بعدم الحديث عن الملف الذي بحوزته وما فيه من معلومات، وتنص على غرامة ضخمة في حال مخالفته الاتفاق، وفق دي تسايت.
فيما أوضحت صحيفة برلينر تسايتونج نقلا عن مصادر لم تسمها أن مايكل إيناكير كان وسيطا في التفاوض بين الخليفي وجايسون على توقيع اتفاقية الصمت.
وكان الاتفاق ينص على حصول الشركة التي يديرها إيناكير على 300 ألف يورو من قطر في حال نجاحها في إقناع جايسون بتوقيع الاتفاق.
وبالفعل، تواصل إيناكير مع شركة محاماة كبيرة في ألمانيا لمساعدة جايسون في صياغة وتوقيع اتفاقية الصمت مع قطر.
ثم وقع جايسون عقد مع شركة المحاماة بالفعل يوم 18 مايو الماضي، لتكون ممثلة له رسميا، وتبدأ صياغة الاتفاق مع قطر، وفق مجلة شتيرن.
لكن في 13 يوليو/تموز الماضي، أرسل جايسون رسالة بريد إلكتروني إلى مكتب المحاماة، يبلغه فيها بتراجعه عن توقيع اتفاق الصمت مع قطر.
وبرر جايسون رفضه التوقيع في تصريحات لصحيفة "دي تسايت"، حيث قال إنه "أبرم الصفقة الأولى مع القطريين لأنهم تعهدوا بطرد ممولي حزب الله من أوساط السياسة والسلطة" لكنهم لم يفعلوا شيئا، ومن ثم تراجع عن توقيع اتفاق الصمت.
وبعدها، كشف جايسون المعلومات التي بحوزته لصحيفة "دي تسايت" الألمانية، وقال في هذا الإطار "كشفت المعلومات لفضح ممولي حزب الله في قطر والمسؤولين القطريين الذين يوفرون لهم الحماية".
aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA=
جزيرة ام اند امز